النفوذ الروسي في إفريقيا: الدوافع والإستراتيجية والأدوات

النفوذ الروسي في إفريقيا: الدوافع والإستراتيجية والأدوات

2024-01-30
5808 مشاهدة
Download PDF


الملخَّص:

تعتقد روسيا بوتين، أن لديها مهمة تاريخية مقدسة، في استعادة إرث "عظمتها" التاريخية، وانتزاع "حقوقها" التي سلبها الغرب إياها، وعكس الهزيمة الجيوسياسية التي تلقتها بعد تفكُّك الاتحاد السوفيتي، وتجنُّب الأخطاء التي وقع فيها الأخير، عَبْر التعاون مع إفريقيا، ومدّ النفوذ فيها على كافة المستويات، دون إرهاق خزينة الدولة. ومن المفيد عند دراسة وتحليل السياسات الروسية عدم إغفال طابع الحكم الفردي الذي يتمتع به بوتين، الذي يسعى "لاستعادة" أمجاد روسيا. وتتبع موسكو عدة سياسات غرضها ترسيخ وجودها العسكري في القارة، وعلى ساحل المتوسط في شمال إفريقيا، والهيمنة على قطاع الطاقة من غاز ونفط، وقطاعَي التعدين والمعادن، وفتح السوق الإفريقية لمنتجاتها.

الكلمات المفتاحية: روسيا؛ بوتين؛ إفريقيا؛ الساحل؛ القواعد العسكرية؛ الطاقة؛ فاغنر

تمهيد

تهدف هذه الدراسة، إلى الإضاءة على الإستراتيجية الروسية تجاه إفريقيا التي تشهد "تدافُعًا جديدًا من قِبل القُوى العالمية والإقليمية، في تكرار لنفس الظاهرة التي عانت منها القارة نهاية القرن التاسع عشر، ولكن بشكل وآليات جديدة. في ظل هذا "التدافع"، لُوحظ تنامٍ لنفوذ الاتحاد الروسي، وبالتحديد في بُلدان الساحل الإفريقي، التي كانت تقليديًا تدور في فَلَك السياسة الغربية، وهو ما طرح عدة أسئلة حول: (الدوافع والأهداف، والإستراتيجية الروسية المتبعة لتحقيقها). تسعى الدراسة لإلقاء الضوء على كل هذه النقاط وغيرها، بالشرح والتحليل، وتنهيها بالاستنتاجات.

أولاً: البُعد التاريخي للعلاقات "الروسية-الإفريقية"

يصعب فَهْم دوافع السياسة الروسية، في سعيها لمدّ نفوذها بالقارة الإفريقية، دون دراسة البُعد التاريخي، حيث يسود اعتقاد عامّ لدى نظام بوتين، بالاستحقاق المختلط بالسخط والاستياء، نتيجة عدم حصول روسيا على "حصتها" المفترضة من إفريقيا بالحقبة الاستعمارية، وتكبُّدها الكثير من الخسائر نتيجة الاستثمار السوفيتي في هذه العلاقة وتنميتها، عَبْر تشجيع حركات التحرُّر الوطني، والدول المستقلة حديثًا آنذاك[1]، ثم الخروج من المشهد بلا أيّ مكاسب تُذكر، بينما ظلت القوى الاستعمارية القديمة، تستفيد من خيرات القارة[2]. أيضًا، عند دراسة البُعد التاريخي لهذه العلاقات، سنستكشف وجود العديد من المشتركات في الوسائل التي استخدمتها روسيا في حِقَبها المتعددة، رغم اختلاف الأيديولوجيات. على سبيل المثال الاعتماد على المتطوعين والمرتزقة[3]. وهو ما يضفي أهمية خاصة على دراسة هذا الجانب، كمدخل لفهم الإستراتيجية الروسية الأوسع.

الذكر الأول لإفريقيا في المراجع الروسية

شهد عام 990، تحوُّل السلاف الشرقيين، أسلاف (الروس والأوكرانيين والبيلاروسيين) الحاليين، إلى المسيحية الشرقية ذات الطقس البيزنطي، واعتبارها الديانة الرسمية لمملكة روس القديمة أو «كييفسكايا روس»، بعدما استقرت، وتم نقل عاصمتها من نوفغورود (شمال غرب روسيا حاليًا) إلى كييف[4]. وذلك عندما قرر الأمير فلاديمير الأول (956-1015)، اعتناقها لأسباب سياسية[5]. منذ تلك المرحلة بدأت علاقة الروس النظرية بإفريقيا، وذلك من خلال ما ورد في الكتاب المقدس من قصص وحكايات دارت أحداثها في مصر. بينما أول تدوين رسمي عن القارة، يعود لمؤرخ الكنيسة، الراهب نيستور بيشيرسكي (1056-1114)، الذي قدم وصفًا للعديد من البلدان الإفريقية، مثل: (إثيوبيا، وليبيا، ومصر، وموريتانيا)، وغيرها من المناطق التي جاءت منها كتابات للقديسين ورجال الكنيسة[6].

من الجدير بالذكر أن هذه المعرفة كانت مستمدة من المخطوطات الرومانية والبيزنطية، دون اتصال مباشر بين الطرفين. لكن من القرن الحادي عشر، بدأ توافُد الحجاج الروس على زيارة مصر، تحديدًا، شِبه جزيرة سيناء عند تقاطُع آسيا وإفريقيا[7].

