"طوفان الأقصى" في الصحافة الإسرائيلية: بين الإخفاق الاستخباري والعسكري والمشهد السياسي المُتأزِّم
2023-10-111155 مشاهدة
مقدمة:
تترك مقالات الرأي والتحليلات والتقارير التي تناقلتها وسائل الإعلام الإسرائيلية في أعقاب بَدْء عملية "طوفان الأقصى" التي شنتها فصائل فلسطينية على مستوطنات غلاف غزة، مخترقة السياج الأمني الأكثر ذكاءً وحصانة في العالم -كما تقول إسرائيل- انطباعات أقرب إلى اليقين بأن كلاً من المستوى السياسي والعسكري في الدولة العبرية، كانا أبعد ما يكون عن وضع خطط أو إجراءات للتحسب والمواجهة الاستباقية لتطوُّر من هذا النوع، وأن مصطلح الإخفاق السياسي والعسكري والاستخباري هو العنوان السائد لغالبية التجاذبات الحاصلة في إسرائيل في الوقت الراهن، إلا أن التركيز الحالي ينصب على النتائج العسكرية والإستراتيجية والسياسية التي تريد إسرائيل تحقيقها على الأرض.
وتؤشر المداولات والنقاشات الأولى التي عقدتها الحكومة الإسرائيلية بكامل هيئتها، أو على مستوى المجلس الوزاري المُصغَّر لشؤون الأمن السياسي "الكابينت"، إلى سلسلة من الإخفاقات والأخطاء المتعلقة بتقييم الموقف في قطاع غزة، الأمر الذي تجلى في الاتهامات المتبادلة بين وزراء الحكومة من جانب، ومن جانب آخر تلك التي وُجهت لقيادة الجيش، والأخير فشل في التصدي للاقتحام في بدايته، أو مواجهة الفصائل الفلسطينية التي تسللت إلى عمق مستوطنات غلاف غزة، ونجحت في نقل عشرات الأسرى، سواء المدنيين أو الجنود، دون أن تحرك الوحدات المكلفة بتأمين هذه المناطق ساكنًا، ولا سيما تلك المنتمية لقيادة "فرقة غزة" التابعة لقيادة الجبهة الجنوبية.
من جانب آخر، وبصرف النظر عن التطوُّرات التي أعقبت هذا الموقف، مع انطلاق عملية "السيوف الحديدية" التي تشنها إسرائيل على غزة، بشكل يبدو عشوائياً وانتقامياً، لا يركز فقط على الأهداف العسكرية الحيوية لحركة حماس وباقي الفصائل، وتعمُّدها إظهار قدراتها التدميرية بغية استعادة الردع، ولو على حساب المدنيين في القطاع، مدعومة على الصعيد الإعلامي الدولي بمشاهد قتل وأسر الإسرائيليين التي تُعَدّ غير مألوفة بالنسبة للعالم، وللأجيال الأصغر سنًا بالتحديد، إلا أن تحقيقات كثيرة داخلية ستكون عنوان المرحلة التالية، ولا سيما ما يطال أداء أجهزة الاستخبارات، التي يتردد أنها فشلت في فهم نوايا حماس، أو اكتشاف عمليات الاقتحام في مستهلها، بَيْد أن هناك فريقاً يرى أن الحكومة الإسرائيلية طالما تلقت إحاطات استخبارية تحذر من تصعيد خطير في تلك الساحة، دون أن تُحرِّك ساكنًا.
وفي وقت لا يتردد المراقبون الإسرائيليون وأصحاب الأقلام في الحديث عن كارثة قومية تشبه تلك التي تعرضت لها إسرائيل إبان حرب 6 تشرين الأول/ أكتوبر 1973، إلا أن موقفاً كهذا لم يشفع لدى الفرقاء السياسيين لبدء التعاون وبثّ روح الوحدة من خلال تشكيل حكومة طوارئ موسعة؛ إذ يتمسك كل منهم بشروطه الحزبية الخاصة قبل أن يقبل بالانضمام إلى حكومة بنيامين نتنياهو، من بينها في بعض الأحيان شروط تبدو تعجيزية.
