التوتُّر بين مصر وإثيوبيا في الصومال.. أسبابه ونتائجه المتوقعة

التوتُّر بين مصر وإثيوبيا في الصومال.. أسبابه ونتائجه المتوقعة

2024-09-09
967 مشاهدة


تعيش العلاقة المصرية الإثيوبية فصلاً جديداً من فصول التوتُّر، وهذه المرة على خلفية إرسال القاهرة خبراء عسكريين ومعدات إلى العاصمة الصومالية مقديشو أواخر أغسطس 2024، وتم توقيع اتفاق أمني بين القاهرة ومقديشو لمكافحة الإرهاب.  

الردّ الإثيوبي على الخُطوة المصرية تمثل بالإعلان عن تعيين ممثل لها برتبة سفير في إقليم أرض الصومال المُطالِب بالانفصال عن سلطة الحكومة الصومالية الاتحادية، والذي يحظى بدعم أديس أبابا الطامحة للحصول من خلاله على منفذ بحري محرومة منه منذ استقلال إريتريا عن إثيوبيا عام 1993.  

التقارُب المصري الصومالي ،وإنْ كان يتم تحت شعار مكافحة الإرهاب، لكن من الواضح أن دافعه الرئيسي هو المخاوف المشتركة من السلوك الإثيوبي في حوض النيل والقرن الإفريقي، نتيجة ما تقوم به أديس أبابا من ملء متكرر لسدّ النهضة دون الأخذ بعين الاعتبار مصالح دول أساسية في الحوض وعلى رأسها مصر والسودان، بالإضافة إلى مساعيها لتكريس انفصال إقليم أرض الصومال بالتنسيق مع إسرائيل.  

الخُطوة المصرية أتت بعد قُرابة 6 أشهر على توقع إثيوبيا اتفاقية مع أرض الصومال، حصلت من خلالها على حقّ الوصول إلى ميناء بربرة على البحر الأحمر، واستخدامه لأغراض تجارية وعسكرية، واعترافها باستقلال الإقليم الانفصالي، وبالتالي أثارت الاتفاقية مخاوف القاهرة على نفوذها في البحر الأحمر، وسلامة الملاحة في قناة السويس، خاصة مع احتمالية تمكين قوات إسرائيلية من النشاط في الإقليم، كما أن الصومال نظرت للاتفاقية على أنها تهديد لوحدة الأراضي الصومالية وسلامتها.  

من الواضح أن مصر تتحرك بالتنسيق مع قُوًى فاعلة في القرن الإفريقي وخاصة تركيا، وهذا ما يفسر إجراء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي زيارته الأولى إلى أنقرة بعد أيام قليلة من إرسال القوات إلى مقديشو، وبالأصل فإن القاهرة هي الداعم الأبرز للجيش السوداني الذي يواجه قوات الدعم السريع المدعومة من إثيوبيا أيضاً وقوى إقليمية أخرى، في مسعى واضح لتشكيل جبهة موسعة لمواجهة السياسات الإثيوبية في المنطقة، ويبدو أن القاهرة استفادت من قلق دول الخليج العربي على مضيق باب المندب جراء الخُطوة الإثيوبية، وتحاول الحصول على دعمها في تحرُّكاتها ضِمن الصومال والقرن الإفريقي.  

من المرجَّح أن القاهرة ترغب بدفع أديس أبابا إلى طاولة التفاوض لكن وَفْق موازين قوة جديدة، بحيث يضمن الجانب المصري القدرة على تعديل سياسات إثيوبيا ودفعها لمراعاة مصالح السودان ومصر فيما يتعلق بملء سدّ النهضة، بالإضافة إلى التعامل مع الحكومة الاتحادية الصومالية على أنها صاحبة القرار على كامل البلاد.