الصراع بين زعماء غرب ليبيا قد يؤدي إلى انقسام جديد للمؤسسات الليبية
2024-09-04775 مشاهدة
وصل الصراع داخل معسكر غرب ليبيا إلى ذروته في شهرَيْ أغسطس وسبتمبر من عام 2024، حيث عززته انتخابات رئاسة المجلس الأعلى للدولة، ثم إطاحة رئيس حكومة الغرب (الوحدة الوطنية) عبد الحميد الدبيبة بمحافظ المصرف المركزي الصديق الكبير.
في مطلع أغسطس 2024أظهرت نتائج انتخابات رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا تساوي أصوات خالد المشري الرئيس الأسبق للمجلس والمنحدر من مصراتة، مع محمد تكالة آخِر رئيس للمجلس والمقرب من الدبيبة، لكن أنصار المشري احتجوا بوجود ورقة مخالفة لقانون الانتخابات بسبب الكتابة على ظهرها، وبات كل مرشح يتصرف على أنه هو الرئيس الفعلي؛ لأن المشري تمسك ببطلان الورقة وبالتالي فوزه بالانتخابات، أما تكالة فرفض الاعتراف بالنتائج وأكد نيته إبقاء الأمور على حالها، على الرغم من عقد المشري لجلسة تصويت نتج عنها تصويت 67عضواً من المجلس على بطلان الورقة المُختلَف على صحتها.
في أواخر الشهر المذكور تحرك المجلس الرئاسي الليبي بالتنسيق مع الدبيبة، وبعد تفاهمات مع فصائل غرب ليبيا، عزلوا محافظ البنك المركزي الصديق الكبير، الذي غادر البلاد هو وبعض الموظفين، مع تولي نائبه مرعي البرعصي مهام المحافظ بالإنابة إلى حين التوافق على محافظ جديد بالتشاور بين المجلس النيابي والمجلس الأعلى للدولة، في ظلّ تمسُّك الكبير بمنصبه والتأكيد على قدرته على إدارة المصرف من خارج البلاد.
الخلافات الكبيرة التي طفت على السطح مؤخراً تعود إلى مخاوف رئيس حكومة الغرب الحالي الدبيبة من وجود تحالُف يستهدف إبعاده عن منصبه وبرعاية إقليمية، ويتألف من عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، والصديق الكبير محافظ البنك المركزي، وخالد المشري الرئيس الأسبق للمجلس الأعلى للدولة والمرشح للرئاسة مجدداً، حيث يسود اعتقاد في أوساط حكومة الغرب أن المشري بعد سيطرته على المجلس الأعلى سيعقد اتفاقاً مع صالح ينص على إنهاء حقبة الحكومة الحالية، وتأسيس حكومة موحَّدة، ومحاولة تقديمها للمجتمع الدولي بحكم موافقة مجلسَي النواب والدولة عليها، ولهذا السبب يرفض الدبيبة ومحمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي المقرَّب منه، والرئيس السابق للمجلس الأعلى للدولة تكالة نتائج الانتخابات الأخيرة، ويصرون على إنهاء ولاية محافظ البنك المركزي الحالي بهدف تقويض توافُقات التحالف الثلاثي ضدهم (صالح – المشري – الكبير).
على الأرجح، الأحداث الأخيرة ستؤدي إلى انقسام المجلس الأعلى للدولة، وعرقلة عمل البنك المركزي، في ظلّ تمسُّك كل طرف برؤيته ومُكتسَباته، في تكرار لما حصل سابقاً عندما انقسمت المؤسسات نتيجة الصراع بين الشرق والغرب الذي أفرز وجود حكومتين وجيشين، وغالباً لن يتم حسم هذه الخلافات إلا من خلال تدخُّل أممي ودولي فعّال.