ويوفر هذا التقرير صورة عامة بشأن الساعات الأولى لبدء عملية "طوفان الأقصى" الفلسطينية، من زاوية التجاذبات التي شهدتها الحكومة الإسرائيلية، والاتهامات التي وجَّهَها الوزراء ضد بعضهم البعض أو ضد قادة الجيش، فضلًا عن حالة التخبط التي أعقبها تهديد ووعيد غير مسبوق، يعده مراقبون كسرًا للقواعد والمواثيق والأعراف الدولية من جانب إسرائيل؛ إذ تشمل ثلاث مقالات وردت في الصحافة الإسرائيلية تعكس هذا المشهد كالتالي:
1- (مقال رأي) تحت عنوان: "الفشل الاستخباراتي لا يخص الجيش فقط، بل أيضاً أولئك الذين تجاهلوا تحذيراته"، للكاتب يوفال سادي، بصحيفة كالكاليست العبرية، ينتقد خلاله الحكومة الإسرائيلية التي تجاهلت تحذيرات الجيش منذ أشهر بشأن ضعف الكفاءة، وتراجُع الردع، واحتمال اشتعال النيران في عدة جبهات، وتوضح المقالة أن الحكومة ردت بالنفي والاستهزاء في أحسن الأحوال، وبصبّ البنزين على النار في أسوأ الأحوال.
2-(مقال تحليلي) تحت عنوان: "عقب الفشل الأمني، تردُّد نتنياهو قد يؤدي أيضًا إلى فشل سياسي"، للكاتب شالوم يروشلمي، بصحيفة زمان يسرائيل، يسلط الضوء على فشل حكومة نتنياهو سياسيًا، ويحمله مسؤولية عملية "طوفان الأقصى" وتبعاتها، ويتطرق لاحتمالات إعلان حكومة وحدة وطنية موسعة، تضم وزير الدفاع السابق بيني غانتس، الذي يترأس حزبًا سياسيًا معارضًا خارج الائتلاف الحكومي، ووقوف الاعتبارات الحزبية حائلًا أمام إتمام هذه الخطوة؛ خشية نجاحه في الحرب التي تشنها إسرائيل تحت شعار "السيوف الحديدية"، ومن ثم سيُحسب هذا النجاح له ولحزبه لا لنتنياهو ولزمرته، وأنه على الرغم من كارثة اقتحام مستوطنات غلاف غزة، إلا أن تشكيل حكومة وحدة وطنية موسعة، أو حكومة طوارئ، يصطدم بأفعال "صبيانية" من قِبل الساسة الإسرائيليين المعارضين.
3-(تقرير) تحت عنوان: "الوزراء ينتقدون قيادة الجيش: يريدون تجنُّب الإجابة على أسئلة حول الفشل"، للصحافييْنِ موران أزولاي وإيتمار آيخنر، بصحيفة يديعوت أحرونوت، يتطرق لاجتماع مجلس الوزراء الإسرائيلي الأول، عقب بدء عملية "طوفان الأقصى"، والانتقادات والاتهامات التي شنها الوزراء ضد رئيس الأركان وقائد الجيش لعدم مشاركتهما في المداولات، ويوضح كيف دافع كل وزير عن نفسه، وتهرَّب من الردّ على أسئلة شائكة بشأن هذا الإخفاق.
أولًا: الفشل الاستخباري لا يخص الجيش فقط، بل أيضًا أولئك الذين تجاهلوا تحذيراته
نص الترجمة:
ما حدث صبيحة 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 يُعَدّ فشلًا أمنيًا واستخباريًا لم يحدث منذ تلك الظهيرة الملعونة، يوم 6 تشرين الأول/ أكتوبر 1973. إنها كارثة وطنية لم تتضح أبعادها بالكامل حتى وقت كتابة هذه السطور؛ إذ يستمر الحدث في التطوُّر، وبينما يضطر جيش الدفاع الإسرائيلي والحكومة، اللذان أُخذا على حين غرة، إلى نشر معلومات بشأن الوضع الراهن للجمهور، يستقي الأخير التقارير من شبكات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام التابعة للعدو، تلك التقارير المروعة، والتي لا يمكن تحملها، والتي تجرح الأنفس.
