ضغوطات دولية على العراق لإعادة صياغة علاقته مع إيران
2024-12-2358 مشاهدة
تُمارس جهات دولية متعدِّدة ضغوطات على القُوَى السياسية الحاكمة في العراق، والمتمثلة بقُوَى الإطار التنسيقي المتحالف مع إيران، بهدف دفعها لإعادة صياغة علاقة بغداد مع طهران بناءً على التطوُّرات المتسارعة التي تعيشها المنطقة منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحزب الله اللبناني، والتي نتج عنها إضعاف الحليف الأهم لإيران في المنطقة بشكل كبير، خاصة بعد اغتيال قياداته الفاعلة.
الولايات المتحدة الأمريكية ومبعوث الأمم المتحدة إلى العراق محمد الحسان سلموا الحكومة العراقية مؤخراً قائمة من المطالب الدولية، تتضمن إعادة هيكلة فصائل الحشد الشعبي ودمجها ضِمن المؤسسات الرسمية، وصياغة سياسة خارجية تستند إلى المصلحة العراقية وليس الإيرانية، بالإضافة عن وقف التدخُّلات السلبية في المنطقة لصالح إيران خاصة في لبنان وسوريا، إلى جانب إصلاحات سياسية على المستوى الداخلي.
تأتي هذه الضغوطات بعد أيام فقط من هروب بشار الأسد إلى موسكو، الذي شكَّل مع نظامه في سوريا إحدى ركائز النفوذ الإيراني المهمة في المنطقة، وبعد إضعاف حزب الله اللبناني وتحييد قائده حسن نصر الله الذي كان له ضِمن صالح إيران أدوار تُوازي دور قاسم سليماني، لتتجه الأنظار بعد لبنان وسوريا إلى الساحة العراقية من أجل إعادة ترتيب المشهد السياسي فيها.
الموقف الدولي المستجدّ في العراق تقوده واشنطن، وهو على الأرجح ليكرس الانقسام بين قوى الإطار الذي ظهرت بوادره بالتوازي مع الحرب الإسرائيلية على جنوب لبنان في أيلول/ سبتمبر 2024، حيث فضلت بعض القوى النأي بالعراق عن الحرب، في حين بقيت الفصائل الموالية لإيران -وعلى رأسها حزب الله العراقي وحركة النجباء- تدفع باتجاه انخراط أوسع في المواجهة.
الواضح أن القُوى السياسية العراقية باتت تدرك التراجُع الذي طرأ على الدور الإيراني في المنطقة، وتتوقع المزيد من الضغوطات على طهران بعد تسلُّم دونالد ترامب لرئاسة الولايات المتحدة بشكل رسمي مطلع عام 2025؛ لأنه يَتوعَّد منذ الآن بالتشديد أكثر على طهران، وبالتالي لا تريد القُوى السياسية الحاكمة في العراق أن يطالها هذا التشدُّد، ويتحول العراق إلى ساحة لتصفية الحسابات، لكنها بالمقابل مكبَّلة بموقف الفصائل المسلحة المدعومة من إيران، والتي لا تتيح لها تحوُّلاً كبيراً في السياسات الخارجية والداخلية.
على الأرجح فإن الضغوطات ستدفع القُوى السياسية الحاكمة للعراق ومن خلفها إيران لتقديم تنازُلات للأطراف الإقليمية، تقوم على فكرة تقاسُم المصالح في الساحة العراقية، في محاولة لتفادي إجراء إصلاحات سياسية حقيقية، أو فِقْدان إيران للساحة العراقية بالكامل، وفي هذا الإطار يمكن تفسير الزيارات المتكررة التي يُجريها رئيس الحكومة العراقي محمد شياع السوداني إلى السعودية وتركيا.