قراءة في نقض روسيا لمشروع قرار في مجلس الأمن بخصوص السودان
2024-11-19127 مشاهدة
عرقلت روسيا مصادقة مجلس الأمن في تصويت 18 نوفمبر 2024 على مشروع قرار قدّمته بريطانيا وسيراليون يدعو إلى "وقف الأعمال العدائية في السودان بشكل فوريّ، والتزام أطراف النزاع بحماية المدنيين من الانتهاكات بما فيها العنف الجنسي، والانخراط بحسن نية للاتفاق على خُطوات لتهدئة الصراع"، كما تضمن القرار دعوة الأمين العامّ للأمم المتحدة للبحث في آلية للمراقبة والتحقق من وقف إطلاق النار.
الموقف الروسي وإنْ كان يحمل في طيّاته عرقلة أيّ تحرُّك غربي بسبب تصاعُد التوتر على الساحة الدولية، لكنَّه أيضاً يأتي تجسيداً للتقارب الروسي مع الجيش السوداني المستمر منذ منتصف عام 2024، حيث وافقت موسكو على توفير الأسلحة والذخائر للجيش السوداني، بعد إيقافها بشكل شِبه كامل الدعم الذي كانت توفره قوات فاغنر لقوات الدعم السريع المتمردة على الجيش السوداني.
تطمح موسكو من خلال تقارُبها مع الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان إلى تحقيق رغبتها التي عبّرت عنها منذ عام 2020، والمتمثلة بتأسيس قاعدة بحرية لوجستية في بورتسودان على شواطئ البحر الأحمر، تتيح للسفن الروسية الرسوّ فيها بما في ذلك السفن المخصصة للطاقة النووية، حيث عاد الحديث بقوة خلال الأشهر الأخيرة عن موافقة مبدئية للجيش السوداني على تنفيذ المشروع.
وفي حال حصلت روسيا على قاعدة بورتسودان، فستدعم حضورها في البحر الأحمر أحد أهمّ ممرات الطاقة الدولية، كما أنها ستكسب قاعدة مهمة لتعزيز نفوذها في القارة الإفريقية الغنية بالموارد.
بالمقابل قد وجد الجيش السوداني في روسيا داعماً سياسياً وعسكرياً دولياً مهماً، في ظلّ فتور العلاقات بينه وبين الولايات المتحدة الأمريكية، بعد امتناع الجيش والحكومة السودانية في أغسطس 2024 عن حضور مسار جنيف السياسي الذي ترعاه واشنطن لمعالجة الأزمة السودانية، بسبب مشاركة قوات الدعم السريع التي يقودها محمد حمدان دقلو في هذا المسار، حيث يتحفظ الجيش على المساواة بينه وبين قوات الدعم السريع، وعلى الإصرار الأمريكي لحضور الإمارات بصفتها عضواً مراقباً.
على العموم أظهرت روسيا من خلال تعطيل مشروع القرار حول السودان في مجلس الأمن احتفاظها بقدرتها على القيام بأدوار مهمة على الساحة الدولية على الرغم من الانشغال في الحرب الأوكرانية، وأكدت حضورها في الملفّ بما يعزز أوراقها التفاوضية مستقبلاً مع واشنطن، في ظلّ الحديث عن إمكانية إطلاق مفاوضات بعد وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.