تأثير الطائرات المسيّرة في الحرب الأوكرانية

تأثير الطائرات المسيّرة في الحرب الأوكرانية

2023-09-11
1521 مشاهدة


أفادت تقارير غربية بأن أوكرانيا قد قامت -وللمرة الأولى- باستخدام طائرات ورقية مصنوعة من الكرتون المُقوَّى في سلسلة هجماتها التي استهدفت ستة مواقع عسكرية روسية، بما في ذلك القاعدة الجوية في بسكوف والمطار العسكري في كورسك أوبلاست.

وقد أعلن نائب رئيس الوزراء الأوكراني، وزير التحوُّل الرقمي، ميخائيلو فيدوروف، بالاشتراك مع هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الأوكرانية في أيار/ يونيو 2022 عن إنشاء أول جيش من الطائرات المسيَّرة "بدون طيار" في العالم، نظراً لكلفتها التشغيلية القليلة مقارنة بالطائرات الحربية التقليدية، وقدرتها على تنفيذ أعمال هجومية ضد أهداف حيوية  في الداخل الروسي، بما في ذلك العاصمة موسكو، حيث استهدفت المسيّرات الأوكرانية ست مناطق روسية دفعة واحدة في شهر آب/ أغسطس 2023، وأدت هجماتها إلى تدمير طائرات نقل وإشعال حريق واسع في مطار عسكري في مدينة بسكوف شمال غرب روسيا.

وفي ضوء نجاح الهجمات العسكرية بالطائرات المسيّرة، لا تعلن أوكرانيا عن مسؤوليتها المباشرة عنها، أو نوعية الطائرات المستخدمة في تلك العمليات، ما يدل على أن أوكرانيا تعمل على تغيير إستراتيجيتها العسكرية والانتقال إلى استهداف موسكو في الداخل، وإشغالها بتأمين تلك المراكز الحيوية التي من المتوقع أن تكون أهدافاً للطائرات الروسية، ومن ثم إفساح المجال لقواتها للتقدم في الأراضي الأوكرانية وإعادة السيطرة عليها من روسيا، معتمدة في ذلك على مجموعة من العوامل أهمها:

1 – تعتمد أوكرانيا على طائرات مسيّرة من عدة دول كطائرات "كاميكازي" الأمريكية، و"بيرقدار" التركية، إضافة إلى الطائرات (أوج 22) أوكرانية الصنع، التي يبلغ مداها 800 كم، وتستطيع التحليق بين (6-7) ساعات، حيث تقع أغلب المواقع المستهدفة في العمق الروسي ضمن المدى المذكور للطائرة، ويدل ذلك على استخدام أوكرانيا لطائراتها المحلية في تلك العمليات لتلافي القرار الغربي والأمريكي القاضي بعدم استهداف الداخل الروسي بالأسلحة الغربية المقدمة لأوكرانيا في إطار الدعم العسكري الذي تقدمه الولايات المتحدة لها في مواجهة العملية العسكرية الروسية.

2 – عمل القوات الأوكرانية خلال استخدامها للطائرات المسيّرة بمبدأ "تكامُل الدفاع"، من خلال تأمين المجال الجوي التابع لها بأنظمة الدفاع الجوي كالباتريوت Patriot" "، الأمر الذي يفسر انطلاق المسيّرات الأوكرانية من نقاط تقع بالقرب من الحدود الأوكرانية الروسية، بالإضافة إلى توظيف الجيش الأوكراني عدم قدرة منظومات الدفاع الجوي الروسية على كشف الطائرات المسيّرة؛ لأن رادارات الدفاع الجوي تعتمد في كشفها للأهداف المعادية على السرعة، وكل طائرة لا تتجاوز سرعتها 32كم/ثا، تُعتبر هدفاً ثابتاً، ولا تتعامل معه كهدف معادٍ، كما تعتمد على ما يسمى بالبصمة الحرارية التي تتطلب أن تكون قوة المحرك كبيرة جداً ليتمكن الرادار من كشفها، وهو غير متوفر في الطيران المسيّر المستخدَم من قِبل أوكرانيا.

3 – قد يكون الإعلان عن صناعة بعض المسيرات المُسلَّمة من الحكومة الأسترالية على أنها مصنوعة من الورق نوعاً من أنواع الدعاية، وقد يكون ذلك الورق خضع لعمليات المعالجة التي تمكنه من القيام بالمهام المنوطة بالطيران المسيَّر تنفيذها، فإن كانت هجومية يتم تجهيز جسم الطائرة بحيث يكون قادراً على حمل القنابل والصواريخ لرميها على الهدف، أو انتحارية تحمل في رأسها شحنة متفجرة، تنفجر بعد تنفيذ الهدف مباشرة، أو استطلاعية تجهز بكاميرا لإرسال الصور. وقد تتضمن عمليات المعالجة على سبيل المثال طلاء الطائرة بحيث يماثل طلاء طائرة الشبح الأمريكية بطلاء يسمى الكربون الذي يعمل على امتصاص الأمواج وعدم إعادتها، ومن غير المستبعد ذلك على اعتبار إمكانية استفادة أوكرانيا من دراسة السلاح الغربي المقدَّم لها، وتوظيف خصائصه في صناعاتها المتعلقة بالطيران المسيّر المحلي.

يبدو أن أوكرانيا ستعمل على تعزيز استخدامها لسلاح الطيران المسيّر سواء المقدم لها من برامج الدعم والتسليح الغربي، أم المحلي بسبب عدم توفر سلاح طيران حربي فعال لديها، وحاجة السلاح النوعي المقدم لها إلى وقت طويل لتدريب طواقم العمل عليه، كتدريب أمريكا لطيّارين أوكرانيين على قيادة مقاتلات إف-16، وتوفر المسيّرات بكثرة لديها، وإدراك روسيا قدرة أوكرانيا على صناعة تلك المسيّرات، ومعرفة أوكرانيا أن أنظمة الدفاع الجوي الروسية مجهزة للتعامل مع الطيران الحربي التقليدي بشكل أكبر من التعامل مع المسيرات، ورغم أن روسيا عملت على تطوير دفاعاتها الجوية، إلا أنها لا تزال دون المستوى المطلوب الذي يمكنها من صد هجمات الطيران المسيّر الأوكراني، ويعزز ذلك إعلان وزير الدفاع الأوكراني "أليكسي ريزنيكوف" في آب/ أغسطس من العام الجاري سعي أوكرانيا إلى توطين صناعة الطائرات دون طيار، وعدم الاكتفاء بتجميع المسيّرات على أراضيها، وسنت القوانين اللازمة لذلك، كإلغاء الرسوم الجمركية على مكونات الطائرات المسيّرة.