مصر وقيادة قوة المهامّ المشتركة 153 .. سياقات وتداعيات

مصر وقيادة قوة المهامّ المشتركة 153 .. سياقات وتداعيات

2023-01-06
1633 مشاهدة

في الثالث عشر من ديسمبر/ كانون الأول 2022، صدر بيان رسمي عن المتحدث العسكري المصري جاء فيه أن القوات البحرية المصرية، تولت قيادة قوة المهامّ المشتركة (153) والتي تتمثل مهامها في مكافحة أعمال التهريب والتصدي للأنشطة غير المشروعة خاصة الأنشطة الإرهابية في مناطق (البحر الأحمر – باب المندب – خليج عدن)، وأكد البيان أن قوة المهام المشتركة (153) هي إحدى أهم الآليات المشتركة لتعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي ومجابهة التهديدات بكافة أنماطها، وتعمل قوة المهام المشتركة جنباً إلى جنب مع القوة (59) التي أُنشئت عام ٢٠٢١، والتي تنبثق من الأسطول الخامس الأمريكي في تأمين المنطقة.

وقد تم الإعلان من جانب البحرية الأمريكية عن تشكيل "قوة المهام المشتركة 153" في منتصف شهر نيسان/ إبريل 2022، وتسلّمت واشنطن قيادة القوة، بشكل مباشر، حتى تم نقل الإدارة إلى القوات المصرية، في ديسمبر 2022. وفي الوقت الذي يعتبر البعض أن تسلُّم القاهرة قيادة قوة المهام المشتركة 153، هو مجرد فعل دوري، في إطار تناوُب الإدارة بين الدول التي تتشكل منها هذه "القوّة" التي تضم كلاً من السعودية ومصر والإمارات والأردن والولايات المتحدة الأمريكية، يذهب البعض الآخر إلى أن "هذا الأمر مخطط له وهناك تعمّد لاختيار مصر". في ظل التنافس الأمريكي مع الصين وروسيا على الممرات الدولية وأمن الطاقة والصراع الجيوسياسي في المنطقة، وحرص الولايات المتحدة على استمرار إمدادات الطاقة في ظل الأزمة الغربية الروسية في أوكرانيا وما ترتَّب عليها من اهتزازات وتداعيات في أسواق الطاقة، والاستثمار في القوة البحرية المصرية خلال السنوات المصرية الأخيرة من جانب بعض الدول الخليجية، لتحقيق مثل هذا الهدف، وأن هذا القرار ليس منفصلاً عن موافقة الولايات المتحدة على طلب مصر لشراء طائرات مقاتلة من طراز F-15 بعد أن ألغت القاهرة خططاً للحصول على طائرات Su-35 الروسية.

يدعم هذا التوجه أن الإعلان عن تولي مصر لقيادة هذه القوة تزامن مع استقبال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في مقر وزارة الدفاع (البنتاغون)، (في 14 ديسمبر/ كانون الأول 2022) في إطار مشاركة الرئيس المصري في فعاليات القمة الأمريكية الإفريقية التي أُقيمت في واشنطن، (13 - 15 ديسمبر 2022).

وحسب بيان للبنتاغون، قال أوستن في الاجتماع: إن "الإدارة تقدر تقديراً عالياً قيادة مصر وتعاوُنها وتحقيق أهدافنا الأمنية المشتركة"، وأضاف: "لقد رأينا تلك القيادة وشجاعة مصر في أن تصبح أول دولة عربية تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، ومسؤوليتكم وإشرافكم على قناة السويس، والمساعدة الحيوية التي قدمتها مصر وتأمين وقف إطلاق النار في إسرائيل وغزة".

وشكر أوستن السيسي لتولي مصر قيادة قوة المهام المشتركة 153، التي تضمن أمن خطوط المواصلات البحرية في البحر الأحمر، وشدّد على أنه "سنواصل العمل مع مصر وجيرانكم لتعزيز التشغيل البيني والدفاع الجوي والصاروخي المتكامل والأمن البحري، وقبل ساعات من سفر السيسي إلى الولايات المتحدة للمشاركة في القمة، سلمت البحرية الأمريكية قيادة فرقة القوة إلى القوات البحرية المصرية، خلال حفل أُقيم في البحرين، حيث المقر الرئيسي للقوات متعددة الجنسيات.

وبحسب بيان القيادة المركزية للقوات البحرية الأمريكية، فقد سلم النقيب بالبحرية الأمريكية روبرت فرانسيس، القيادة إلى العميد البحري المصري محمود عبد الستار، وإن هذا الانتقال يمثل المرة الأولى التي تتولى فيها مصر قيادة طاقم عمليات القوات البحرية المشتركة منذ انضمامها إلى الشراكة البحرية المكونة من 34 دولة في عام 2021، وأشار البيان إلى أن قوة المهام المشتركة 153، هي واحدة من أربع فِرَق عمل للقوات البحرية المشتركة (تشمل أيضاً قوة المهام المشتركة 150 ونظيرتيها 151 و152).

قيادة مصر لقوة المهام المشتركة قُوبلت بترحيب من المجلس الانتقالي الجنوبي اليمني، الذي أصدر بياناً بهذا الشأن، وفي المقابل هددت جماعة الحوثي (13 ديسمبر 2022) باتخاذ إجراءات عسكرية في حال الاقتراب من المياه الإقليمية اليمنية، وقال وزير الدفاع في حكومة الجماعة: إن "مضيق باب المندب وخليج عدن والبحر العربي والامتداد الإقليمي لأرخبيل سقطرى والجزر اليمنية هي أرض يمنية سيادتنا عليها كاملة".

وأضاف: إن "القوات المسلحة اتخذت كافة الإجراءات التي تضمن التعامل بقوة وحزم مع أي تطوُّر يمثل تهديداً أو المساس بالسيادة الوطنية أو الاقتراب من السيادة البحرية"، وتابع: "هناك خيارات تأديبية سيتم اتخاذها والإعلان عنها في الوقت المناسب، لا يلومنا عليها أحد إنْ لجأنا إليها، لأننا قدمنا كل السبل للوصول إلى نهاية إيجابية، لكن العدو يأبى إلا أن يسير عكس التيار، وقد أَعْذَرَ من أَنْذَرَ".

وفي إطار هذه السياقات وما صاحبها من تفسيرات وردود أفعال، يمكن القول: إن قيادة مصر لهذه القوة محفوفة بالمخاطر بدرجة كبيرة، وإنّ هذا يمكن أن يكون دافعاً في مرحلة من المراحل للمجلس العسكري المصري لعدم الانخراط المباشر أو الفاعل في عمليات من شأنها استفزاز إيران وحلفائها في المنطقة، وخاصة الحوثي في اليمن، لما لهذا من تداعيات سلبية على أمن البحر الأحمر الذي يُشكِّل عمقاً إستراتيجياً للأمن القومي المصري.