ممرّ اقتصادي من الهند نحو الشرق الأوسط وصولاً لأوروبا

ممرّ اقتصادي من الهند نحو الشرق الأوسط وصولاً لأوروبا

2023-09-19
992 مشاهدة


في اجتماع قمة العشرين الذي جرى في سبتمبر-أيلول 2023 توافَق قادة الولايات المتحدة الأمريكية والسعودية والهند على ممرّ اقتصادي يتم الإعلان عن تفاصيله التنفيذية خلال ستين يومياً من توقيع مذكرة التفاهُم.

الاتفاق أتى في ظلّ التوتُّرات الاقتصادية مع الصين صاحبة مشروع الحزام والطريق الذي يصل الصين بأوروبا مروراً بالشرق الأوسط، والتي غاب رئيسها عن القمة، إضافة للحرب بين روسيا وأوكرانيا المدعومة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

وعليه يمكن تسليط الضوء على مذكرة التفاهُم عَبْر النقاط الآتية:

· التوقيت: يأتي الحديث عن مذكرة التفاهُم في ظل أزمة اقتصادية كبيرة تعصف بالعالم، تراجعت على إثرها معدَّلات النمو، وارتفعت حِدّة التضخُّم، وضعفت التجارة البَيْنِيّة العالمية؛ وستفيد المبادرة في إعادة الأمل لتنشيط قطاعات مختلفة منها البِنَى التحتية والنقل والصادرات والبنوك، مما يحفز الاقتصاد العالمي.

· الجغرافيا: يمتد الطريق من الهند أحد أكبر الاقتصادات العالمية والقوة السكانية الكبرى، والتي تمتلك فرصاً زراعية وصناعية هائلة بفضل الأجور المنخفضة وإمكانات النمو المرتفعة، ويمتد الممر نحو دول الخليج؛ المصدر الرئيسي للطاقة في العالم، مروراً بإسرائيل التي تكافح للاندماج الاقتصادي مع محيطها، ثم إلى أوروبا؛ السوق والمركز الاقتصادي الأبرز في العالم، وهو ما يُسرّع من عمليات التجارة ويزيد من حجمها.

· التنافُسية: يأتي الحديث عن الممرّ الاقتصادي بعد عدة سنوات من طَرْح الصين لمشروع الحزام والطريق الذي يصل الصين بأوروبا، فيعزز من مكانتها العالمية ويزيد من تواجُدها السياسي، وهيمنتها الاقتصادية؛ على ذلك يُعَدّ الطريق منافساً رئيسياً للمشروع الصيني، يكسر حِدّة التنافسية الذي تمتلكها الصين، ويتجاوز الابتزاز الروسي في قضايا الغاز.

· الفرص للدول النامية: يتوقع أن يمر المشروع بدول الخليج وبعض الدول النامية كالأردن، مع احتمالية أن يكون هناك مسارات أخرى نحو العراق وتركيا، وهو ما يمنح هذه الدول فرصاً لتحسين بِنَاهَا التحتية وتطوير إمكانياتها التجارية واللوجستية، ومع ارتفاع حِدَّة التنافسية مع الصين، فإن هذه الدول ستكون أمام فرص لتعظيم مكاسبها من خلال الاصطفاف أو الجمع بين المشروعين.

· الفرص للهند: تُعَدّ الهند إحدى أبرز القوى الصاعدة في العالم، وتمتلك إمكانات بشرية ورؤوس أموال وموارد طبيعية وصناعات جيدة، وفي ظل مشروع كهذا فإن الهند سيكون لديها طموح للتنافُس مع جارتها الصين، وتحسين اصطفافها مع الغرب في مواجهة المحور "الروسي-الصيني".

· الفرص للاتحاد الأوروبي: تمتلك دول الاتحاد الأوربي جهاز إنتاج متطور يبحث عن موادّ أولية وأسواق تصدير، وهو يرى في الهند مصدراً مهماً للموارد من جهة وسوقاً مستقبلياً للتصريف من جهة أخرى، لذا فإن عملية الربط ستعزز النمو الاقتصادي من جهة، وستجعل قدرات الاتحاد الأوروبي أكثر تنوُّعاً في الحصول على الموادّ الخام مستفيداً من دروس "كوفيد-19" والحرب "الروسية-الأوكرانية".

رغم أن المشروع لا يزال مجرد مذكرة تفاهُم، إلا أن التطور العالمي للسكان والإمكانات يتطلب وجود مشاريع تعاوُن ضخمة يتم ترتيبها في المدى المتوسط والبعيد، ولكن من جهة أخرى قد تنشأ بعض التوترات عن هذا الممرّ نتيجة للاصطفافات التي ستتخذها دول المنطقة من مشروع الممرّ الهندي ومشروع الحزام والطريق الصيني.