اغتيال الكادر في حزب الله محمد علي يونس
2020-04-094304 مشاهدة
تمهيد
تعرّض عضو الجهاز الأمني لحزب الله اللبناني محمد علي يونس للاغتيال يوم 05/04/2020، ما ترك الأوساط اللبنانية في صدمة، نظراً لمهامه الأمنية.
لكن الروايات تعددت حول كيفية قتله والجهة التي تقف خلفه.
وينحدر محمد علي يونس من بلدة جبشيت في جنوب لبنان. وهو أحد كوادر الجهاز الأمني لحزب الله، ويتابع ملفات تتعلق بعملاء إسرائيل والجواسيس بحسب وكالات الأنباء الإيرانية، والتي قالت أيضاً إنه كان أحد المقربين من قاسم سليماني قائد ”فيلق القدس“ بالحرس الثوري الإيراني السابق الذي اغتيل في العراق.
وقد عُثر عليه مقتولاً في سيارته بين بلدتي قاقعية الجسر وزوطر الغربية جنوب لبنان نتيجة لإطلاق النار عليه من قبل مجهولين وتعرضه للطعن بالسكين.
كما تعرض مرافق ليونس للإصابة بإطلاق النار، ونقل إلى المستشفى. وكان يونس مع مرافقه في مهمة ملاحقة لأحد الأشخاص، عندما وقعا بكمين محكم في وادي زوطر نفذته ثلاث سيارات.
وليس من المعتاد أن يتم اغتيال أحد عناصر حزب الله في لبنان. وربما كانت آخر عملية اغتيال لقيادي في حزب الله على أرض لبنان هي لحسن اللقيس، والذي قُتل في 03/12/2013 على يد اثنين من المسلحين في بيروت.
أولاً: المنفذون المحتملون
تعد عملية اغتيال محمد علي يونس جريمة غامضة، وتحمل بصمات أكثر من طرف، وقد تعدد الروايات حول الجهة الفاعلة، وهي تنحصر في ثلاث روايات، اثنتان ذواتا بعد سياسي أمني، وواحدة ذات بُعد جنائي.
1- الموساد الإسرائيلي
قالت وكالة "تسنيم" الإيرانية إن مصادر تشير إلى استهدافه في "هجوم بطائرة مسيرة للكيان الصهيوني"، كما رجحت أوساط قريبة للحزب، بتسريب منه على ما يبدو، أن يكون اغتيال يونس من تدبير الموساد الإسرائيلي.
لكن هذه الرواية تستحضر السياق الزمني للعملية، إذ تأتي بعد نحو أسبوعين من اغتيال أنطوان حايك، معاون عامر الفاخوري، في 22/03/2020. فقد قتل حايك في ظروف غامضة بإطلاق نار من قبل مجهولين داخل متجره في قرية المية ومية شرق مدينة صيدا، علماً أنه كان يعمل مساعداً للفاخوري في إدارة سجن الخيام أيام الاحتلال الإسرائيلي للجنوب.
ويرى كثيرون أن اغتيال يونس ربما جاء رداً على اغتيال حايك، الذي اغتيل أصلاً على ما يبدو رداً على إطلاق سراح الفاخوري وتهريبه إلى الولايات المتحدة عبر السفارة الأمريكية، وذلك في محاولة من الحزب لاستعادة بعض ما خسره شعبياً جراء إفراج المحكمة العسكرية عن الفاخوري بضوء أخضر منه. وتقول بعض المصادر اللبنانية التي تواصلنا معها إن أوساط حزب الله تروّج بأن يونس ربما كان هو من قام باغتيال أنطوان حايك شخصياً، أو كان مشرفاً مباشراً على عملية الاغتيال.
وقد دفع حزب الله إلى تبني هذا السيناريو من خلال نعي يونس باعتباره "شهيداً"، أي أنه قُتل من قبل جهة معادية نتيجة لعمله في الحزب. كما دفعت له الأوساط الإيرانية من خلال ما بثّته الوكالات الرسمية وشبه الرسمية الإيرانية عن دوره الأمني في الحزب.