اتصالات روسيا القيصرية مع إفريقيا

شهد عام 1547، تتويج أمير موسكو المعظم إيفان الرابع "الرهيب" (1530-1584) بلقب القيصر، بعدما ادَّعى أنه الوريث الشرعي لأباطرة بيزنطة، بعد زوال إمبراطوريتهم على يد الترك العثمانيين، استنادًا لكون جدته لأبيه الأميرة صوفيا باليولوغينا، ابنة أخ آخِر أباطرة بيزنطة قسطنطين الحادي عشر، ولأن إمارة موسكو العظمى، أكبر بلد أرثوذكسي في العالم، معتبرًا موسكو "روما الثالثة"[8]، وحامي حمى الأرثوذكسية ومجدها على الأرض. وللتأكيد على هذه المكانة، أرسل القيصر في عام 1558، سفارة خاصة إلى دير سانت كاترين في سيناء، محملة بالذخائر الملفوفة بغطاء منسوج من الذهب، مع رسالة يدعو فيها آباء الدير "للصلاة لأجل روسيا، ولأجل زوجته أناستاسيا رومانوفنا، ولأبنائه، وكل المسيحيين الأرثوذكس"[9].

في عام 1721، أعلن بيوتر الأول أو "بطرس الأكبر" نفسه إمبراطورًا على روسيا. أثناء رحلته الاستكشافية إلى أوروبا بالفترة من (1697-1698) عندما كان شابًّا، وفي أحواض بناء السفن الهولندية، سمع لأحاديث الكثير من البحارة ذوي الخبرة عن أراضي إفريقيا، وكان من بين هؤلاء، عمدة أمستردام ومدير شركة الهند الشرقية الهولندية، نيقولايس فيتسن (Nicolaes Witsen). شكَّل هذا التواصل مقدمة لأول عمل سياسي لروسيا في إفريقيا، عندما قرر بطرس الأكبر، إطلاق حملة عسكرية إلى مدغشقر، عام 1723، لبناء قاعدة إمداد وتموين فيها، في محاولة لإنشاء طريق بحري من بحر البلطيق إلى الهند، لكنها باءت بالفشل[10].

رغم فشل بطرس الأكبر، في الحصول على موطئ قدم في إفريقيا، لكن شغفه بها لم يتوقف، واستجلب العديد من الأفارقة إلى إمبراطوريته، وفي عهده شهد ظهور أول "إفريقي روسي" - أبرام غانيبال، الذي يُعتقَد أنه إما من إثيوبيا أو تشاد أو الكاميرون[11]. الذي أصبح هو وولداه جنرالات كبارًا في الجيش الإمبراطوري، وحفيده هو الشاعر ألكسندر بوشكين، أمير الشعراء الروس، ورمز تطوُّر اللغة الأدبية الروسية[12].

ظلت أفكار بطرس الأكبر، حول التوسُّع في إفريقيا، حاضرة داخل أروقة صُنع القرار في الإمبراطورية، حتى جاءت يكاترينا الثانية أو "كاترين العظيمة"، التي تواصلت مع شيخ بلد مصر المملوكي علي بك الكبير، وعقدت معه حلفًا عسكريًا، وأمدته بالأسلحة لمواجهة النزعة الاستقلالية لشيخ العرب همام الهواري، في صعيد مصر، والموالي للسلطان العثماني، وبعدما قضى عليه، تمرد على الدولة العثمانية، بدعم من البحرية الإمبراطورية الروسية، تحت قيادة الكونت أليكسي أورلوف عام 1771، لكن هذا التمرد فشل[13].

في الفترة من (1899-1902)، وفي إطار التنافُس الروسي-الإنجليزي، شارك أكثر من 200 متطوع روسي بنشاط إلى جانب البوير في حرب البوير الثانية[14]. وكان من بينهم المقدم يفغيني ياكوفليفيتش ماكسيموف، الذي تمت ترقيته إلى رتبة جنرال من قِبل البوير، والسياسي القومي عضو مجلس الدوما ألكسندر إيفانوفيتش غوتشكوف، والمتطوع نيقولاي يفغرافوفيتش بوبوف، الذي أصبح لاحقًا من أوائل الطيارين الروس[15].

علاقات الاتحاد السوفيتي مع إفريقيا

أدت البوادر الأولى لانهيار النظام الإمبراطوري في أوروبا، بعد نهاية الحرب العالمية الأولى، إلى صعود حركات التحرُّر الوطني ضدّ الاستعمار في إفريقيا. كان الاتحاد السوفيتي، لا يزال في مرحلة تشكيله الأولية، وركز على جيرانه الأقرب في آسيا، وقد باءت محاولاته الرامية إلى إقامة علاقات دبلوماسية مع الدول الإفريقية القليلة المستقلة، مثل: (ليبيريا، ومصر، وإثيوبيا) بالفشل. كما فشلت أيضًا جهود منظمة الشيوعية الدولية «الكومنترن» في خلق نفوذ سوفيتي، وكان الحزب اليساري الوحيد في القارة الذي كان له بعض الوزن في فترة ما بين الحربين العالميتين، الحزب الشيوعي في جنوب إفريقيا، قد فقد مكانته نتيجة للقمع الذي مارسته السلطات البريطانية، والانقسام داخل صفوفه مع بداية الحرب العالمية الثانية.

بعد الانتصار السوفيتي في الحرب العالمية الثانية، استخدمت موسكو، منصّة الأمم المتحدة، لدعم حركة التحرير الوطني المتوسعة. أقامت موسكو علاقات ثنائية مع الدول المستقلة حديثًا، والتي تحررت من الوصاية الاستعمارية الأوروبية، مثل: (غانا، وليبيا، والسودان، والمغرب، وتونس)، وغيرها. وقد أُقيمت علاقة خاصة مع مصر في حقبة جمال عبد الناصر.

