هل سيصمد اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان؟

هل سيصمد اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان؟

2024-11-27
184 مشاهدة

وافقت الحكومة الإسرائيلية على اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، وبناء عليه سيدخل حيز التنفيذ اعتباراً من 27 نوفمبر 2024، وسط ترحيب إقليمي ودولي بالاتفاق الذي سيساعد على خفض التصعيد.

البنود الرئيسية في الاتفاق تنص على عدم تنفيذ حزب الله وجميع الجماعات المسلحة في الأراضي اللبنانية هجمات ضد إسرائيل، وبالمقابل تمتنع الأخيرة عن أي عمل عسكري هجوم ضد أهداف في لبنان عبر البر أو الجو أو البحر، كما يعترف الجانبان بأهمية تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 1701، وسيكون من حقهما الدفاع عن النفس.

بموجب الاتفاق أيضاً سيكون الجيش اللبناني هو الجهة الوحيدة المخولة بالانتشار جنوب لبنان، وسيشرف على توريد الأسلحة، وتفكيك جميع المنشآت الخاصة بتصنيع الأسلحة غير المصرح بها، وسيتولى لجنة لبنانية – إسرائيلية الإشراف على التنفيذ، وتنسحب إسرائيل تدريجيا خلال مدة تصل إلى 60 يوماً إلى جنوب الخط الأزرق الذي أسسته الأمم المتحدة عام 2000 لتوضيح الحد الفاصل بين لبنان والقوات الإسرائيلية.

يبدو أن موافقة الأطراف على الاتفاق تنبع من اعتبارات تكتيكية فرضتها موازين القوى والحسابات السياسية، فمن جهتها تريد إسرائيل تكريس الفصل بين جبهتي لبنان وغزة، خاصة بعد أن نجحت من خلال الدور الأمريكي بتقليص الهجمات التي تنطلق من الأراضي العراقية إلى أدنى حد لها، وبالتالي ستركز في المرحلة القادمة على إتاحة المجال للجيش لالتقاط أنفاسه، واستكمال جهود إطلاق سراح الأسرى لدى حركة حماس الفلسطينية.

على الجانب الآخر، موافقة حزب الله على شروط الاتفاق جاءت نتيجة معطيات الواقع، والرغبة الإيرانية بالتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار يوقف استنزاف الحزب بما يهدد بتفككه وفقدان دوره في لبنان، كما أن طهران تريد على الأغلب عقد تفاهمات مع إدارة بايدن قبل رحيلها وتولي ترامب لمهامه، ولذا أبدت مرونة مع مطالب الإدارة الأمريكية بخفض التصعيد.

إن البنود العامة والفضفاضة للاتفاق تجعله قابلاً للانهيار في أي لحظة، فمن الممكن أن تجدد إسرائيل لعملياتها العسكرية حال لمست أي نشاط يهدف لنقل السلاح إلى حزب الله وإعادة تقويته، أو في حال عدم تمكين الجيش اللبناني من الإشراف على التنفيذ والانتشار جنوب لبنان، وعندها ستضغط الأطراف اليمينية ضمن الحكومة الإسرائيلية لاستكمال العمليات العسكرية.

أيضاً، قد يشن حزب الله لاحقاً هجمات صاروخية لمحاولة تعديل بنود الاتفاق التي تعتبرها قواعده وحاضنته أنها أقرب للاستسلام، أو قد تدعم طهران لاحقاً تجدد المواجهات إذا ما اتجهت إسرائيل لشن هجمات ضد أهداف داخل إيران، فمن المتوقع عندها أن يدفع الجانب الإيراني حلفائه العراقيين واللبنانيين إلى توجيه ضربات انتقامية ضد إسرائيل.

عموماً، ستلعب الإدارة الأمريكية القادمة دوراً مهماً في مستقبل الاتفاق، وسيتعين الانتظار إلى حين وضوح سياساتها في الشرق الأوسط، وما إذا كانت ستدعم استدامة الهدوء ووقف الحرب كما يعد ترامب قبل استلامه مهامه، أو ستتيح لإسرائيل هوامش أوسع من إدارة بايدن لتستكمل عملياتها العسكرية.