الانعكاسات المحتملة لسيطرة "فاغنر" على باخموت الأوكرانية
2023-05-261372 مشاهدة
أعلنت ميليشيا "فاغنر" الروسية غير الرسمية السيطرة على مدينة باخموت في إقليم الدونباس الأوكراني في 21 أيار/ مايو 2023.
وجاء هذا الإعلان بعد قُرابة تسعة أشهر من المواجهات الدامية في هذه المدينة الصغيرة، وهي أطول مواجهة تشهدها الحرب في أوكرانيا حتى الآن، وأدت إلى استنزاف بشري كبير جداً لطرفَي الصراع.
ولا تحمل باخموت أهمية إستراتيجية كبيرة من الناحية الميدانية، إلا أنها أصبح ذات أهمية معنوية مرتفعة، نظراً للتركيز عليها من الجانب الروسي، والذي يبحث عن أي انتصار، بعد جمود ميداني استمر لقُرابة عشرة أشهر، لم تُحقق فيها موسكو أي تقدُّم، وتحوّلت فيها من موقع الهجوم إلى الدفاع.
وقد أتاحت المعركة للجانبين فرصة زمنية لحشد القوات والتعبئة العامة، وتحصين باقي الجبهات، والتأكيد على صلابة الموقف داخلياً وخارجياً. خاصة أن معظم المعركة جرى في فترة الشتاء، وهي فترة لا يستطيع فيها الجانبان القيام بعمليات عسكرية هجومية كبيرة.
ومن المتوقع أن يؤدي سقوط باخموت بيد القوات الروسية إلى جملة من الانعكاسات، أبرزها:
1) تعزيز نفوذ قوات "فاغنر" وزعيمها يفغيني بريجوجين داخل الدائرة الضيقة المقربة من بوتين، إذ جاءت عملية السيطرة على باخموت بعد أن استجابت وزارة الدفاع الروسية لمطالب زعيم فاغنر بزيادة تسليحه، بعد اتهامه لها بالتخاذل وعدم إمداده بالسلاح اللازم الكفيل بحسم المعركة.
2) انتقال المواجهات إلى مناطق أخرى في الجبهات الشرقية أو الجنوبية، فمن المتوقع أن تعمل القوات الأوكرانية على إستراتيجية "الدفاع المتنقل" القائمة على شنّ هجمات متفرقة في مناطق مربكة للقوات الروسية لثنيها عن تنفيذ هجمات بالعمق الأوكراني، على غرار ما حصل في الهجوم على بيلغورود في 22 أيار/ مايو 2023.
3) دفع الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية إلى تسريع مساعداتها العسكرية لأوكرانيا بهدف الحفاظ على توازُن القوى ومنع حصول انهيارات في الجيش الأوكراني بعد باخموت، ويدور الحديث حالياً عن مساعٍ بريطانية وهولندية لتشكل غرفة عمليات مهمتها تدريب ضباط طيران أوكرانيين على طائرات "إف 16"، كما تتجه ألمانيا إلى تدريب دفعات جديدة على استخدام دبابات ليوبارد.
ولدى القوات الروسية خياران بعد الاستيلاء على باخموت، فإما أن تحاول القوات الروسية التقدم غرباً على طول الطريق السريع T0504 إلى Kostyantynivka أو الشمال الغربي على طول E40 إلى Slovyansk، لكن التحصينات الأوكرانية الثقيلة في كِلا الاتجاهين من المحتمل أن تتسبب في خسائر كبيرة ضدّ القوات الروسية المهاجمة.
ولكن في الغالب فإننا سنشهد تصعيداً كبيراً بعد باخموت، وهذا التصعيد مرتبط بالفائض المعنوي لدى القوات الروسية، ولكنه مرتبط بشكل أكبر بالتحضيرات الروسية الطويلة لمعركة الربيع والصيف، حيث تسعى موسكو لاستكمال سيطرتها على بقية إقليم دونباس قبل حلول الشتاء، إلا أن هذه المساعي ستواجه تحدِّيَاتٍ كبيرةً، نظراً لأن بقية مناطق الإقليم أكثر ارتفاعاً عن سطح البحر، ومحصنة بشكل أفضل من طرف القوات الأوكرانية، مما يعزز الاعتقادَ بطول أَمَد المواجهات في أوكرانيا وتحوُّلها إلى حرب استنزاف.