انفتحت فرص جديدة للتعاون "السوفيتي-الإفريقي" في عام 1960، المعروف الآن باسم «عام إفريقيا» حين نالت 17 دولة في القارة استقلالها على الفور، وفي ظل الظروف الصعبة التي فرضتها الحرب الباردة، لعبت دول العالم الثالث دورًا بارزًا في كافة الترتيبات الإقليمية. في هذه المرحلة، ازداد نفوذ الاتحاد السوفيتي في القارة كما لم يحدث من قبل. بالإضافة إلى مصر، تم تقديم مساعدات كبيرة للجزائر وليبيا في شمال إفريقيا، وفي شرق إفريقيا، أصبحت إثيوبيا حليفًا مخلصًا للاتحاد السوفيتي بعد الإطاحة بالنظام الإمبراطوري، وكذلك تنزانيا ومدغشقر والصومال لبعض الوقت[16].

في إفريقيا الوسطى - وهي الأقل نموًا ولكنها لا تقلّ أهمية اقتصادية - ساعد الاتحاد السوفيتي في "بناء الاشتراكية"، وكذلك الأمر في الكاميرون وتشاد. وقد تطورت علاقات معقدة ومتناقضة مع مستعمرة الكونغو البلجيكية السابقة، وجمهورية إفريقيا الوسطى. وفي غرب إفريقيا شهدت غينيا وغانا نفوذًا سوفيتيًا قويًا. عارض الاتحاد السوفيتي علانية سياسة الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، وبالتالي دعم في جنوب القارة "دول خط المواجهة" - أنغولا وموزمبيق، وساعد المتمردين في روديسيا الجنوبية[17].

في أوقات مختلفة، كان لدى الاتحاد السوفيتي، بالإضافة إلى عدد من المطارات العسكرية الكبيرة، قواعد بحرية في الصومال وإثيوبيا ومصر وليبيا وتونس وغينيا[18]. تمركزت مجموعات من المتخصصين العسكريين السوفيت في الجزائر وأنغولا ومصر وموزمبيق والصومال وإثيوبيا. كما تم تقديم المساعدة الاقتصادية والتقنية للبلدان الإفريقية في إنشاء اقتصادات وطنية متنوعة. كان لدى الاتحاد السوفيتي اتفاقيات حكومية دولية بشأن التعاون الاقتصادي والفني مع 37 دولة في إفريقيا. وعلى أساسها شارك المتخصصون السوفيت في إنشاء حوالَيْ 600 مؤسسة ومنشآت أخرى، بحلول نهاية الثمانينيات[19].

لم تتلقَّ الحكومات الإفريقية المتحالفة قروضًا تفضيلية فحَسْبُ، بل حصلت أيضًا على مساعدات مالية وفنية مجانية بملايين الدولارات. تلقى عشرات الآلاف من الطلاب الأفارقة تعليمهم العالي في الجامعات السوفيتية المرموقة، بما في ذلك جامعة باتريس لومومبا الشهيرة (حاليًا الجامعة الروسية لصداقة الشعوب)، أتى هذا الرهان على "القوة الناعمة" بثماره - فالاقتصاديون والأطباء والمهندسون والسياسيون، بعد عودتهم إلى أوطانهم، ظلوا في كثير من الأحيان أصدقاء مخلصين للاتحاد السوفيتي وروسيا حتى يومنا هذا.

ثانياً: الأهداف الإستراتيجية الروسية في إفريقيا

العلاقات الحديثة بين الاتحاد الروسي وإفريقيا

أدى الوضع الاقتصادي والسياسي الداخلي الصعب للغاية في روسيا، والذي أعقب انهيار الاتحاد السوفيتي، إلى الحدّ بشكل كبير من الوجود في القارة. واضطرت معظم البلدان الإفريقية التي كانت تعتمد في السابق على الاتحاد السوفيتي إلى التخلي عن المسار الاشتراكي للتنمية، والبحث عن حلفاء جدد. ومع ذلك، منذ بداية القرن الحادي والعشرين، بدأت الشركات الروسية في الاستثمار بنشاط في إفريقيا - في الرواسب المعدنية: (غينيا، وجمهورية إفريقيا الوسطى)، والمصانع المعدنية (نيجيريا)، ومحطات الطاقة الكهرومائية (أنغولا)، وخطوط أنابيب النفط (الجزائر)، ومحطات الطاقة الكهروذرية (مصر)، وغيرها من المشاريع ذات الاهتمام المشترك[20].

في أواخر عام 2010، بعد ثلاثة عقود من الغياب، قررت روسيا زيادة وجودها السياسي في إفريقيا. في عامَيْ 2019 و2023، عقدت مؤتمرات قمة "روسية-إفريقية" واسعة النطاق بمشاركة ممثلين على أعلى مستوى من 54 و45 دولة إفريقية على التوالي. وكما ذكر المشاركون في نهاية القمة الأخيرة 2023، وفي إطار مفهوم عالم متعدد الأقطاب، فإن حصة روسيا في إفريقيا، وأهمية إفريقيا في السياسة الروسية تشهد تزايُدًا متسارعًا[21].

