الصراع الداخلي في السودان معركة قصيرة أم حرب طويلة الأمد؟

الصراع الداخلي في السودان معركة قصيرة أم حرب طويلة الأمد؟

2023-04-28
1451 مشاهدة

يشهد السودان منذ يوم 15 نيسان/أبريل موجهات دامية بين قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وجاء اندلاع المواجهات بعد تصاعد التوتر بين الطرفين، على خلفية المحادثات التي كانت قائمة في الأشهر الماضية لإصلاح قطاع الأمن، وخاصة البند المتعلق بإدماج قوات الدعم السريع داخل مؤسسة الجيش، حيث كان الجيش يطلب جدولاً زمنياً قصير لهذا الإدماج، مقابل جدول طويل المدى وفقاً لطلب الدعم السريع، بالإضافة إلى خلافات حول بنود تفصيلية عديدة.

هذه الأزمة تعكس واحدة من الإشكالات العميقة التي حملها النظام الجديد في السودان من سابقه، فقوات الدعم السريع حظيت برعاية نظام البشير، وتم ترسيخها كقوة موازية للجيش، ضمن سياسة النظام السابق لتوزيع مراكز القوى في الدولة، منعاً لحصول انقلاب عسكري.

ومنذ بدء الصدام العسكري بين الطرفين، يُصرّ كلاهما في خطابهم التعبوي على اقترابه من تحقيق الانتصار الكاسح على الطرف الآخر، إلا أن كل المعطيات تُشير إلى صعوبة انتصار أي من الطرفين في وقت قصير.

ويُظهر توجّه الدول الأجنبية إلى إجلاء رعاياها بشكل سريع، وهو إجراء يتم اتخاذه عادة بعد شهور من اندلاع الأحداث المشابهة، إلى أن التقديرات الدولية لا تميل إلى أن الصراع سيكون قصيراً أو مما يمكن حسمه خلال أيام أو حتى أسابيع.

وضمن المعطيات الحالية، فإنّ الصراع يتوجه نحو سيناريوهين أساسيين:

الأول: أن يتمكّن أحد الطرفين من حسم المعركة، وفي الغالب فإنّ هذا الطرف سيكون الجيش. ولكن هذا الحسم سيأخذ وقتاً طويلاً وبكلفة باهظة، وسيترك آثاراً عميقة على الدولة والمجتمع السوداني، بما سيؤسس لقنابل موقوتة جديدة يمكن أن تنفجر في أي لحظة.

الثاني: أن تنحسر قوات الدعم السريع إلى معقلها الرئيسي في دارفور. وفي هذا الحالة فإنّ الميليشيات الكثيرة المتواجدة في السودان سيكون عليها اتخاذ قرار بالانضمام إلى أحد طرفي الصراع، وهو ما سيُطلق شرارة حرب أهلية قد لا تنتهي خلال عقود.

وبطبيعة التعقيدات الاجتماعية والسياسية القائمة في شمال وشرق أفريقيا، فإنّ شرارة الصراع ستكون مرشحة للانتقال إلى دول الجوار، وخاصة وجنوب السودان وتشاد وليبيا وجمهورية إفريقيا الوسطى.

ويُستبعد بشكل كبير وجود احتمالية لسيناريو ثالث يجلس فيه الطرفان من جديد إلى طاولة الحوار، ويتمكنان فيها من التوصل إلى تفاهم ما يُعيدهما مجدداً للتعاون بأي شكل، فالصراع الحالي أوصل الطرفين في الغالب إلى نقطة اللاعودة.

ومع طول فترة الصراع، ضمن أي سيناريو، فإنّ احتمالية تدخل دول إقليمية ودولية في الصراع ستزداد، وهو ما قدم يحوّل السودان إلى بؤرة حرب بالوكالة، وساحة لصراع النفوذ بين قوى المنطقة وقوى من خارجها.