أثر الدعم الغربي على المواجهة بين أوكرانيا وروسيا
2023-06-191423 مشاهدة
بدأت أوكرانيا منذ 9 حزيران/ يونيو، هجوماً مضاداً واسع النطاق لمواجهة القوات الروسية. وشهدت الأيام الماضية إعلانات متبادلة من الطرفين عن إنجازات ميدانية على جبهات القتال. وبالفعل فإن مسرح العمليات القتالية يشير لحالة توازُن بين القوتين، مع أفضلية نسبيّة للقوات الأوكرانية، خاصة بعد الهجمات المعاكسة التي تشنها في جبهتَيْ باخموت وزابوريجيا.
تمتلك أوكرانيا عدداً من المزايا النسبية في المعركة حالياً، أهمها:
1) التسليح الغربي لأوكرانيا بالأسلحة النوعية الذي ساهم في تحقيق مكاسب ميدانية لصالح الجيش الأوكراني، على سبيل المثال منظومة الصواريخ "هيمارس HIMARS" أحدثت فارقاً كبيراً في المعركة لصالح القوات الأوكرانية في عمليتَيْ تحرير "خيرسون وخاركيف"، وكانت السلاح الأساسي خلال السيطرة عليهما، وساهمت هذه المنظومة إلى حدّ جيد في تعويض عدم قدرة الجيش الأوكراني على استخدام سلاح الطيران، إذ يمكن لهذه المنظومة تنفيذ ضربات دقيقة موجَّهة بالليزر.
كما ساهمت منظومات الدفاع الجوي "باتريوت Patriot" في تقليص قدرة الطيران الروسي على تغطية تحرُّك القوات البرية، مما أعاق قدرتها على الهجوم.
ووفَّرت الدبابات المتطورة التي حصل عليها الجيش الأوكراني من طراز ليوبارد Leopard وأبرامز Abrams وتشالنجر Challenger زيادة حركية القوات الأوكرانية خلال المواجهات.
2) الدعم الاستخباراتي الغربي: حيث تقوم أجهزة الاستخبارات الغربية بتقديم المعلومات والدعم اللوجستي للجانب الغربي عن بُعد، أو من خلال الخبراء والمستشارين الغربيين المتواجدين في عدة مواقع في أوكرانيا، منها موقع مقابل "المحطة النووية بزبروجيا"، ومنطقة أخرى مقابل جزيرة القرم.
3) محدودية الذخيرة الروسية من الصواريخ بعيدة المدى التي تمكنها من استهداف مواقع دقيقة، والتكلفة العالية لتلك الصواريخ في حال إنتاجها، وهو الأمر الذي دفعها إلى الاعتماد على أسلحة رخيصة كالمسيّرات الإيرانية لإحداث أكبر حجم من الأضرار وبأقل التكاليف لكن دون دقة عالية، بينما لا يعاني الغرب بالمقابل من هذه الإشكالية، لأن الدعم يتمّ بشكل جماعي.
4) الضعف الاستخباراتي الروسي حيث يبدو أن بنك الأهداف الذي تمتلكه موسكو قديم ويفتقر لمعلومات التحديث الدقيقة، وفي العديد من المرات قامت القوات الروسية باستهداف مواقع عسكرية مهجورة منذ فترة، أو أنها لم تتمكن من رصد التحرُّكات الأوكرانية.
بالمقابل يُعاني الجيش الأوكراني من عدّة تحدِّيَات، أهمها أن التسليح الغربي يقوم على مبدأ التدرج بما يتناسب طرداً مع حِدَّة الهجوم الروسي، وهو ما يدفع الأوكرانيين في بعض الأحيان لاستفزاز روسيا، بهدف دفعها لاستخدام المزيد من القوة، لتحصل كييف على مزيد من السلاح النوعي الغربي، ومثاله ما جرى عند تفجير "جسر القرم" الذي يُعتبر أكبر المشاريع الروسية في المنطقة، وافتتحه بوتين بنفسه، واستهدافه بأسلحة أوكرانية الصنع"، وبالفعل بدأت روسيا بعد التفجير بعملية قصف المواقع الحيوية الأوكرانية كمحطات الكهرباء وغيرها من المواقع اللوجستية، الأمر الذي دفع الغرب لتزويد كييف بأنظمة دفاعات جوية متطورة.
ويحمل هذا التدرُّج عدة أهداف، أبرزها الحسابات السياسية للدول الغربية الداعمة لأوكرانيا، فالولايات المتحدة وأوروبا لا ترغب باستفزاز روسيا من خلال شنّ هجمات عليها، فالحالة الهجومية ستكون لها عواقب سياسية وعسكرية خطيرة، كما أن الهجوم على الأراضي الروسي لا يحظى بتفويض داخلي في الدول الغربية، ولا يحظى بتوافُق بين حلفاء الولايات المتحدة.
كما أن التدرج مرتبط بحاجة الجيش الأوكراني للتدريب على منظومات الأسلحة المتطورة، وكيفية إدماجها مع بقية المنظومة العسكرية الأوكرانية.
ويبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية، والدول الأوروبية تعمل على إدارة المعركة من خلال تقديمها الدعم العسكري والاستخباراتي للجيش الأوكراني، وَفْق إستراتيجية تقوم على احتواء هجمات الجيش الروسي واستنزافه، ومنعه من الاحتفاظ بمدن كبيرة سيطر عليها سابقاً مثل "خيرسون ومعظم مناطق خاركيف"، ثم توجيه الهجوم المضادّ باتجاه موانئ بحر آزوف "ماريودل – بيردزنك"، وبالتالي تستعيد أوكرانيا السيطرة على كامل الجنوب الأوكراني تدريجياً.