يتبع الاتحاد الروسي (المسمى الرسمي للدولة الروسية لا "روسيا الاتحادية" كما يطلق عليها البعض) منذ تفكُّك الاتحاد السوفيتي عام 1991، نظامًا سياسيًا فيدراليًا، قائماً على الديمقراطية التمثيلية، والسوق الحر، وقد شهدت البلاد حقبة يمكن وصفها بالليبرالية الموسعة، بالفترة من (1992-1996)، وليبرالية جزئية من (1996-2006)، حتى ظهر مصطلح جديد يسمى "الديمقراطية السيادية"، الذي أطلقه نائب رئيس الإدارة الرئاسية- آنذاك- فلاديسلاف سوركوف، في مقالٍ له تحت عنوان: "تأميم مستقبل روسيا"، في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر 2006، والتي وفقًا له، تعني: "تصوراً خاصاً للحياة السياسية للمجتمع الروسي، يتم فيها اختيار جسم السلطة، وتحديد أعمالها، وتشكيلها وتوجيهها، من قِبل الأمة الروسية حصريًا بكل تنوُّعها، ووَفْق معيار الكفاءة والنزاهة، من أجل تحقيق الرفاهية المادية والحرية والعدالة لجميع المواطنين والفئات الاجتماعية والشعوب التي يتشكل منها الاتحاد الروسي"[22].

دعم الكرملين هذا المصطلح الجديد، وروَّجت له وسائل الإعلام الروسية، التي جرى تأميمها عَبْر استحواذ رجال الأعمال المقربين عليها، وبات عنوانًا لتلك المرحلة. كان الغرض الرئيسي منه القول للروس، بأن "ما تحقق من نجاحات اقتصادية وأمنية في سنوات حكم بوتين الست، بحاجة إلى تعزيزها لضمان الاستقرار، عَبْر سلطة وطنية غير خاضعة لرأس المال والتأثيرات الأجنبية". بالفعل نجحت هذه الحملة في تأميم القرار السياسي الروسي، وحصول بوتين على تفويض شعبي، ومن مراكز النفوذ والقوة بالبلاد، بأن يكون وحده المحتكر الوحيد لقرار السياسة الخارجية، وعليه فكل التحركات الجيوسياسية للدولة تصدر فقط وحصراً من خلال بوتين، ودور أجهزة الدولة والعاملين فيها ينحصر فقط في تنفيذها.

منطلقات عقيدة بوتين الفكرية

لا يمكن فهم السياسة الخارجية الروسية، بمعزل عن فهم شخصية بوتين، وطريقة ونمط تفكيره. بحسب وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر، الذي التقى بوتين عشر مرات، وصفه في أحد لقاءاته بأنه: "رجل يتمتع بإحساس كبير بالارتباط، ارتباط داخلي، بالتاريخ الروسي كما يراه، ويشبه إلى حد كبير شخصية فيودور دوستويفسكي"، في إشارة إلى الأديب الواقعي الروسي. وأكمل كيسنجر: "إنه يحسب بشكل بارد المصلحة الوطنية الروسية، كما يتصورها، والتي يعتقد، ربما بشكل صحيح، أن لديها بعض السمات الفريدة للغاية. بالنسبة له فإن مسألة الهُوِيّة الروسية أمر بالغ الأهمية؛ لأنه نتيجة لانهيار الشيوعية فقدت روسيا حوالَيْ 300 عام من تاريخها". وهكذا فإن السؤال حول "ما هي روسيا؟ يلوح بشكل كبير في ذهنه، وهذه مشكلة لم نواجهها من قبل".

لدى بوتين مزيج خاص من العقائد السياسية؛ من ناحية لديه نقمة على الشيوعية والبلاشفة، ويرى أنهم سمموا الجسد الروسي، ووضعوا اللبنة الأولى لتقسيم البلاد، وقد وصف حق تقرير المصير، الذي أقره لينين في الدستور السوفيتي، بأنه ورفاقه: "قد زرعوا قنبلة ذرية تحت مبنى يسمى روسيا"، لكنه من ناحية أخرى، يحترم ويقدر سياسات ستالين من الناحية الجيوسياسية، حتى أنه أعاد النشيد الوطني للاتحاد السوفيتي في عهد ستالين، بعدما غيَّر بعض الكلمات البسيطة، بالتزامن مع حملة أعادت "الاعتبار" له، وهو ما انعكس على استطلاعات الرأي، بأن أصبح ستالين، ينافس بشكل دوري على الشخصية الأولى أو الثانية، كأعظم حاكم في التاريخ الروسي[23].

على الرغم مما يتصف به بوتين من براغماتية، لكن رؤيته لا تخلو من نزعة ميتافيزيقية، يعزز منها شغفه بالأدب الروسي، المبني على هذه الأفكار، وإيمانه بأن "القدر" قد دفع به لمركز السلطة، وهو ابن مدينة بطرس الأكبر، ليعيد لروسيا مجدها، كما فعل الأخير، وفي الذكرى الثلاثمئة لتأسيس الإمبراطورية (1721)، والثلاثين لتفكيك الاتحاد السوفيتي، وأن عليه فعل كل شيء لتحقيق هذا الهدف "المقدس"[24]. لذلك، قد لا يكون من الصواب، افتراض أن دوافع بوتين، تحركها فقط المعايير المنطقية.

أهمية إفريقيا بالنسبة لروسيا

الصوت الإفريقي في المؤسسات الدولية: تشكل البُلدان الإفريقية نحو ثلث أعضاء المجتمع العالمي، وهي ممثلة في الهياكل المتعددة الأطراف، وتتمتع بالخبرة في العمل السياسي الموحد، من خلال الاتحاد الإفريقي وعدد من روابط التكامل دون الإقليمية. وبدون مشاركة البُلدان الإفريقية، فإن الأداء المستقر لنظام العلاقات الدولية، وتطوير العلاقات الاقتصادية العالمية، وتوفير نظام مستقر للأمن الدولي يكاد يكون مستحيلاً. تحتاج روسيا، للترويج لنظريتها حول "التعدُّدية القطبية" للصوت الإفريقي المساند لها في المؤسسات الدولية.

