الآثار الاقتصادية للعملية العسكرية الروسية في إقليم دونباس

الآثار الاقتصادية للعملية العسكرية الروسية في إقليم دونباس

2022-02-24
2475 مشاهدة

على إثر التوترات العالمية التي ترافقت مع بَدْء العملية العسكرية الروسية للسيطرة على إقليم دونباس، وفي ظل أسواق عالمية تتمتع بالكفاءة وبالتالي انعكاس المعلومات بشكل مباشر على الأسعار والأسواق، وفي وقت بدَا فيه أن العملية العسكرية تأتي في سياق مرتبط بآثار الأزمة الاقتصادية العالمية التي سببها انتشار وباء "كوفيد-10” وما تبعه من متحوّرات، فإن الآثار الاقتصادية المترتبة على هذه العملية تنعكس بشكل رئيسي على النحو التالي:

  • أسعار النفط: نلاحظ على الفور أن أسعار النفط التي كانت تقاوم تحت خط 100 دولار للبرميل ارتفعت فوق هذا الحد، مما يجعلنا نتوقع بأن يستمر الارتفاع السعري بشكل يرتبط بمدة العملية وأبعادها وكذلك بردود أفعال الجهات الدولية، ففرض عقوبات على شركات النفط الروسي سيساهم بشكل كبير في تخفيض المعروض وبالتالي سترتفع الأسعار، كما أن زيادة مدة العملية العسكرية ستَتَسبَّب بدخول الأسواق بحالة من الضبابية تحفز الأسعار على الارتفاع.

  • أسعار السلع الرئيسية: تُعتبَر كلٌّ من روسيا وأوكرانيا مصدريْنِ رئيسييْنِ للحبوب الرئيسية كالقمح والذرة والشعير إضافة إلى كميات كبيرة من اللحوم والتبغ، وهذا التوتر سيؤثر بكل تأكيد على قدرة الدول على استجرار الكميات المطلوبة من هذه الدول، وبالتالي فإن أسعار السلع الرئيسية الآخِذة بالارتفاع أساساً سترتفع بمعدلات أكبر خلال فترة العملية.

  • إمدادات الغاز إلى أوروبا: تعتمد الدول الأوروبية في ثلث استهلاكها على الغاز الروسي. ورغم اقتراب انتهاء موسم الشتاء إلا أن الكميات المستهلَكة تبقى مرتفعة نسبياً، وتُعَدّ كل من ألمانيا وهولندا ثم إيطاليا أكبر المتأثرين بضعف الإمداد أو انقطاعه، وتليها تركيا. ويتوقع أن تتخذ الدول الغربية قراراً بالتخلي عن الكميات المشتراة مباشرة من روسيا بشكل جزئي أو كلي على حساب بدائل أخرى من الولايات المتحدة الأمريكية ومصر والجزائر وقطر، ولكن هذه الكميات قد تؤثر في قدرة الدول البديلة للغاز الروسي على التوريد والالتزام بعقودها متوسطة الأجل، مما يجعل الأسواق تدخل في حالة من الضبابية وترفع من أسعار التعاقُدات المقبلة.

  • العقوبات الاقتصادية: هددت الدول الغربية بعقوبات غير مسبوقة في حال حصلت العملية العسكرية. العقوبات ستستهدف النظام البنكي الروسي، والمؤسسة العسكرية، والمؤسسات النفطية الرئيسية إضافة إلى أفراد ومؤسسات روسية. وسوف تؤثر هذه العقوبات على آليات التعامل مع الشركات النفطية الروسية واستثماراتها في العالم والاستثمارات المشتركة معها من قِبل مختلف الدول، وكذلك الاستثمارات في الديون الروسية، حيث يبلغ الدَّيْن الخارجي الروسي حوالَيْ 60 مليار دولار أمريكي مطروح في أسواق أوروبيةـ إضافة إلى ديون على شركة "غازبروم" الروسية بحوالَيْ 2 مليار دولار أمريكي

  • قضايا الهجرة: لا شكَّ أن الحروب والعمليات العسكرية دائماً تُولّد فارين من الحرب، وتُعَد مسألة الهجرة واللجوء إحدى المسائل التي ستظهر آثارها منذ الساعات الأولى للعملية العسكرية، حيث يُتوقع أن يتدفق آلاف من الأسر خارج أوكرانيا إلى دول أوربا بشكل رئيسي.

هكذا نجد أن العملية العسكرية حتى وإن اتخذت شكل عملية عسكرية سريعة ومحدودة، فإن آثارها لن تقف في نطاق إقليمي أو محلي بل ستتوسَّع لتشمل الأسواق الحيوية والسلع الرئيسية وستمتد لتشمل دول أوروبا والشرق الأوسط وبعض الدول الآسيوية.