القمة العربية في الجزائر تختتم أعمالها
2022-11-031564 مشاهدة
اختتمت القمةُ العربيةُ في الجزائر، والتي حملت شعار "لمّ الشمل"، أعمالَها مساء يوم 2 نوفمبر.
وكانت هذه القمة، وهي الأولى من عام 2019، قد تعرّضت لتأجيلات عديدة، إلا أن الجزائر نجحت أخيراً في عقدها، بعد أن تراجعت عن بعض توجُّهاتها التي كان يمكن أن تؤدي إلى منع انعقادها بالكلية.
وقد كان من أبرز تحدِّيات عقد القمة إصرار الجزائر على دعوة النظام السوري لحضور القمة، في محاولة جزائرية للبحث عن أي "إنجاز" يُسجّل للقمة، ورغبةً منها في إثبات "استقلاليتها عن المحاور الإقليمية والدولية، إلا أن الجزائر اصطدمت برفضٍ قاطعٍ من عدة عواصم عربية، لتجد نفسها فوق "شجرة عودة المقعد السوري"، بعد أن وضعت على نفسها شرطاً لم تَعُدْ قادرة على تنفيذه، مما اضطرها للطلب من النظام السوري أن يُعلن عدم رغبته في حضور القمة، كي يبدو تراجعها رغبةً سوريةً لا عجزاً جزائرياً.
قمة "لمّ الشمل" غاب عنها عدد من زعماء الدول العربية الرئيسية، حيث غاب ملك المغرب محمد السادس (ولم تُلْقَ في القمة حتى كلمة باسم المغرب)، كما غاب الملك سلمان بن عبد العزيز ووليّ عهده الأمير محمد بن سلمان، والشيخ (محمد بن زايد) رئيس الإمارات، والملك عبدالله الثاني ملك الأردن (الذي لم يَغِبْ عن قمة عربية من قبل)، وهيثم بن طارق آل سعيد سلطان عُمان. بالإضافة إلى الغيابات المبررة، مثل غياب الأمير نواف الأحمد الجابر الصباح أمير الكويت، وغياب الرئيس اللبناني، وغياب ممثل سورية.
غيابات الزعماء العرب ارتبطت بالسياسات الجزائرية المتتالية، وإصرارها على فرض رؤيتها فيما يتعلق بالقمة، ومحاولتها التدخل في ملفات مرتبطة بدول عربية أخرى، ودعمها للتوجُّهات الإيرانية في المنطقة العربية، إضافةً إلى خصومتها السياسية المعروفة مع المغرب، والتي انتهت بقيام الجزائر بقطع علاقتها مع الرباط في عام 2021.
ويُظهر البيانُ الختامي للقمة، والذي حرصت الجزائر على تسميته بـ"إعلان الجزائر" في محاولة لمنحه قيمة رمزية محلية، عدم قدرة القمة على التوصل إلى أي مقرَّرات نوعية، إذ اتَّسمت مضامين البيان فيما يتعلق بالمنطقة العربية بالعمومية والإنشائية، بما يكفل التوافق بين الدول العربية على مضامين الحدّ الأدنى، وهو ما يَظهر بشكل جليّ في الحديث عن سورية ولبنان والعراق واليمن على سبيل المثال، وغياب أي ذكر لإيران مثلاً في كامل البيان.
إلا أن البيان عكس مواقفَ غير اعتيادية فيما يتعلق بدعم قرارات مجموعة (أوبك+) لخفض الإنتاج، وهو شأن لا يَصُبّ إلا في مصلحة الدول المنتجة للنفط، وليس في مصلحة الدول العربية المستهلكة، كما ذكر البيان.
كما كان لافتاً تبنِّي البيان لموقف عربي موحد تجاه الغزو الروسي لأوكرانيا، حيث عبَّر عن التزام الدول العربية بالحياد، والدعوة لحلّ سياسي يراعي ميثاق الأمم المتحدة والشواغل الأمنية للأطراف المعنية، وهو شرط يحمل تبريراً ضمنياً للغزو الروسي.
ويعكس هذا الموقف المتعلق بروسيا وغزوها لأوكرانيا رغبة جزائرية تتوافق مع السعودية والإمارات بشكل رئيسي، ودول أخرى.
عملياً إن القمة كانت عادية من كل جوانبها، وفشلت في لمّ الشمل العربي، بل ربما تكون قد كرّست تشققات عربية جديدة، بعضها تم بفعل المواقف الجزائرية الأخيرة، سواء تجاه المغرب، أو تدخُّلها في الملفّ الفلسطيني، وبعضها بفعل معطيات دولية عقّدت المشهد الإقليمي برُمَّته.
وأظهرت القمةُ أن الدول العربية لم تَعُدْ قادرة على العمل المشترك في الملفات العربية، نتيجة لانقسامات المواقف، وغياب الإجماع حول أدوار الفاعلين المحليين والدوليين.