القواعد العسكرية لنَيْل مكانة الدولة العظمى: على الرغم من الاختلافات الكبيرة بين الأجزاء الشمالية وأجزاء جنوب الصحراء الكبرى من القارة، فإن القاسم المشترك بينهما، هو المشاكل ذات الطبيعة الإستراتيجية. كانت إفريقيا تقليدياً منطقة نفوذ عسكري لحلف شمال الأطلسي. ويتمتع الحلف بالعديد من المعاقل التي تتيح له السيطرة على الاتصالات البحرية في البحر الأحمر والخليج العربي والمحيط الهندي، وكذلك في جنوب المحيط الأطلسي. بالإضافة إلى ذلك، على أساس ثنائي، تحتفظ عدد من الدول الغربية بمواقع عسكرية سياسية في المنطقة، سواء من خلال القواعد والوحدات العسكرية، أو على أساس التعاون العسكري الفني. وبحسب المُعلن، فإن المهمة الرئيسية للوجود الغربي هي حماية الاتصالات الحيوية، والحفاظ على السلام، ومنع الصراعات العِرْقية، ومكافحة تهديد الإرهاب والقرصنة[25]، ومن بين الدول غير الأعضاء في حلف شمال الأطلسي، والتي لها أيضًا قواعد في إفريقيا الهند، واليابان، ومنذ عام 2016، بدأت الصين في بناء أول قاعدة عسكرية لها. بينما لا توجد لروسيا حاليًا أي قواعد عسكرية في إفريقيا، ودون امتلاك هذه القواعد، لا يمكنها الادّعاء بأنها "قوى عظمى".

سوق واعدة للشركات العسكرية الخاصة وتصدير الأسلحة: يتزايد الوجود العسكري الأجنبي لممثلي الشركات العسكرية الخاصة، فضلاً عن نمو شراء الأسلحة الأجنبية. أصبحت إفريقيا ككل مشاركًا بارزًا في عمليات السوق العالمية للمعدات العسكرية والأسلحة الصغيرة. يتم إرسال ما يصل إلى 10% من صادرات الأسلحة العالمية إلى دول القارة[26].

سوق ضخم للمواد الخام: من الأمور ذات الأهمية الخاصة لتقييم دور إفريقيا في النظام العالمي للقرن الحادي والعشرين هي المواد الخام (المعدنية بشكل رئيسي)[27]، والموارد البشرية. هناك موضوع مشترك في الدراسات المخصصة للقضايا الإفريقية، وهو التنبؤ بأن إفريقيا في القرن الحادي والعشرين ستكون المنطقة الأكثر ديناميكية في النمو، مما يؤثر بشكل متزايد على طبيعة ومعدل النمو في البُلدان المتقدمة. حتى الآن، حدثت بعض التغييرات في الوضع التقليدي للقارة الإفريقية في الاقتصاد العالمي. خلال الفترة من (2001-2014) شهدت إفريقيا إحدى أسرع المناطق الكلية نموًا في العالم.

فرص استثمارية كبرى: تحظى إفريقيا باهتمام كبير بالنسبة للمستثمرين الأجانب لأسباب تتعلق بالربحية العالية للاستثمارات، وفيما يتعلق بسياسات الدول الإفريقية نفسها، التي تسعى إلى جذب رأس المال بنشاط، وقد ازدادت أهمية إفريقيا لروسيا، بعدما تراجع مسار العلاقات مع الغرب، منذ الحرب في أوكرانيا.

خلق توازُن مع الصين: رغم ما يبدو من علاقة تعاوُن بين روسيا والصين، لكن كِلا البلدين لديه مخاوف مشتركة من بعضهما البعض، وصراعات تاريخية. في المقابل، تجمعهما الرغبة في نيل الاعتراف الأمريكي بالمكانة التي يريان أنهما يستحقانها. يُشكّل الوجود الروسي في إفريقيا، وتركيزه على الجانب العسكري، عامل توازُن مع التنامي الاقتصادي الصيني في القارة، حتى لا تبدو موسكو في موقف ضعف أمام بكين خصوصًا بعد تزايد الاعتماد عليها اقتصاديًا على إثر العقوبات الغربية. لكي تحافظ روسيا على العلاقة السلمية والتعاون مع الصين، وتعزيز هذا التعاون؛ تعرض موسكو تقديم الخدمات العسكرية، القادرة على حماية المصالح الاقتصادية لبكين، والتعاون المشترك لطرد القوى الغربية، وإعادة هيكلة وتشكيل دول القارة التي تعصف بها الصراعات الداخلية، وتقاسم الثروة والنفوذ معًا[28].

الضغط على القوى الغربية: تعتقد روسيا، أن بإمكانها تشكيل المزيد من الضغوط على الغرب، والدول الأوروبية خاصة، عبر تهديد نفوذها التقليدي في إفريقيا، وإشغالها في معارك جانبية، وزيادة الأعباء العسكرية والاقتصادية عليها نتيجة تدخُّلاتها، وازدياد تدفُّق الهجرة غير الشرعية، وهو ما يُضعف مواقف هذه الدول في دعمها لأوكرانيا، ويمنح موسكو ورقة ضغط يمكن أن تقايض بها على ملفات أخرى تهمها في جوارها القريب ما بعد السوفيتي.

