قيام باكستان بترحيل اللاجئين الأفغان.. عامل توتُّر جديد بين باكستان وطالبان

قيام باكستان بترحيل اللاجئين الأفغان.. عامل توتُّر جديد بين باكستان وطالبان

2023-11-15
1402 مشاهدة


في الأسابيع الأخيرة، أدّى قرار باكستان القاضي بترحيل المهاجرين الأفغان غير الشرعيين إلى زيادة التوتُّرات الموجودة بشكل مسبق مع أفغانستان التي تحكمها حركة طالبان، وتختلف تقديرات أعداد المهاجرين الأفغان غير الشرعيين، وبعض التقديرات تقترح أن عددهم حوالَيْ 1.7 مليون لاجئ؛ مما يسلط الضوء على الديناميكيات المتعددة الأوجُه بين البلدين، وقد قُوبلت خُطوة الحكومة الباكستانية بانتقادات من كابول، التي استنكرت الإجراء، ووصفته بأنه "أحاديّ الجانب" و"مُهين".

تعود جذور الوضع الحالي إلى أواخر السبعينيات والثمانينيات عندما لجأ عشرات الآلاف من الأفغان إلى باكستان خلال الغزو السوفياتي والصراعات اللاحقة، على مرّ السنين تقلب عدد المهاجرين الأفغان في باكستان، وقد ازداد العدد بشكل ملحوظ مع توافُد 600 ألف لاجئ أفغاني إضافي بعد تولِّي حركة طالبان السلطة في عام 2021.

وتُبرِّر باكستان تصرُّفاتها بالإشارة إلى تصاعُد الهجمات المسلحة داخل حدودها، ونسبت الحكومة عدداً من هذه الحوادث إلى المقاتلين والمهاجرين الأفغان، حيث صرح وزير الداخلية الباكستاني أن مواطنين أفغاناً نفذوا 14 تفجيرًا انتحاريًا من إجماليّ 24 تفجيراً في باكستان هذا العام، وتُنسب تلك التفجيرات إلى حركة طالبان باكستان، وهي جماعة مسلحة محظورة، يُعتقد بأن لها روابط أيديولوجية وعِرْقية مع حركة طالبان في أفغانستان، حيث تُشكّل قومية البشتون غالبية عناصر الحركتين الأفغانية والباكستانية.

وتزعم باكستان أن حركة طالبان الباكستانية تجد ملاذات آمنة في أفغانستان، وتستخدم أراضيها لشنّ هجمات ضد قوات الأمن الباكستانية، وعلى الرغم من نفي حكومة طالبان الحالية المستمر، تُكرّر الحكومة الباكستانية هذا الاتهام، وبات اللاجئون الأفغان محلّ اتهام بالقيام بإيواء عناصر طالبان باكستان أو التعاطف معهم.

ويمكن أن يُعزَى تحرُّك باكستان لترحيل اللاجئين الأفغان لإحباطها نتيجة عدم قدرتها على منع هجمات حركة طالبان الباكستانية، إضافة إلى ذلك ربما تستخدم الحكومة الباكستانية طرد اللاجئين كورقة للضغط على طالبان لتعزيز أوراق تفاوُضها معها حول الملفات الخلافية بين الطرفين كملفّ تسوية الحدود، والعلاقة مع الهند، يُضاف إلى ذلك، أنه ربما تحاول الحكومة الباكستانية امتصاص النقمة الداخلية، حيث يترافق هذا مع تصاعُد المشاعر المعادية للأفغان داخل أفغانستان على خلفية الأزمة الاقتصادية وتكثيف الهجمات على الحدود، ويحذِّر بعض الخبراء من أن يكون لهذه السياسة أثر عكسيّ يؤدي إلى تفاقُم الوضع، ويعزز المفاهيم السلبية عن باكستان بين الأفغان، مما يؤدي إلى دعم حركة طالبان الباكستانية في النهاية.

ومع تصاعُد التوتُّر، تصبح التوقُّعات بشأن العلاقة المستقبلية بين باكستان وأفغانستان غامضة، وتثير العودةُ القسرية للاجئين -إلى جانب الاتهامات المستمرة بشأن حركة طالبان الباكستانية- مخاوفَ بشأن احتمال حدوث المزيد من التدهور في العلاقات الدبلوماسية وسط إشكاليات مشابهة تعاني منها الحكومة الأفغانية الجديدة مع إيران ودول الجوار الأخرى، فضلاً عن إشكالية عدم وجود الاعتراف الدولي بالحكومة الأفغانية الجديدة، مما يُغذّي المخاوف من تفاقُم أزمة المهاجرين الأفغان حول العالم.