
مستقبل التصعيد بين باكستان وأفغانستان في ظلّ الوساطات الدولية
2025-10-2067 مشاهدة
توصلت كلٌّ من باكستان وأفغانستان إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بعد وساطة قطرية وتركية، حيث جرى توقيعه في العاصمة القطرية الدوحة، ونتج عنها وضع حدّ للمواجهات التي اندلعت في 11 أكتوبر 2025، على خلفية هجمات تعرض لها الجيش الباكستاني، واتهم فيها حركة طالبان الباكستانية التي تتخذ من الأراضي الأفغانية قاعدة لها.
ومن المقرَّر أن ترعى أنقرة في 25 أكتوبر 2025 جولة من المحادثات بين باكستان وأفغانستان من أجل ضمان استدامة وقف إطلاق النار، والتوصل إلى اتفاق دائم يُنهي المواجهات.
وعلى الرغم من الاتفاق على وقف إطلاق النار، لكن ليس من السهل التوصل لاتفاق سلام بين البلدين، حيث لم تكن هذه الجولة من التصعيد هي الأولى، فقد سبق أن شنت الطائرات الباكستانية غارات على الأراضي الأفغانية في شهر مارس 2024.
إلى جانب العوامل السابقة التي تُسهم في تغذية التوتر بين باكستان وأفغانستان، والمتمثِّلة بالخلاف التاريخي على الحدود، وقَلَق باكستان من نشاط حركة طالبان الباكستانية ضِمن الأراضي الأفغانية، أُضيف مؤخراً عامل جديد، وهو تطوُّر علاقة أفغانستان مع الهند، خاصة بعد جولة المواجهات العسكرية بين الأخيرة وباكستان في شهر إبريل 2025، حيث تسعى كابول فيما يبدو لتقوية موقفها في مواجهة إسلام آباد عَبْر العلاقة مع نيودلهي، إذ دعتها مؤخَّراً للاستثمار في أفغانستان، كما أن الهند أكدت توجُّهها لمدّ أفغانستان بالمساعدات.
يشير الحراك الإقليمي السريع لوقف المواجهات بين البلدين الجارين إلى رغبة بقطع الطريق على اندلاع حرب جديدة تزيد من نفوذ تحالُف إسرائيل مع الهند، كما أن الوساطة الإقليمية توفر فيما يبدو خياراً مناسباً لباكستان لمعالجة مخاوفها الأمنية، فهي تدرك أن سيناريو المواجهة العسكرية سيفتح المجال لتعزيز العلاقات بين الجارين أفغانستان والهند والتنسيق المشترك بينهما ضدّ إسلام آباد.
على أية حال، من الصعب أن تؤدي المفاوضات الحالية إلى إيجاد حلول لمشاكل ترسيم الحدود العالقة بين الطرفين، إلا أنها قد ينتج عنها تثبيت معادلة جديدة في العلاقة بين البلدين، لجهة المزيد من التفهُّم الباكستاني لطبيعة المتغيِّرات التي حصلت في أفغانستان بعد تَوَلِّي طالبان للحكم، والتخلِّي بشكل جزئي عن سياسات فرض التبعية على أفغانستان، مع مراجعات السياسات المتعلقة باللاجئين الأفغان المقيمين على الأراضي الباكستانية، إلا إذا شعرت إسلام آباد أن موقفها يزداد قوة حال تطوُّر مسار تصحيح العلاقات بينها وبين الولايات المتحدة الذي بدأ بعد وصول إدارة ترامب إلى السلطة، فمن المحتمل عندها أن نشهد موجات تصعيد جديدة في وقت لاحق.