هل يكون اغتيال العاروري بوابة لتوسيع رقعة الصراع؟
2024-01-03929 مشاهدة
تم الإعلان البارحة، الثاني من كانون الثاني/ يناير من عام 2024 عن قيام طائرة مسيرة باغتيال صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في الضاحية الجنوبية في بيروت.
وكان بنيامين نتنياهو قد أعلن بعد أسبوعين فقط من بداية العمليات العسكرية في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر عن استراتيجية جديدة تستهدف اغتيال رؤوس وقادة حماس، وهي استمرار لاستراتيجية قديمة اتبعتها إسرائيل من خلال اغتيال قادة في حركتي حماس والجهاد الإسلامي، مثل أحمد ياسين وفتحي الشقاقي. على الرغم من أن نتنياهو قد أعلن عن الاستراتيجية الاغتيالية مبكرًا، إلا أنه لا يبدو أنه نجح في تحقيق تقدم ملحوظ في تنفيذ هذه الاستراتيجية في قطاع غزة تحديدًا، حيث تستهدف إسرائيل بالدرجة الأولى الوصول إلى يحيى السنوار، الأمر الذي لم يتحقق حتى الآن.
لقد أعلنت إسرائيل عن بعض عمليات الاغتيال لقادة ميدانيين في حماس، كما حدث في حوالي 25 من تشرين الأول/ أكتوبر، عندما أعلنت عن اغتيال تيسير مباشر، والذي قالت إنه قائد كتيبة منطقة شمالي خان يونس، إلا أن ذلك لا يقارن باغتيالها لشخص قيادي مثل العاروري، خاصة أنه يأتي بعيد حوالي أسبوع فقط من اغتيال القائد البارز في الحرس الثوري موسوي في دمشق، وهو ما يمثل مؤشراً على توجه إسرائيلي إلى توسيع دائرة الصراع بشكل نوعي غير شمولي، عبر الاغتيالات والعمليات النوعية، خاصة مع صدور تهديدات من نتنياهو مبكراً باحتمال توسيع دائرة اغتيالات قادة حماس لتشمل القادة السياسيين في لبنان وقطر وتركيا ومصر ومناطق أخرى.
واللافت للنظر هنا أن إسرائيل نجحت في اغتيال العاروري في منطقة الضاحية الجنوبية، كما نجحت من قبل في اغتيال الموسوي في منطقة السيدة زينب في دمشق، مما يشير إلى حجم اختراق كبير أو إمكانيات استخباراتية كبيرة لإسرائيل في المنطقتين، الأمر الذي لا يبدو أنه متاح في قطاع غزة. يمكن أن تشكل هذه العملية دفعة تساعد نتنياهو في الهروب إلى الأمام مجددًا وشراء الوقت، خاصة بعد التقارير التي تحدثت عن ازدياد الضغوط الأمريكية عليه لتقليل الهجمات الشاملة في قطاع غزة. وبالتالي، يمثل اللجوء إلى التلويح بتوسيع الصراع بالطرق النوعية فرصة له لتحقيق بعض الإنجازات دون تورط أو توريط لحلفائه الأمريكيين.
ويمكن أن يشكل هذا الاغتيال بوابة لتوسيع استهداف قادة حماس السياسيين، وهو ما سوف يشكل أهمية رمزية أكثر من كونها هدفاً عملياتياً عسكرياً، مع ذلك، من المهم الانتباه إلى أن استهداف العاروري له أهمية خاصة كونه يُعتبر، بحسب بعض التقارير، مهندسًا أو مؤثرًا في التخطيط لعملية طوفان الأقصى. بناء على ما سبق، يمكن أن تقوم إسرائيل مجدداً بتوسيع عمليات الاستهداف حتى داخل تركيا أو قطر، على الرغم من تهديدات الرئيس التركي لإسرائيل بأنها ستدفع ثمناً باهظاً لذلك، ولكن تقدير إسرائيل ونتنياهو بحجم ردود الفعل المحدودة ، بما في ذلك ردود الفعل الإيرانية المحدودة، يغريه بالمزيد من هذه الضربات كلما تعثرت مثل هذه الاغتيالات داخل قطاع غزة (منطقة العمليات الرئيسية)، خاصة بعد قيام إسرائيل باغتيال القائد في الحرس الثوري موسوي دون صدور ردود فعل إيرانية يعتدّ بها، وتبقى أولويات إسرائيل مركزة على استهداف القادة العسكريين أو المؤثرين فعلياً في التخطيط للعمليات العسكرية كحالة العاروري، لكنها لن تعدم جهداً في تنفيذ عمليات اغتيال لقادة سياسيين عندما تكون الفرصة متاحة وسط تعثر جهودها العسكرية في الحسم داخل قطاع غزة.