وما زال الوقت مبكرًا للبحث عن متهمين بينما يتدفق الجرحى إلى المستشفيات وتتبادل قوات الأمن إطلاق النار مع العدو، الذي تمكّن خلال ساعات قليلة من التسلل إلى المستوطنات الإسرائيلية وإطلاق آلاف الصواريخ على جميع أنحاء إسرائيل. لكن مع ذلك من المستحيل عدم ذكر ما هو واضح.
لقد تحدَّثَت هيئة الأركان العامة كثيرًا في الأيام الأخيرة وبشكل علني عن الدروس المستفادة من حرب يوم الغفران، ففي خطاب ألقاه رئيس الأركان هارتسي هاليفي، في التجمع المركزي لإحياء الذكرى الخمسين لحرب يوم الغفران، قال: "من المهم التشكيك في الافتراضات الاستخبارية والعملياتية والإستراتيجية، وأن نكتشف بشكل متكرر حدود قدراتنا على ردع العدو ودورنا في تقويضه والظروف التي لم يَعُدْ فيها هذا الردع صالحًا، يجب الحرص على ضمان كفاءة الوحدات النظامية والاحتياطية وتكامل الأسلحة وتنسيق الجهود الاستخبارية والقدرة النيرانية، وقبل كل شيء، يجب أن نسعى جاهدين لتعزيز الأخوة والتماسك". لم تمر سوى أيام قليلة ويبدو أننا عدنا لنفس الحرب ونفس الفشل الاستخباري.
إن الفشل الاستخباري لا يخص الجيش فقط، بل أيضًا أولئك الذين تجاهلوا تحذيراته، بل ورفضوا الإصغاء إليها. لقد ظل جيش الدفاع الإسرائيلي يحذر منذ أشهر من إلحاق الضرر بالكفاءة، وتراجُع قوة الردع، واحتمال اندلاع أعمال عنف متعددة الجبهات. وردت الحكومة بالنفي والاستهزاء في أفضل الأحوال، وبسكب البنزين على النار في أسوأ الأحوال.
لقد قرَّبتنا كل حادثة نفذها فتية التلال (المترجم: تنظيم يهودي متطرف) أو ممثلوه بالكنيست أو في "حوارة" أو جبل الهيكل (المترجم: المسمى اليهودي للحرم القدسي الشريف) قرَّبتنا أكثر فأكثر إلى التصعيد، لدرجة أنه في بعض الأحيان بدا أن هذا ما تريد الحكومة ومتشددوها أن يحدث، وليس من الضروري أن نذهب بعيدًا للوصول إلى هذه النتيجة، فهذا ما يقوله رئيس الجناح العسكري لحماس محمد ضيف بنفسه.
في المستقبل، عندما يسألون كيف وصلنا إلى الوضع الحالي؟ ستكون هناك أجوبة ملتوية كثيرة، لكن الجواب الحقيقي هو أننا وصلنا إلى المكان الذي كنا ذاهبين إليه، وأعيننا مفتوحة مباشرة إلى الهاوية.
المصدر: يوفال سادي (كالكاليست)
ثانيًا: عقب الفشل الأمني، تردُّد نتنياهو قد يؤدي أيضًا إلى فشل سياسي
نص الترجمة:
صباح اليوم (الاثنين)، اجتمعت للمرة الأولى فِرَق التفاوض من كتلتَي "الليكود" و"معسكر الدولة"، لبحث تشكيل حكومة طوارئ وطنية (المترجم: الليكود هو الحزب الحاكم ومعسكر الدولة هو حزب سياسي معارض برئاسة وزير الدفاع الأسبق بيني غانتس).
وحتى هذه اللحظة لا يبدو رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو متحمسًا للفكرة، رغم أنه كان أول من اقترح انضمام غانتس وزمرته إلى الحكومة بصيغة "حكومة الليكود الوطنية" التي تشكلت عشية حرب الأيام الستة.
