مكاسب الجيش السوداني في معارك "الخرطوم".. أهمية توقيتها وانعكاسها على الصراع
2024-09-27591 مشاهدة
نفّذ الجيش السوداني عملية عسكرية في العاصمة "الخرطوم"، انطلقت بتاريخ 26 أيلول/ سبتمبر 2024 لتشمل مدن الولاية الثلاث: "الخرطوم" و"أم درمان" و"الخرطوم بحري"، تمكن الجيش خلالها من تحقيق مكاسب مهمة، منها إنهاء الحصار المفروض من قِبل "قوات الدعم السريع" التي يقودها "محمد حمدان دقلو" على مقر القيادة العامة للجيش في العاصمة، بالإضافة إلى استعادة "المعمل القومي الطبي" (ستاك)، وفتح الطرقات بين "أم درمان" وكافة أرجاء "الخرطوم"، وأكد الجيش أنَّ عملياته ستستمر حتى السيطرة على العاصمة بالكامل.
الجيش السوداني مهَّد لهذه العملية سياسياً وعسكرياً، حيث كثف رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش "عبد الفتاح البرهان" وأعضاء المجلس الزيارات إلى "الصين" و"روسيا" و"جنوب السودان" في الأشهر الماضية، بهدف توفير دعم سياسي في "الأمم المتحدة"، وعسكري عن طريق "روسيا"، بالإضافة إلى تضييق الخناق على الدعم اللوجستي القادم إلى الدعم السريع من خلال "جنوب السودان" الذي بات يخشى من تمرُّد ضدّ الحكومة عن طريق القبائل المتحالفة مع الدعم السريع.
التقدم الذي حققه الجيش له أهمية من زاوية التوقيت، فقد أتى بعد ضغوطات مارستها "الولايات المتحدة" على الجيش ومجلس السيادة للانخراط في مباحثات "جنيف" التي أُقيمت في آب/ أغسطس 2024، مع تجاهُل مطالب الجيش باعتماد مخرجات اتفاق "جدة" الموقع في أيار/ مايو 2023، بالإضافة إلى فرض "الإمارات" على المباحثات بصفة "عضو مراقب" رغم رفض الجيش لها.
أيضاً عملية الجيش في "الخرطوم" تتزامن مع محاولات مكثفة من الدعم السريع للسيطرة على مدينة "الفاشر"، وبالتالي إخضاع كامل ولاية "دارفور"، حيث تدور معارك مستمرة للسيطرة على "الفاشر" منذ منتصف عام 2024، بهدف فرض أمر واقع على الجيش وإعادته إلى طاولة المفاوضات وإجباره على التعامل مع الدعم السريع على أنه طرف وليس جهة متمردة.
يتوقع الجيش نتيجة تقدُّمه في "الخرطوم" أن يتعزز موقفه في الصراع، وبالتالي من المحتمل أن تنفضّ المزيد من الجهات السياسية والقبائل عن الدعم السريع تزامُناً مع تراجُعه الميداني، بالإضافة إلى تراجُع الاستثمار من الجهات الدولية في الدعم السريع الذي يخسر سيطرته تدريجياً فيما يبدو، وقد تندفع المزيد من الدول لإعادة تقييم موقفها في الصراع، مثل "إثيوبيا" على سبيل المثال، حيث ظهرت مؤخراً مؤشرات على انشغالها بالتمرد الداخلي أكثر، وأرسلت رسائل إيجابية لـ "الخرطوم" حول التعاون.
من غير المتوقَّع أن يوافق الجيش على إعلان الدعم السريع قبوله الانخراط في مفاوضات إنهاء الصراع، التي صدرت بعد إطلاق عملية "الخرطوم"؛ لأن الجيش غالباً يتبنى خيار الحسم العسكري، ويرى أن الظروف مواتية له.