ما مؤشرات زيادة تحرُّكات داعش شمال العاصمة نيامي في النيجر؟
2023-11-201210 مشاهدة
بالرغم من الامتداد الملاحَظ لتنظيم الدولة في دول الساحل في الغرب الإفريقي، إلا أن انتشاره في دولة النيجر تصاعد بشكل أكثر وضوحاً منذ وقوع انقلاب أيار/ مايو 2023، وبالتالي فإن هذه اللحظة الفارقة ستُشكِّل منعطفاً في تاريخ التنظيم داخل النيجر، حيث كان وجوده منحصراً قبل ذلك أقصى الجنوب الغربي من إقليم تيلابيري -على المثلث الحدودي مع مالي وبوركينا فاسو- والجنوب الشرقي من إقليم ديفا على الحدود الشمالية الشرقية لنيجيريا.
من المهم الإشارة إلى أن كِلتا المنطقتين كانت منطقة انتشار عَرَضية، حيث تتقاطع مع خطوط تحرُّك التنظيم شمال شرقي نيجيريا ومناطق اشتباكه مع فلول تنظيم بوكو حرام الرافضة لمبايعة ولاية غرب إفريقيا التابعة للتنظيم، وبوصف المناطق الحدودية في إقليم تيلابيري منطقة خلفية تتقاطع عرقيّاً واقتصاديّاً مع شرقي مالي وشمال بوركينا فاسو، حيث تنتشر فيها خلايا التنظيم الساعية لإيجاد موطئ قدم منذ عام 2017 في المنطقة.
إثر الانقلاب الأخير في النيجر، تصاعدت حِدّة العمليات العسكرية للتنظيم وارتفعت أعداد ضحايا الجيش النيجري من جهة والمدنيين في المنطقة من جهة أخرى، وما يزيد من قتامة المشهد هو التمدُّد الفعلي للتنظيم نحو شمال العاصمة النيجرية نيامي.
يمكن الإشارة إلى ثلاثة مؤشرات فعلية تؤكد بداية توسُّع التنظيم نحو مناطق شمال العاصمة النيجرية، بدءاً من الهجوم على رتل للجيش شمال إقليم تيلابيري في بلدة دوغوا قرب مقاطعة أبالا شمال العاصمة، حيث قُتِل ما لا يقل عن 15 عنصراً واختُطِف نحو 5 آخرين في 31 من تشرين الأول/ أكتوبر، تلا ذلك في 4 من تشرين الثاني/ نوفمبر انتقال خلايا من تنظيم الدولة، تُقدَّر أعدادها بنحو 200 عنصر -على الأقل- نحو بلدة باك فاري -50 كم- شمال العاصمة نيامي، واستطاعت السيطرة على معسكرين للجيش والشرطة النيجرية، وفي اليوم ذاته هاجمت خلايا أخرى حواجز للجيش في محيط بلدة بونكوكو شمال العاصمة.
تؤكد تحرُّكات الجيش بهدف قطع الطرق السريعة والفرعية المتصلة بالبلدات الرئيسية شمال العاصمة على وجود مساعٍ فعليّة من التنظيم للتمدُّد شمالاً وحرص الجيش على منع هذا التمدد أو تحجيمه على الأقل، إلا أن هذه الخُطوات لم تمنع التنظيم من التحرُّك عَبْر المساحات المفتوحة والصحراوية باستخدامه آليات خفيفة -درّاجات نارية- وسيارات عسكرية مخصَّصة للمسير في البيئات الصحراوية.
من ناحية أخرى، يُلاحَظ أن التنظيم بدأ يضبط الأمور الاجتماعية في المنطقة، وذلك من خلال تسيير دوريات من الدُّعاة التابعين له وتجوُّلهم في القُرَى والبلدات شمال العاصمة وشرقها في إطار عمل التنظيم على عرض أفكاره الأيديولوجية واستقطاب المزيد من المناصرين، وبثّ بعض رسائل التهديد في وجه مَن يناصر الحكومة أو يقف معها.
وفي الإطار ذاته، تؤكد مصادر محلية أن التنظيم يشجّع على استمرار الأسواق الأسبوعية التجارية المتنقلة، بهدف استمرار تدفُّق البضائع والآليات والحيوانات في المثلث الحدودي الذي يسيطر عليه، مقابل تصريحات مرور لآليات التجار بأسعار متفرقة -تصل إلى 12 يورو تقريباً- وذلك يسهل عملية دمج الفضاء التجاري للمناطق التي يتوسَّع نفوذه فيها بشكل متزامن.
يُعَدُّ هذا السعي لتأهيل البِنْية التحتية الاجتماعية في المنطقة مؤشراً آخر على توجُّه التنظيم لضمّ هذه المناطق إلى نفوذه الميداني، وهو سعي يُذكّرنا بالخُطوات التي اتبعها في سورية في أعوام 2013-2014.
تُؤكِّد لنا هذه الخُطوات العسكرية والميدانية والاجتماعية، أن تنظيم الدولة في الساحل بدأ يُظهر خُطوات متسارعة للتوسُّع المكاني من جهة، والإدارة الفعلية لمناطق نفوذه من جهة أخرى، مما يتطلّب خُطوات مقابلة من الدول التي تنتشر فيها خلاياه، الأمر الذي قد يهدد بتصاعُد العنف في المنطقة بسبب دفع الحكومات نحو تشكيل المزيد من الميليشيات المحلية لمساندة قواتها.
وربما يشير زيادة صعود التنظيم في النيجر إلى تأثير الانقلابات العسكرية السلبي في زيادة النقمات الشعبية وزيادة استثمارها من قِبل التنظيم.