ولم يكرر نتنياهو طلبه في خطابه للأمة مساء السبت أو في مناسبات أخرى، بينما يبث المحيطون به الخوف من أن يسرق غانتس منه الفضل إذا نجحت الحرب في نهاية المطاف، ويختفي في الوقت المناسب إذا فشلت العملية. وتؤدي الشكوك المتبادلة دورًا حتى في أصعب أيام البلاد. ويقول أحد المقربين من نتنياهو: "أتمنى أن تتشكّل مثل هذه الحكومة، ولكن هناك الكثير من الخلافات بينهم جميعًا".
ولكن على الرغم من ذلك، بعد العار الأمني والاستخباري الذي أودى بحياة مئات القتلى وآلاف الجرحى، يصعب عليَّ الافتراض أن نتنياهو يبحث أيضًا عن العار السياسي.
في اليومين الأخيرين، ظهرت هنا حقيقة لم يكن أحد يتوقع حدوثها: زعماء المعارضة يائير لابيد وبيني غانتس وأفيغدور ليبرمان وغادي آيزنكوت وجدعون ساعر، يُبدون استعدادًا للانضمام للحكومة برئاسة بنيامين نتنياهو. كل منهم يأتي بشروطه الخاصة، لكن المبدأ واضح، الجميع يريد ويستطيع أن يسهم لمصلحة الدولة في حالة الطوارئ هذه، ومَن لا يقبل بتسوية أو يتنازل فهو يركل البلد وربما نفسه.
إن غانتس هو أقلهم تعجيزًا، فهو مستعدّ لدخول الحكومة فورًا مع شريكَيه في "معسكر الدولة" آيزنكوت وساعر، والثلاثة لا يحتاجون حقائب وزارية في الحكومة، بل فقط يريدون التأثير على القرارات كوزراء بلا حقائب وزارية، بمعنى آخر: يريدون العضوية في المجلس الوزاري المصغر للأمن السياسي، والأصح أن نقول: في المطبخ المحدود الذي تخوله الحكومة لاتخاذ القرارات في زمن الحرب.
على نتنياهو أن يقفز إلى هذه الصفقة بسرعة، ففي هذا المطبخ سيكون هناك سبعة أعضاء: نتنياهو، ووزير الدفاع يوآف غالانت، ووزير الخارجية إيلي كوهين، ووزير الشؤون الإستراتيجية رون ديرمر، ومعهم غانتس وآيزنكوت وساعر. سيكون لنتنياهو هناك الأغلبية، بالإضافة إلى شركاء قدامى-جدد، لهم وزنهم الأمني الخاص، منهم وزير دفاع سابق ومنهم رئيس أركان عمل معهم لسنوات.
تلك هي اللحظة المناسبة لنتنياهو -وللآخرين أيضًا- لكي يقدموا اعتبار الدولة فقط، وليتحدوا في حكومة طوارئ، كما دعا الرئيس يتسحاق هرتسوغ الليلة الماضية. أمَّا المعارضان الآخران، لابيد وليبرمان، فهما مستعدان للصعود إلى القطار بشروط غير مناسبة لهذه الساعة الحرجة.
لابيد (المترجم: رئيس الوزراء السابق وزعيم المعارضة بالكنيست حاليًا) يتحدث عن حكومة مهنية محدودة ويطالب نتنياهو بإقالة بتسلئيل سموتريتش (وزير المالية) وإيتمار بن غفير (وزير الأمن القومي) منها. وهذا غير واقعي، بل وضارّ. إن البلاد ليست مهيأة الآن لأزمة سياسية وائتلافية مع الصهيونية الدينية (المترجم: الصهيونية الدينية تيار يميني متطرف في إسرائيل إضافة إلى كونه اسماً لحزب سياسي ائتلافي برئاسة وزير المالية سموتريتش). على لابيد أن يلج إلى الداخل، لا أن ينظر حوله، وأن يجد مكانه في الحكومة المحدودة حيث يستطيع أن يترك تأثيرًا حقيقيًا.