إعادة تشكيل خرائط العالم: تعتقد عدة جهات سياسية وبحثية مؤثرة في روسيا، أن مشكلات إفريقيا، نابعة من التقسيم "الجائر" للحدود، التي تم رسمها وَفْق مصالح وتوافُقات القُوى الغربية، لتقاسُم النفوذ والموارد فيما بينها، على أساس أنها باقية في القارة ولن تذهب، بينما كان من المفترض أن يُعاد النظر فيها بعد نهاية الظاهرة الاستعمارية، لكن القادة الأفارقة وقعوا في فخّها، وهو ما أدى لخلق دول فاشلة، لا أمل في إعادة إصلاحها بشكل سلمي، دون إعادة تفكيك هذه المنظومة. كما يقترحون، أن تبادر روسيا، بعملية التغيير هذه؛ لأن الحدود بشكلها الحالي، ستجعل الكفّة دائمًا ترجح لصالح الصين والغرب، وخروج روسيا خاسرة من هذه المعادلةـ وهو ما عبَّر عنه بوضوح، البروفيسور في العلوم التاريخية، نائب مدير معهد الدراسات الإفريقية التابع للأكاديمية الروسية للعلوم، ديمتري بوندارينكو[29]. بينما اقترح (13) خبيراً روسياً وإفريقياً متخصصون في الشؤون الإفريقية، إعادة تشكيل النظام الخاص بدول الساحل الإفريقي، عَبْر تأسيس كونفيدرالية موسعة تجمع كافة دول المنطقة، وذلك في دراسة خاصة حول هذا الموضوع، صادرة عن مجلس الشؤون الدولية الروسي، التابع للكرملين[30]. توفر إفريقيا، فرصة مثالية لروسيا، لتحويل نظرياتها لواقع، حول عدم "صلاحية" النظام العالمي القائم، ودورها في إعادة تغييره، عَبْر تغيير كافة قواعده، لصنع نظام عالمي جديد.

ثالثاً: الوسائل الروسية لتحقيق أهدافها الإستراتيجية

اتبعت روسيا سياسة يمكن وصفها بـ “الهجينة"، لتحقيق أهدافها الإستراتيجية في إفريقيا، جمعت فيها ما بين الخطاب السوفيتي، الذي يلعب على وتر التحرر من "الاستعمار" بصيغته الجديدة، والبراغماتية في التعامل مع أي قوة سياسية يمكن أن تعقد اتفاقيات معها، وتحقق لها مصالحها، بغض النظر عن خلفيتها الأيديولوجية أو الاجتماعية.

يمكن إجمال أهم الوسائل الروسية، في النقاط التالية:

1. استغلال الأخطاء التاريخية الغربية، وتكرارها في الحاضر، من قِبل القُوى الغربية في إفريقيا، والتضخيم منها، عَبْر الضخ الإعلامي عن طريق وسائل إعلامها الناطقة بالفرنسية واللغات المحلية، وتعاونها مع بعض المنافذ الإعلامية المحلية، للتذكير بالإرث الاستعماري للغرب، ودور روسيا "الوريث" الشرعي للاتحاد السوفيتي في مساعدة حركات التحرر الوطني الإفريقية في الماضي، واستكمالها لهذه المهمة في الحاضر، مع التأكيد على عدم وجود ماضٍ استعماري لروسيا في المنطقة[31].

2. "العودة إلى التقاليد السوفيتية"، رغم الانتقادات الحادة التي يوجهها بوتين للقادة السوفيت وسياساتهم، إلا أن المدير العلمي لمنتدى فالداي الدولي للحوار، رئيس مجلس السياسة الخارجية والدفاعية، ورئيس تحرير مجلة «روسيا في السياسة العالمية» فيودور لوكيانوف، المقرب من بوتين، قد وضح في لقاء معه، أن الخطاب السوفيتي له جاذبية خاصة، وشعبية كبرى ما زالت حية حتى الآن في إفريقيا، خصوصًا عند الحديث عن عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، واحترام سيادتها[32].

3. تتعامل السياسة الروسية مع قادة الدول الإفريقية، والقادة الجدد الذين وصلوا للسلطة عن طريق الانقلابات العسكرية، بطريقة واقعية براغماتية، دون قيود أو قيم لا بد من التقيد بها، مثل الديمقراطية، وسلطة القانون، وحقوق الإنسان، وغيرها من الأدبيات السياسية التي يستخدمها الغرب للضغط على زعماء هذه الدول، أو ضرورة الالتزام بالاشتراكية، كما كان الوضع بالحقبة السوفيتية. وهو ما يوفر لقادة إفريقيا هامشاً واسعاً من المناورة، وقدرة على إيجاد بدائل لتثبت أركان حكمهم بعيدًا عن السياسة الغربية.

4. توفير الخدمات الأمنية، بشكل سريع دون الحاجة لبناء قواعد عسكرية، تحتاج لمزيد من الوقت والأموال والتجهيزات اللوجستية، وتثير السكان المحليين، عبر "الشركات" الخاصة. التي تمتلك أيضًا، طرقاً عديدة مرنة للحصول على مقابل لخدماتها. على سبيل المثال، وسع المالك السابق لشركة «فاغنر» يفغيني بريغوجين، في أعماله، وشجعت "انتصاراته" التي تم المبالغة فيها في سورية، الكرملين على استخدامه في إستراتيجية روسيا نحو التوسع في إفريقيا، واستغلال الفراغ الحاصل في القارة، وسط الانشغال الأمريكي وضعف النفوذ الفرنسي التقليدي. كانت معادلة بريغوجين، بسيطة وواضحة بعد تجربته مع النظام السوري: "توفير الحماية والمقاتلين والتدريب والأسلحة والذخيرة، مقابل حصة من النفط أو الغاز أو الذهب أو الماس". وهو ما أدى لتوسُّع هياكل شركات مجموعة كونكورد القابضة، وتحوُّلها لشبكة عابرة للحدود. توسعت أنشطة «فاغنر» في (8) دول إفريقية. وقد تزامن هذا بشكل مفاجئ مع التأسيس النشط لعلاقات السياسة الخارجية لروسيا مع قادة الدول الإفريقية. منذ عام (2017) وقعت روسيا وشركاتها المملوكة للدولة اتفاقيات بشأن التعاون العسكري والاقتصادي مع: (غينيا، والنيجر، وتشاد، ونيجيريا، وجمهورية إفريقيا الوسطى، وليبيا). بعد اجتماع بوتين مع الرئيس السوداني السابق عمر البشير، في تشرين الثاني/ نوفمبر 2018، وعد الأخير بوتين بأن يسلم "مفتاح إفريقيا" لروسيا. في سوتشي تم توقيع اتفاقية بين شركة مروي غولد السودانية وشركة (M Invest) التابعة لبريغوجين، للتنقيب عن الذهب مقابل الحماية من قِبل «فاغنر»[33]، تكرر الشيء نفسه مع جمهورية إفريقيا الوسطى، عَبْر عقود لصالح إحدى شركات بريغوجين، لتوفير المرتزقة مقابل الذهب والماس[34].

