هل تنجح روسيا في ترجيح كِفّتها في توازُنات حربها مع أوكرانيا؟

هل تنجح روسيا في ترجيح كِفّتها في توازُنات حربها مع أوكرانيا؟

2024-01-05
777 مشاهدة


شهدت أوكرانيا خلال الأيام الخمسة الأخيرة تصعيداً هائلاً في الهجمات الجوية الروسية، حيث أعلن الرئيس الأوكراني زيلينسكي أن روسيا قامت بإطلاق 500 صاروخ وطائرة مسيرة خلال هذه الفترة، ما أسفر عن مقتل 32 شخصاً في العاصمة كييف و60 شخصاً على مستوى البلاد. يُعَدّ هذا التصعيد واحداً من أعنف الهجمات منذ بداية الهجوم الكامل لروسيا على أوكرانيا.

وفي رسالة ذات دلالة كبداية للعام الجديد، استمر الهجوم الذي استهدف العاصمة كييف لمدة ست ساعات متواصلة في الثاني من كانون الثاني / يناير من العام الجديد، حيث قامت روسيا بإطلاق موجة من الطائرات المسيّرة على العاصمة، وتبع ذلك هجمات بالصواريخ من عدة أنواع.

وكان الرئيس الروسي قد أظهر ارتياحه للوضع العسكري في أوكرانيا في منتصف كانون الأول/ ديسمبر الماضي، وأكد على ضرورة تحقيق أهداف الحرب والانتصار من خلال نزع سلاح أوكرانيا وجعلها محايدة، وهو ما تحاول روسيا ترجمته بشكل عملي من خلال استعراض قُدُراتها وزيادة هجماتها لفرض توازُنات جديدة. ويساعد روسيا على ذلك عوامل متعددة، مثل استشعار روسيا للبرود والملل الغربي من استمرار دعم أوكرانيا الذي يفرض تكاليف باهظة على الميزانيات الأوروبية والأمريكية، وسط زيادة تعقيد خطط توريد السلاح إلى أوكرانيا بفعل الضغط المتزايد الناتج عن الحرب في غزة، حيث تشير التقارير إلى وجود تنافُس بين أوكرانيا وإسرائيل بشأن تدفُّقات الأسلحة الغربية.

يُضاف إلى ذلك الإحباط الغربي من  فشل الهجوم المضادّ الأوكراني في تحقيق نتائج ملموسة.

مع ذلك تطرح التكاليف الباهظة لمثل هذا الهجوم تساؤُلات حول قدرة روسيا على استمرار قيامها بهجمات مماثلة لتحقيق أهدافها، حيث  تشير بعض التحليلات إلى أن كلفة الهجمات الأخيرة تتجاوز مليارَيْ دولار، وتتعلق نتائج مثل هذه الهجمات في فرض روسيا لإرادتها بمدى صمود أو مرونة الحكومة الأوكرانية، حيث ما زال الرئيس زيلينسكي رافضاً للتراجُع عن مواقفه الصارمة، في الوقت الذي تتردد أيضاً أصوات غربية بضرورة زيادة الدعم العسكري النوعي لأوكرانيا، حيث طالب وزير الخارجية البولندي الغرب بتشديد العقوبات على روسيا وتزويد كييف بصواريخ طويلة المدى رداً على القصف الروسي الأخير لأوكرانيا.

تبدو الظروف الحالية مناسبة لروسيا لمحاولة ترجيح كِفّتها في الصراع بشكل نسبي غير حاسم، فهو لا يصل إلى الدرجة التي تدفع أوكرانيا للرضوخ إلى الروس وَفْق مطالبهم الحالية ذات السقف المرتفع، وبالتالي يبقى مصير إنهاء الحرب معلقاً بمرونة الطرفين، والمستجدّات الدولية، كمآلات الحرب في غزة والتوتُّرات في الشرق الأوسط، ومآلات الانتخابات الأمريكية، حيث يُعوِّل الروس على نجاح الجمهوريين في الوصول إلى البيت الأبيض، وهو ما يتوقع أن يحدّ بشكل كبير من الدعم الأمريكي لأوكرانيا.