تنظيم داعش في أفغانستان رسائل التحدّي والموت
2024-02-271003 مشاهدة
بتاريخ 18 شباط/ فبراير 2024 نشرت المعرّفات الرسمية لتنظيم الدولة في أفغانستان إصداراً جديداً بعنوان "وقاتِلوا المشركين كافّة" وضعت فيه صور عدد من شخصيات طالبان البارزة التي تم استهدافها من قِبل التنظيم سابقاً، وصورة أخرى لوزير خارجية الحركة "أمير خان متقي".
امتدّ الإصدار على مدار 55 دقيقة، عرض فيه موقف التنظيم الرسمي من حركة طالبان، ورفضه الانصياع لها، وتأكيده على تمايُزه المطلق عن الخطّ الذي اختارته في اتباع "حقوق الإنسان" والبحث عن "الاعتراف الدولي".
بدأ الإصدار بعرض سَرْديّة التنظيم وبيان موقفه من العالم "الصليبي" والاحتلال الأمريكي لأفغانستان، وجهاد التنظيم ضدّ الناتو والأمريكيين والحكومات الأفغانية الفاسدة في البلاد في الأثناء ذاتها التي كانت طالبان فيها تفاوض الأمريكيين من أجل نَيْل السلطة وخدمة "الأجندات الغربية بتكلفة أقل" بحسب وصف الإصدار.
عرض الفيديو عشرات العمليات التي نفذها التنظيم ضدّ مختلف الخصوم قبل خروج الأمريكيين من أفغانستان، وتنوعّت فيها الأسلحة المستخدمة بين الصواريخ والقذائف الصاروخية والعمليات الانتحارية والنحر ومداهمة المكاتب والمنازل والاغتيال في الطرقات.
أما العمليات التي وقعت بعد الانسحاب الأمريكي، فكان المستهدفُ منها بشكل أساسي أفراداً مهمين في حركة طالبان كحاكم مدينة "تخار" ونائب حاكم ولاية "بدخشان"، وبعض العلماء المؤيدين لطالبان مثل محمد عاطف ملا رئيس جمعية الإصلاح في كابل، ورحيم الله حقاني أحد أهم الوجوه العلمائية المعاصرة في طالبان.
لم يُخْفِ التنظيم رفضه لمسار التفاوُض برُمَّته، فقد وصف هذه العملية بأنها بذرة سَوْء لإنبات حكومة "مصنَّعة في الدوحة" لا تحكم بأمر الله، وتحارب الجهاد، وتلهث وراء الحصول على مقعد في الأمم المتحدة، وتُعلي من أمر "طاغوت الشرك والانتخابات" مقابل فُتاتٍ من السلطة والحكم.
إلى جانب ذلك فقد ركز الإصدار على الرسائل السياسية الرافضة للتعاون مع الهند والصين وروسيا، واتهم طالبان بأنها تحولت إلى "طاغوت ملتحٍ" ينفذ أجندات الشيطان، ومن ثَمّ لا حلّ أمام تنظيم الدولة سوى استهداف مصالح هذه الدول، وهو ما أظهره الإصدار باستهداف فندق صيني في كابول عَبْر هجوم انتحاري وانغماسي أواخر عام 2022، واستهداف معبد للهندوس والسيخ في أيار/ مايو 2022، والهجوم المتكرر على حسينيات ومواقع الأقلية الشيعية في ولاية "بلخ"، واستهداف السفارة الروسية في أيلول/ سبتمبر 2022.
يلاحَظ من خلال عرض الأشخاص الذين ينفذون هذه الهجمات انتماؤُهم إلى قوميات متعددة داخل أفغانستان، كالقومية الأويغورية، والطاجيكية، والأوزبكية، مما يتضمّن رسالة ضمنية بتحريض هذه القوميات ضدّ نظام حكم طالبان والدعوة لاستهداف مصالحها وعناصرها.
من المؤكد أن التنظيم يحرص على إفشال مساعي حركة طالبان بنَيْل الاعتراف الدولي، وربما نشهد في هذا الإطار مزيدًا من استهداف مصالح الدول التي قد تسعى للتعاوُن مع طالبان اقتصاديّاً أو سياسيّاً، إلى جانب تصعيد أعمال العنف التي تستهدف المتعاونين معها أو عناصرها أو قياداتها، بهدف إضعاف الأمن الداخلي واستقطاب العناصر الرافضين لسياسات طالبان أو الناقمين عليها، وإعادة أفغانستان إلى حالة من الفوضى الأمنية التي تُتيح للتنظيم استغلالها لصالح المزيد من التمدُّد والانتشار.