5. تعزيز القوة الناعمة، عَبْر عدة طرق، ومنها:

· العمل على بناء كوادر إفريقية، لديها عاطفة خاصة تجاه روسيا، من خلال التوسع في المنح الدراسية لأبناء القارة، والتي بلغت عام 2022، حوالَيْ 34.000. البرنامج الأكثر شعبية بين الطلاب من (سيراليون ونيجيريا) العلوم الطبية. ومن (الكاميرون وتشاد) هندسة النفط والغاز. ومن (ساحل العاج ونيجيريا) الاقتصاد والشؤون المالية. بينما اختار مواطنو (بنين وأنغولا) الإدارة. واختارت (جمهورية الكونغو الديمقراطية وتشاد وجمهورية الكونغو–برازافيل) العلاقات الدولية. ركزت برامج المنح على أن يدرس معظم الطلاب من إفريقيا باللغة الروسية، لتعلمها وخلق جيل من المتخصصين القادرين على التحدث بها[35]، تهدف روسيا، للوصول بهذا الرقم إلى مئة ألف، خلال السنوات الخمس القادمة.

· توقيع أكثر من 70 اتفاقية بشأن الاعتراف المتبادل بالدبلومات والدرجات العلمية بين روسيا والدول الإفريقية، وجعل اللغة الروسية إحدى اللغات الأجنبية لتدريسها في البلدان الإفريقية، وتدريس أربع لغات إفريقية محلية في المدارس والجامعات الروسية[36].

· عقد عدة مهرجانات سنوية، للثقافة والسينما، بين روسيا وإفريقيا، لعل أشهرها المهرجان الثقافي والتعليمي «إفريقيا... معاً نحو المستقبل»، وبناء شراكة مع دور السينما والإنتاج الإفريقية، وعلى رأسها العملاق النيجيري «نوليوود»، لزيادة حضور السينما الروسية في إفريقيا[37].

· عقد ورش عمل ومؤتمرات دورية، تحت عنوان «منتدى الشراكة الروسية-الإفريقية»، بحضور مئات الشخصيات الإفريقية المؤثرة من كافة المجالات، لزيارة روسيا بشكل دوري، وخلق روابط شخصية معها[38].

· توفير الحماية الشخصية لكبار المسؤولين في الدول الإفريقية، ووسائل اتصالات حديثة، وملاذات آمنة لأموالهم وأُسَرهم داخل روسيا.

· استخدام الدين، عَبْر التوسع في التبشير بالقارة الإفريقية، ومنح الكنيسة الأرثوذكسية الروسية، حق ممارسة نشاطها داخل مناطق تابعة لبطريركية الإسكندرية للروم الأرثوذكس[39].

عَبْر هذا النهج "الهجين"، تقدم روسيا نفسها إلى إفريقيا، وخلفها الماضي السوفيتي، الذي قدم المساعدة لدول إفريقيا في نَيْل الاستقلال، وبنائها اقتصاداتها وقدراتها العسكرية. وتعزيز القوة الناعمة عَبْر توفير الغذاء، وتحديدًا الحبوب، سواء في شكل منح وهِبَات أو بشروط دفع ميسرة. على سبيل المثال، أعلن بوتين في يوليو/ تموز 2023، أثناء انعقاد القمة الروسية الإفريقية الثانية، أن روسيا مستعدة لتوريد: "ما بين 25 ألفاً إلى 50 ألف طن من الحبوب إلى العديد من الدول الإفريقية في الأشهر المقبلة مجانًا". وقد خص بهذه الإمدادات: (بوركينا فاسو، وزيمبابوي، ومالي، والصومال، وجمهورية إفريقيا الوسطى، وإريتريا). كما أكد أن توصيل الحبوب سيكون مجانيًا أيضًا[40].

تقدم روسيا أيضًا لقادة إفريقيا، نموذجاً مختلفاً للتعاون عن الغرب، الذي اعتمد على سحب الموارد لصالح الشركات الكبرى، وحصر الاستفادة منها في فئة محدودة من ذوي النفوذ في القارة. أو النموذج الصيني، الذي يركز على مشاريع البِنْية التحتية لتشغيل الاقتصاد الصيني، مقابل الديون ثم الاستحواذ على مرافق حيوية لسدادها. بينما المعادلة الروسية قائمة على "المقايضة" في تقديم سلع مقابل خامات، ودخول شركاتها للاستحواذ على مكامن الثروات الطبيعية، وبناء مؤسسات تخلق لها نفوذاً جيو-اقتصادياً، وتوسع من دائرة الربح والمستفيدين، ولا تشكل ضغوطاً على ميزانية الدولة، وهو ما أكدت عليه ماريا نيكولاييفيتش، المؤسس المشارك لموقع (SMART Business Today)، في المنتدى "الإفريقي-الروسي" للأعمال[41]. يضاف لما سبق، توفير الحماية العسكرية، والشخصية للزعماء، والحماية الدبلوماسية عَبْر حق النقض «الفيتو» في مجلس الأمن، وهو ما يجعل العلاقة مع روسيا في العديد من النواحي، أكثر جاذبية من الغرب والصين، وقد ساهم هذا النهج في دفع العديد من العسكريين المغامرين للقيام بانقلابات، وتسويق أنفسهم لشعوبهم عَبْر التعاون مع روسيا، على أنهم "قادة" جُدد للتحرر الوطني، وبالتحديد في بُلدان الساحل، التي تكتسب أهمية خاصة لروسيا، لما تمتلكه من موارد، وموقع إستراتيجي مهمّ.

