دبابات الغرب في مواجهة روسيا: ماذا بعد؟
2023-01-301448 مشاهدة
في الخامس والعشرين من يناير/ كانون الثاني 2023، أعلن المستشار الألماني، أولاف شولتس، أن بلاده سترسل 14 دبابة قتالية من طراز "ليوبارد 2" إلى أوكرانيا، والسماح لحلفائها بإرسالها أيضاً إلى كييف، وعقب هذا الإعلان توالت الاستجابات من قِبل الحكومات الأوروبية، حيث أشاد رئيس الوزراء البولندي، ماتيوز مورافيكي، طالباً الحصول على رخصة تصدير لـ 14 دبابة من تلك الدبابات.
كما أعلنت وزيرة الدفاع الإسبانية، مارغريتا روبلز، أن بلادها مستعدّة لإرسال عدد من الدبابات لكييف، وتدريبها على استخدامها، ولكن "بالتنسيق دائماً مع الحلفاء"، وصرّحت أن مدريد كانت في انتظار الموافقة الألمانية الرسمية للقيام بتلك الخطوة المهمة في مسار الدفاع عن العمق الأمني الأوروبي ناحية الشرق.
كما أعلنت البرتغال عن استعدادها لإمداد كييف بـ"ليوبارد 2"، بجانب تقديمها خدمات لوجستية خاصة بتدريب القوات الأوكرانية على استخدامها، وهو الموقف الذي تبنّته هولندا التي تدرس حاليّاً تزويد كييف بعدد من الدبابات، كذلك أعرب الرئيس الفنلندي، سولي نينيستو، عن أن بلاده يمكنها إرسال دبابات لأوكرانيا لتدعيم صفوفها المقاتلة في مواجهة القوات الروسية، وذكرت الحكومة النرويجية أنها تدرس تسليم 8 دبابات من 36 دبابة "ليوبارد 2" للجيش الأوكراني.
كما أعلنت كندا أيضاً عن توفيرها عدداً من الدبابات إلى أوكرانيا، في إطار تعزيز قدراتها على الصمود في مواجهة العدوان الروسي، الذي سيدخل عامه الثاني في فبراير 2023.
وكان إرسال أوروبا لدبابات وأسلحة ثقيلة إلى أوكرانيا أحد الملفات الجدلية التي تباينت الرؤى بشأنها، لما يترتّب على ذلك من تَبِعات قد تضع روسيا في مواجهة الغرب بشكل مباشر، بما يُسهم في اتساع نطاق المواجهات، وقد يدفع بروسيا للتوسع في استخدام أنواع أقوى وأحدث من الأسلحة التي تمتلكها ترسانتها.
وبعد إعلان ألمانيا عن استعدادها لتسليم الدبابات إلى أوكرانيا، أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن، أن بلاده سوف ترسل 31 دبابة من طراز "إم-1 أبرامز" القتالية إلى أوكرانيا، بجانب تزويد أوكرانيا بقطع غيار ومعدّات بالإضافة إلى التدريب، وقال بايدن إن "الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حاول التفريق بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين لكنه فشل في ذلك"، مؤكداً على اتحادهم جميعاً في دعمهم لأوكرانيا وأنهم حريصون على انتصارها في المعركة؛ "لأنها معركة من أجل الحرية".
وفي مقابل الحشد الغربي، أعلنت الخارجية الروسية أن تزويد أوكرانيا بدبابات ألمانية تصعيد لافت في مسار الحرب، وأنه جزء من مخطط مسبق لشنّ حرب على روسيا، واتهمت المتحدثة باسم الخارجية الروسية الولايات المتحدة بأنها تجرُّ أوروبا إلى حرب كبيرة، وأعلن سفير روسيا في ألمانيا أن "قرار برلين توريد دبابات من طراز ليوبارد إلى كييف خطير للغاية، لأنه سيرفع الصراع إلى مستوى جديد من المواجهة"، منوهاً بأنه يتعارض مع ما كان قد أعلنته ألمانيا سابقاً بعدم رغبتها في التورط في الصراع، متهماً برلين وشركاءها الغربيين بأنهم "ليسوا مهتمين بحلّ دبلوماسي للأزمة الأوكرانية، بل يعوّلون على التصعيد"، وحذّر من أن الدبابات الألمانية لن يكون ضحاياها من الجنود الروس فقط بل من السكان المدنيين كذلك، وهو ما سيقود إلى كوارث إنسانية محقَّقة، كاشفاً أن برلين تتخلى عن "مسؤوليتها التاريخية تجاه روسيا".
كما وصف السفير الروسي في الولايات المتحدة تسليم الدبابات الأمريكية إلى أوكرانيا بأنه "استفزاز صارخ آخر"، وحذّر المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، من أن أي دبابة أمريكية تُرسَل إلى أوكرانيا "ستحترق مثل باقي الدبابات".
وفي مقابل الانتقادات الروسية، جاءت التبريرات الغربية لهذا التطور في خارطة القتال، بعد مرور عام من بداية الحرب بأنه محاولة لإحداث التوازن في الميدان في ظل التفوق الواضح للجانب الروسي في العدة والعتاد، أمام الفارق الهائل في مستوى الجيشَين، الروسي والأوكراني.
وفي هذا الإطار يمكن القول: إن استمرار أمد الحرب، واتساع نطاق المواجهات، سواء على مستوى الميدان أو على مستوى نوعية السلاح، يحمل في طياته العديد من التفسيرات، أولها أنه محاولة لإجبار روسيا على القبول بالتفاوض، وبالتالي الوصول لتسوية للأزمة تحول دون تدخل مباشر من الأطراف الأوروبية في المواجهة، ثانيها، رغبة الغرب في استنزاف المزيد من القدرات الروسية على الأراضي الأوكرانية، وعدم استعداد الغرب لتمكين بوتين من الانتصار، وثالثها توجيه رسالة غير مباشرة من الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية لحلفاء روسيا الاتحادية، وفي مقدمتهم الصين وإيران، أن العقوبات الاقتصادية والاستنزاف العسكري، ستكون حاضرة وبقوة أمام أي طرف منهم يحاول مواجهة الناتو وهيمنته على النظام الأمني العالمي منذ 1991.