ليبرمان أيضًا مستعد للانضمام إلى الحكومة، فقط إذا تعهدت بتدمير حماس، وهذا ليس بأمر جادّ، فحين كان ليبرمان وزيرًا للدفاع، وتعهد بإسقاط حماس، فشل ثم استقال بزعم أن نتنياهو لم يمنحه الأدوات.
اليوم تتعهد الحكومة بالقضاء على القدرة العسكرية لحماس، ويمكن لليبرمان أن ينضم إليها، ولكن يبدو أنه لا يزال غير قادر على التفكير على الإطلاق في خيار الجلوس مع نتنياهو. يتعين أن نأمل أن يعود إلى رشده أيضًا في المؤتمر الصحفي الذي سيعقده اليوم في الساعة 11:00 في الكنيست.
وبالمناسبة، فإن الوحيد الذي رحب أمس بشرط ليبرمان للقضاء على حماس هو سموتريتش، ومن المعلوم أن ليبرمان ليس مستعداً على الإطلاق للجلوس في حكومة تضم سموتريتش أو بن غفير.
وبعبارة أخرى: في الطريق إلى حكومة طوارئ مهمة للغاية لا تزال الاعتبارات "الصبيانية" حاضرة، لابيد وليبرمان عَبَرا الروبيكون (المترجم: نهر شمال إيطاليا، ويستخدم المصطلح للتعبير عن القيام بخطوة لا رجعة فيها)، إذن عليهما ألا يضعا شروطًا إضافية الآن. إن رسالة الوحدة الداخلية والخارجية والعصف الذهني المشترك أهم هذه الأيام من أي شيء آخر.
المصدر: شالوم يروشلمي (زمان يسرائيل)
ثالثُا: الوزراء ينتقدون قيادة الجيش: "يريدون تجنُّب الإجابة على أسئلة حول الفشل
نص الترجمة:
خلال اجتماع مجلس الوزراء الذي عقد مساء اليوم (السبت) في المجمع الحكومي (كيريا) بتل أبيب، في أعقاب هجوم حماس المباغت، وعملية "السيوف الحديدية" التي انطلقت، انتقد الوزراء عدم حضور رئيس الأركان هارتسي هاليفي في الجلسة التي عُقدت بين مداولات مجلس الوزراء المُصغَّر للأمن السياسي "الكابينت". وتساءل الوزراء كيف لم يفهم رئيس الأركان هاليفي أنه من المناسب أن يطلعهم على المستجدات في يوم "درامي" كهذا، كما لم يرسل حتى رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية أهارون حاليفا، وفسروا غيابهما على أنه تهرُّب من الإجابة على أسئلة تتعلق بعدم وجود معلومات استخبارية عن الهجوم الذي خططت له حماس.
ومن بين الوزراء الذين تساءلوا عن سبب عدم حضورهما الاجتماع، كان وزير الابتكار والعلوم أوفير أكونيس، الذي تساءل: كيف يمكن ألا يكون قائد الجيش الإسرائيلي ورئيس شعبة الاستخبارات موجودين في هذه الغرفة. وقال: "كل مواطن في هذا البلد وكذا كل مَن يجلس على هذه الطاولة يريد أن يعرف كيف حدث هذا الفشل الاستخباري. أسأل لماذا رئيس شعبة الاستخبارات الحربية ورئيس الأركان ليسا هنا؟ يجب أن يحصل الوزراء على معلومات أكثر مما تلقينا. أقترح إنشاء مركز معلومات مع تحديثات منتظمة ثلاث مرات يوميًا".
من ناحية أخرى، رأى وزراء آخرون، من بينهم وزير التعليم يوآف كيش، ووزير الثقافة والرياضة ميكي زوهار، أن هذا ليس الوقت المناسب لتشكيل لجان تحقيق، وقالا: "نحن الآن في حالة حرب، وبعد ذلك سيكون هناك وقت للأسئلة".
