خيارات قوات الدعم السريع لتعويض فارق القوة مع الجيش السوداني

خيارات قوات الدعم السريع لتعويض فارق القوة مع الجيش السوداني

2023-07-03
1843 مشاهدة


أظهرت قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو قدرة على التكيف مع المواجهات الدائرة بينها وبين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح برهان منذ نيسان/ إبريل 2023، مما يوحي باعتمادها على خيارات عسكرية وميدانية محددة لتعويض فارق القوة بينها وبين الجيش.

وقوات الدعم السريع تأسست رسميًا في آب/ أغسطس 2013 لمحاربة التمرد في دارفور، وتحولت إلى قوة عسكرية موازية للجيش السوداني، وسعت إلى تعزيز استقلاليتها بتعديل قانون قوات الدعم السريع في تموز/ يوليو 2019، حيث تم حذف مادة منه تلغي خضوعها لأحكام قانون القوات المسلحة السوداني، إضافة لميزانيتها الخاصة، واستفادت من استغلال مناجم الذهب في دارفور لزيادة الوفرة المالية لديها.

تلجأ قوات الدعم السريع إلى مجموعة من الإجراءات؛ لتعويض فارق القوّة الذي تواجهه مع الجيش السوداني، أبرزها:

  • استثمار الأسلحة الخفيفة والأسلحة المتوسطة المحمولة على آليات من أجل خوض حرب استنزاف مرنة وسريعة ضد الجيش السوداني لا تعتمد على الاستحواذ الجغرافي، نظراً لعدم توفر سلاح جو موازٍ أو منظومة دفاع جوي لدى قوات الدعم السريع، خاصة أن قوات الدعم السريع تأسست بالأصل لمواجهة تمرد أشبه بحرب العصابات جنوب السودان.
  • تحاول قوات الدعم السريع -وفي سياق توفير الموارد اللازمة للمواجهات- السيطرة على قواعد عسكرية لوجستية تابعة للجيش السوداني مثل قاعدة برام في إقليم دارفور، حيث يمتلك الجيش السوداني هيئة تصنيع عسكرية تنتج الذخائر والمركبات المصفحة وتجميع وتطوير الطائرات المسيرة. وسبق أن أعلنت قوات الدعم السريع في 14 حزيران/ يونيو السيطرة على مجمع اليرموك، الذي يُعتبر من أكبر المجمعات للصناعات العسكرية في السودان.
  • الاعتماد على توريد الذخائر والسلاح عبر الحدود، وخاصة عبر الحدود مع ليبيا وتشاد، حيث تقوم قوات الدعم السريع بشراء هذه الأسلحة من السوق السوداء أو تحصل عليها من فاعلين في ليبيا. وتملك قوات الدعم السريع خبرة كبيرة في التهريب والعمل عبر الحدود، بالإضافة إلى امتداداتها وتشابكاتها القبلية العابرة للحدود.
  • تجنّب السيطرة على مناطق جغرافية كاملة، حتى لا يتم استهداف هذه المناطق بسلاح الطيران أو سلاح الحصار، ولتخفيف الأعباء الإدارية والتنظيمية على قوات الدعم السريع.
  • استقطاب الضباط العاملين في الجيش من خلال الإغراء المالي، في الوقت الذي يُعاني فيه الجيش من صعوبات مالية تحدّ من قدرته حتى على دفع الرواتب لعناصره. وقد انعكس ذلك في تمكن قوات الدعم السريع من معرفة خطط الجيش وتحركاته، وتنفيذ هجمات فعالة على المؤسسات الحيوية، كالهجوم على سلاح المدرعات في الجيش السوداني في 13 حزيران/ يونيو 2023، والهجوم على مطار الخرطوم وعلى أكبر مطار في مدينة مروي في السودان.
  • استخدام الطائرات المسيرة، وتوظيف قدرتها على إحداث أكبر ضرر، بأقل تكلفة.

وكخُلاصة، فإن هناك فارقاً كبيراً في حجم العتاد والعدد بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، ولكن ذلك لم يُساعد الجيش في حسم المعركة، أو حتى الإخلال بحالة التوازن بين الطرفين، إذ إن تكوين قوات الدعم السريع وخبرتها السابقة منحتها مرونة كبيرة في التحرك بين المدن وداخلها، كما أن علاقات قوات الدعم السريع العابرة للحدود، سواء مع القبائل في دول الجوار أو مع فاعلين سياسيين وعسكريين خارجها، ساعدها في تأمين إمدادات السلاح والذخيرة والدعم اللوجستي.

كما أن الإمكانيات المادية الكبيرة لدى قوات الدعم السريع ساعدتها في بناء شبكات من مصادر المعلومات داخل المدن السودانية، بما يوفر لها قدرة استخبارية تمكنها من التصدي لهجمات الجيش.

وعلى العموم فإنّ المعركة وإنْ كانت توصف إعلامياً وسياسياً بأنها معركة بين جيشين، إلا أنها أصبحت أقرب إلى حرب العصابات، بما يحدّ من قدرة الجيش على حسمها، حتى لو كانت فوارق القوة بين الطرفين كبيرة.