ما تأثير وفاة باطرفي قائد القاعدة في اليمن على التنظيم؟
2024-03-14906 مشاهدة
بتاريخ 10 آذار/ مارس 2024 أعلن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب على لسان خبيب السوداني -عضو مجلس شورى تنظيم القاعدة في جزيرة العرب- وفاة خالد باطرفي (أبي المقداد الكِنْدي) قائد التنظيم في اليمن، وقد أعلن السوداني في الوقت ذاته عن تعيين مجلس الشورى لسعد بن عاطف العولقي (أبي الليث اليمني) على رأس التنظيم.
تعود شهرة باطرفي إلى تاريخه الطويل في العمل الجهادي، فقد كان أحد أبرز العسكريين السعوديين الذين انتقلوا إلى أفغانستان عام 1999 وتدرّب في معسكر الفاروق الخاص بعناصر القاعدة، وقاتل إلى جانب طالبان ضد الأمريكيين إلى عام 2010 حيث انتقل إلى اليمن ليكون إلى جانب ناصر الوحيشي قائد تنظيم القاعدة فيها، إلا أن باطرفي اعتُقل عام 2011، وفي عام 2015 استطاع التنظيم تنفيذ عملية تهريب لعدد كبير من السجناء في سجن "المكلا" من بينهم خالد باطرفي الذي قادَ لاحقاً عمليات السيطرة على المدينة نفسها والتوسُّع في أبين ومدن أخرى، كما عمل قاضياً شرعيّاً ومتحدثاً رسميّاً باسم تنظيم القاعدة في جزيرة العرب.
في 23 كانون الثاني/ يناير 2018، صنَّفت وزارة الخارجية الأمريكية باطرفي بشكل خاص كإرهابي عالمي، ومع مقتل قاسم الريمي قائد التنظيم في اليمن بهجوم بطائرة أمريكية مسيرة، تولى باطرفي قيادة التنظيم في شباط/ فبراير 2020، وقد ظهر باطرفي في إصدارات عديدة يهدد فيها الولايات المتحدة وإسرائيل بتدمير الاقتصاد والعمليات الشبيهة بعمليات أيلول/ سبتمبر 2001 إلا أنه لم يحقق من ذلك أيّ شيء، وإنما غرق إثر توليه القيادة في نزاعات داخلية مع التنظيم أدّت -تحت مسمّى مكافحة الجواسيس- إلى قتل العديد من خصوم باطرفي دون أن يثبت عليهم أي اتهام، إلى جانب اتهامه أبا عمر النهدي أحد أهم قيادات التنظيم في اليمن بالوقوف وراء اغتيال قاسم الريمي، القائد السابق للتنظيم، مما دفع قيادات عديدة للتنظيم في اليمن إلى الانشقاق عنه أو رفع شكاوى لقيادة التنظيم تسرد تفاصيل حربه الداخلية على منافسيه باتهامهم بالجاسوسية.
تشير بعض التقارير إلى أن مجموعة القاعدة القيادية القديمة في اليمن لم يتبقَّ منها بعد وفاة أبي عمر السوري (أحد أهم الكوادر الطبية في التنظيم) وخالد باطرفي سوى قياديين هما إبراهيم القوسي "أبو خبيب السوداني" الذي يشغل منصب مساعد أمير التنظيم في اليمن منذ عام 2015، وإبراهيم البنا، وهو مسؤول اللجنة الأمنية في تنظيم القاعدة باليمن، إلا أن اختيار متأخر عنهما (العولقي) في الرتبة وتاريخ الانضمام يؤكد سعي التنظيم للحفاظ على الوجه القَبَليّ لقيادته من ناحية، وإمكانية محاولة إعادة استقطاب القبائل السُّنية المحيطة بهم مرة أخرى، خاصة بعد انشقاق عدة فروع قبائلية عن دعم التنظيم بسبب أفعال باطرفي الأمنية ضدهم.
شغل العولقي منذ عام 2015 عضوية مجلس شورى التنظيم، وهو على قائمة "برنامج المكافآت من أجل العدالة" الأمريكي، وقد عرضت الولايات المتحدة مكافأة تصل إلى ستة ملايين دولار لمن يُدلي بمعلومات تؤدي للقبض عليه.
من المحتمل أن يسعى العولقي إلى معالجة الخلافات والأزمات الداخلية في التنظيم، إلا أن ذلك يتطلّب حلولاً جذرية في ظل الشكوك وعدم الثقة بين قيادات التنظيم الأمنية والعسكرية، إلا أن مهمته تبدو في غاية الصعوبة، نظراً لكونه واحداً من أهم الأدوات التي نفذ بها باطرفي سياسته في تفكيك القيادات القديمة، والتي لا تتوافق فعلياً مع إستراتيجية سيف العدل (زعيم القاعدة بعد الظواهري) الذي طلب من التنظيم التراجُع أمام القوات الحوثية في البيضاء ومواجهة القوات الحكومية في شبوة.
بالرغم من ذلك فإن سعد العولقي يمتلك شعبية ونفوذاً أكبر من القائد السابق، وقد تدفعه علاقاته القبائلية لرفض تنفيذ إستراتيجية سيف العدل الذي يُعَدّ القائد الفعلي لتنظيم القاعدة حاليًا.