أمّا الذين هبّوا للدفاع عنهما فقد كان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، والأخير أوضح أن رئيس الأركان ورئيس شعبة الاستخبارات الحربية لا يستطيعان الإحاطة طوال اليوم، وقال نتنياهو: إن ليفي يمثل أمام مجلس الوزراء المُصغَّر ويجيب على جميع الأسئلة.
وزير المالية بتسلئيل سموتريتش قال بدوره: "يجب أن يتعرضوا للضرب المبرح ولا ينبغي أن تُؤخَذ مسألة الأسرى على محمل الجد، ففي الحرب، ينبغي للمرء أن يكون وحشيًا، مثلما حدث في فيلم كلينت إيستوود (الطيب والشرس والقبيح) إذا أردت أن تطلق النار – أطلق النار، لا تتحدث".
وزيرة جودة البيئة عيديت سيلمان، توجّهت إلى وزير الصحة موشيه أربيل، وأخبرته أن جميع خطوط المساعدة انهارت، "هناك زحام وهم غير قادرين على الاستجابة". ورد عليها الوزير أربيل: "أنت مدعوة لتولي منصب نائب وزير الصحة، ووقتها عالجي هذا الأمر بنفسك".
وقالت وزيرة الإعلام غاليت ديستل إتابريان لنتنياهو إنها "تريد تفعيل الجانب الدعائي"، لكنها استطردت: "لا أعرف ما المسموح لي بوضعه في مقاطع الفيديو فيما يتعلق بالرقابة، أحتاج أن تخصصوا لي مُنسق اتصال". وصرخ وزير السياحة حاييم كاتس: "لا نحتاج إلى دعاية ولا نحتاج إلى أحذية، نحن بحاجة إلى توجيه ضربة لم نشهدها منذ 50 عامًا وتدمير غزة وإلا لن تقوم لنا قائمة".
لقد توقف اجتماع الحكومة مرتين بسبب صافرات الإنذار والذهاب إلى الغرفة المحصنة أثناء القصف الصاروخي الكثيف الذي أطلق مساء اليوم باتجاه "غوش دان". وأدلى نتنياهو بتصريح لوسائل الإعلام مساء اليوم قال فيه: "إن حماس بدأت حرباً قاسية وشريرة، سننتصر في الحرب، لكن الثمن باهظ للغاية. هذا يوم صعب على الجميع". وذكر أيضًا: "حماس تريد قتلنا جميعًا، إنها عدو يقتل الأمهات والأطفال في أَسِرّتهم، ويختطف كبار السن والأطفال والفتيات. ما حدث اليوم لن يحدث مجددًا في إسرائيل وسوف أتأكد من ذلك. لن يتكرر ذلك مرة أخرى، والحكومة تقف وراء هذا القرار بالكامل".
وأضاف نتنياهو أن "الجيش الإسرائيلي سيستخدم قوته الكاملة على الفور لتدمير قدرات حماس، سوف نضربهم بقوة، وكما قال بياليك (شاعر يهودي): "انتقامًا لدماء طفل صغير لم يمسسه الشيطان بعد"، كل الأماكن التي تختبئ فيها حماس وتعمل انطلاقًا منها فيها سنحوّلها إلى أطلال".
نتنياهو ذكر أيضًا: "أقول لسكان غزة: اخرجوا من هناك الآن. كما أُرسل عناقًا من أعماق قلبي للعائلات الثكلى التي قُتل أحباؤها بدم بارد وقسوة لا حدود لها. نحن جميعًا نصلي من أجل السلام للرهائن. وأقول لحماس: أنتم مسؤولون عن سلامتهم، وإسرائيل ستحاسب كل شخص يمس شعرة من رأسهم". كما خاطب رئيس الوزراء مواطني إسرائيل قائلًا: "نحن معًا في المعركة، هذه الحرب سوف تستغرق وقتًا، ستكون صعبة. نحن أمام أيام صعبة، لكن يمكنني أن أعدكم بأننا سننتصر".
المصدر: موران أزولاي وإيتمار آيخنر (يديعوت أحرونوت)
ترجمة وإعداد: ربيع محمد يحيى