2- تصفية داخلية
هذا السيناريو بعكس سابقه، فبحسب بعض الروايات المتداولة لخلفيات الاغتيال فإن الحزب قام بتصفية يونس بعدما اكتشف صلته بالجانب الإسرائيلي، بجانب آخر.
ويتعزّز هذا السيناريو في كون عملية الاغتيال قد وقعت بين بلدتي زوطر الغربية وقعقعية الجسر في النبطية، وهي منطقة تخضع لمراقبة أمنية قوية من قبل حزب الله، كونها قريبة جداً من مراكز تابعة للحزب في محيط زوطر، وبالتالي فإنّ قيام جهة معادية باستهداف قيادي أو كادر في الحزب في هذه المنطقة تعدّ مخاطرة عالية.
3- فاعل جنائي
قال تقارير الصحفية أن حزب الله قام بتوقيف مرافق يونس المصاب بعد نقله الى المستشفى وبدأ التحقيق معه، وإنّ الحزب يشتبه بدور ما للمرافق في استهداف يونس، لأسباب جنائية، وأن الإصابة ربما حصلت أثناء مقاومة يونس له.
فيما تقوم روايات أخرى بأن المعتدي أو المعتدي هم أطراف غير سياسية، وأن الاعتداء تم أصلاً لأسباب جنائية.
لكن هذه الرواية ليس لديها ما يدعمها، خاصة وأن الحزب نعاه كشهيد، ولم يكن مضطراً لذلك لو كان الأمر جنائياً.
ثانياً: ردود الفعل على مقتله
نشر حزب الله بيان النعي بعد ساعات من العثور على جثة محمد علي يونس، وقال إنه "رحل وهو يدافع عن الإسلام المحمدي" في محاولة لإضفاء الطابع السياسي والأمني على الاغتيال من دون أن يورد أي تفاصيل إضافية عن كيفية اغتياله.
ولم تسجل ردود فعل لبنانية على الحادثة أبعد من رد فعل حزب الله الذي لم يتجاوز بيان النعي.
وبالمقابل، اكتفت المصادر الإسرائيلية بالنقل عن المصادر اللبنانية، دون أن تُضيف أي معلومات من طرفها.
خلاصة
يبدو من خلال المعلومات التي حصلنا عليها ومن بيان الحزب وما نشرته الوكالات الإيرانية الرسمية وشبه الرسمية، ما يلي:
- أن محمد علي يونس لم يكن عنصراً عادياً في الحزب، ولكنه لم يكن قيادياً أيضاً، وربما كان قيادياً في الصف الثالث أو الرابع. وأنه كان على علاقة بملف أمني.
- أن يونس قُتل في منطقة تخضع للسيطرة الأمنية الكاملة للحزب، وهو ما يعني أحد احتمالين:
- إما أن الحزب قد قام بتصفيته، ولكن بطريقة يبدو معها وكأن الأمر اغتيال خارجي قامت به جهة معادية.
- أو أن جهة تملك قدرات عالية جداً قررت تصفية يونس في عقر دار الحزب، بغية إيصال رسالة للحزب عن حجم قدرتها واختراقها للساحة اللبنانية، وساحة الحزب نفسه.
ويلاحظ أن الحزب لم يتفاعل مع الاغتيال بأكثر من البيان المقتضب الذي أصدره، وهو أمر غير شائع عندما يتعلق الأمر باغتيال إسرائيلي، ولا يعني ذلك بالمقابل أن الحزب هو من قام بتصفية يونس، إذا ربما يعني أن الحزب لا يريد أن يثير النقاش عن الاغتيال، لأن في ذلك تعرية لحجم الاختراق الإسرائيلي (على فرض أن الحزب سيتهم إسرائيل) لصفوف الحزب ومناطقه، وهو ما يهزّ الدعاية التي يبثها الحزب، وخاصة بين أنصاره.