دوافع إدارة ترامب لرعاية توقيع اتفاقية أمنية بين سوريا وإسرائيل

دوافع إدارة ترامب لرعاية توقيع اتفاقية أمنية بين سوريا وإسرائيل

2025-09-22
199 مشاهدة

انخرطت إدارة ترامب الأمريكية منذ نيسان/ إبريل 2025 في رعاية وساطة تهدف لخفض التصعيد بين سوريا وإسرائيل، مع دفع الطرفين إلى توقيع اتفاقية أمنية تساهم بتعزيز الاستقرار في سوريا، وقد تخلل هذه الوساطة تدخُّل الإدارة الأمريكية في بعض الأحيان وممارستها بعض الضغوط على تل أبيب للحَدّ من توسيع الهجمات الإسرائيلية على سوريا.

المعطيات الأولية بخصوص مضامين الاتفاق الذي يؤكد مسؤولون أمريكيون أن الإعلان عنه بات قريباً، تشير إلى أنه يراعي إلى حدّ كبير المتطلبات الأمنية الإسرائيلية كونه يتضمن بنوداً تحدّ من انتشار السلاح الثقيل قرب حدود هضبة الجولان، وقد يشمل أيضاً منطقة محظورة على الطيران السوري، وبالمقابل سيضمن عدم الانزلاق إلى مواجهة أوسع بين إسرائيل وسوريا؛ كونه سيوقف الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية.

تضع إدارة ترامب على رأس أولوياتها تقليص النفوذ الإيراني في المنطقة، ولذا فإنها معنية بمنع توسع الهجمات الإسرائيلية على الأراضي السورية بالشكل الذي يؤدي إلى تقويض السيطرة الأمنية، لأن هذا السيناريو سيفتح المجال أمام تدخُّلات خارجية وعلى رأسها إيران التي تتربص الفرص من أجل العودة إلى الساحة السورية مجدَّداً، ويبدو أن الإدارة السورية أيضاً لا تستبعد خيار استعادة العلاقة مع إيران في ظلّ استمرار الضغوطات الإسرائيلية، وهذا ما أشار له الرئيس السوري أحمد الشرع خلال مقابلة تلفزيونية له مطلع أيلول/ سبتمبر 2025، حيث أكد أن العلاقات مع طهران لن تبقى مقطوعة للأبد.

من جهة أخرى، فإن الضغوطات الإسرائيلية ستدفع دمشق للتوجه إلى روسيا بشكل أكبر، وإتاحة المجال أمام قواعدها العسكرية للبقاء والتوسُّع، ومن المُلاحَظ تسارُع الخُطوات الأمريكية تجاه سوريا بعد زيارة وفد روسي رفيع إلى دمشق مطلع أيلول/ سبتمبر 2025، فقد تم بعدها إقرار إزالة العقوبات عن سوريا بموجب قانون قيصر على الرغم من ترك الباب مفتوحاً أمام إعادتها لاحقاً لضمان بقائها ورقةَ ضغطٍ، كما استقبلت الولايات المتحدة وزير الخارجية السوري أسعد شيباني منتصف الشهر ذاته، وتبعه مَنْح الرئيس السوري أحمد الشرع موافقة على زيارة أمريكا من أجل عَقْد لقاءات مع الجالية السورية في أمريكا قُبيل اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة.

أيضاً، أبدت الإدارة السورية الحالية في مناسبات عديدة استعداداً للتنسيق مع القوات الأمريكية من أجل منع ظهور تنظيم داعش مجدداً، وفيما يبدو تُعوِّل إدارة ترامب على توسيع هذا التعاون لتتمكن من تقليص انتشارها العسكري في سوريا، والإبقاء فقط على مستشارين يقدمون الاستشارات للجيش السوري الجديد الذي تطمح لأن يكون له علاقات جيدة مع واشنطن، وبالتالي فإن  الوساطة بين دمشق وتل أبيب تخدم فكرة تعزيز العلاقات مع سوريا.

على العموم، يبدو أن إدارة ترامب تريد ضمان استمرار عدم قدرة إيران على استغلال الأراضي السورية للوصول إلى البحر المتوسط أو لبنان، ليُتاح لها استكمال عملية نزع سلاح حزب الله اللبناني، لكن بالشكل الذي لا يجعل الحكومة السورية الحالية تُشكّل تهديداً لإسرائيل، وهذا ما يفسر قَرْن عودة العقوبات على سوريا بسلوكها تجاه دول الجوار، ومن جهة أخرى لا ترغب بأن يستعيد تنظيم داعش نشاطه بالشكل الذي يُجبِر الإدارةَ على مراجعة خُطَطها المتعلقة بتقليص الانتشار في المنطقة.