6. إستراتيجية التوسُّع العسكري

حتى الآن، لا تمتلك روسيا، أي قاعدة عسكرية، بشكل رسمي في إفريقيا. بينما تربطها مع مصر، اتفاقية بشأن الاستخدام المتبادل للأجواء الجوية والمطارات العسكرية[42]، في إطار "الجهود المشتركة لكِلا البلدين لمكافحة الإرهاب"، حسب البيانات الرسمية. لكن هناك اعتقاد بأن الاتفاقية، غرضها منح إمكانية للطيران الروسي، تقديم الدعم الجوي للمشير خليفة حفتر، فيما كانت تُسمَّى ظاهرة "الطيران الحربي المجهول" في ليبيا، للالتفاف على الحظر الدولي، لتقديم الدعم العسكري لطرفَي النزاع[43]. يُضاف لذلك، عدة "تفاهُمات" تسمح للسفن الروسية، بالرسوّ في موانئ مصر وشرق ليبيا والجزائر، وبعض الدول الإفريقية الأخرى، للحصول على المؤن والصيانة.

إدراكًا منها لصعوبة الحصول على قاعدة في إفريقيا، ونظرًا لمحدودية قدراتها المالية، سعت روسيا للتواجد عَبْر "الشركات" العسكرية، التابعة للخدمات الخاصة، لتشكل ما يشبه "المجسّات" لاستكشاف الوضع الداخلي، وصنع نفوذ وتواجُد مستقر، يؤهلها فيما بعدُ للبحث في إمكانية الحصول على قاعدة عسكرية تخدم أهدافها. تمثل القواعد البحرية، الأولوية الأولى لروسيا في إفريقيا، وعلى رأس هذه الأولويات، ساحل البحر الأبيض المتوسط في شمال إفريقيا. من ضِمن الدول المطلة على البحر المتوسط: (مصر- ليبيا- تونس- الجزائر- المغرب)، ليبيا هي الأنسب، لسهولة تحقيق هذا المطلب في ظل الانقسام الحالي بالبلاد، ولكونها رغبة قديمة منذ الحرب العالمية الثانية. ولذلك يمكن فهم رهان موسكو على خليفة حفتر، وتقديم الدعم العسكري له. كان ستالين قد سعى إلى الحصول على قاعدة بحرية في ليبيا، أثناء تقاسُم تركة إيطاليا الفاشية، بعد هزيمتها في الحرب العالمية الثانية. تكشف الوثائق السوفيتية والبريطانية والأمريكية، المفرج عنها اليوم، إلحاح ستالين من خلال وزير خارجيته فياتشيسلاف مولوتوف، أثناء مفاوضاته مع نظرائه الحلفاء، على الحصول على قاعدة بحرية في ليبيا[44]. ثم تدخُّله شخصيًا بالمفاوضات، في مؤتمر بوتسدام، الذي أفضى لرفض بريطاني مطلق لنقاش هذا الطلب بأي شكل من الأشكال[45].

امتلاك روسيا لقاعدة بحرية في ليبيا، بجانب قاعدتها الحالية في طرطوس في سورية، وتوسع قواعدها عموماً في سورية، مع فرض سيادتها الكاملة على شِبه جزيرة القرم التي يتواجد فيها قيادة أسطول البحر الأسود في قاعدة سيفاستوبول. سيمكنها من ربط أساطيلها بالبحر الأسود مع المتوسط، وقدرة أكبر على خلق توازُن مع الأسطول الأمريكي السادس، وتطويق الناتو من خلال وجودها في سورية على حدود تركيا، وفي جنوب أوروبا عَبْر المتوسط من ليبيا، ويمنح البحرية الروسية قدرة على الإبحار في الأطلسي للوصول للحلفاء في أمريكا اللاتينية، ونقطة انطلاق نحو إفريقيا لتوسيع قواعدها البحرية فيها، وربط كل هذه الشبكة بقاعدة تأمل في الحصول عليها بالبحر الأحمر عن طريق اليمن، من خلال حفاظها على علاقات مع أنصار الله "الحوثيين"، وإمكانية تقديم نفسها كضامن لهم وللسعودية، عَبْر قاعدة بحرية في الحديدة. و/أو بربرة في الصومال، وهناك مفاوضات جادة بين الطرفين، حول اعتراف روسي باستقلال أرض الصومال، مقابل الحصول على هذه القاعدة[46]. و/أو بورسودان في شرق السودان[47]، وهو ما يفسر أيضًا، ما يبدو دعمًا منها لقائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو، الشهير بـ"حميدتي"، لتكون بمثابة نقطة انطلاق نحو بحر العرب والمحيط الهندي. ليكون لأسطولها البحري تواجُد في المحيطات الثلاث: (الهندي، والهادئ، والأطلسي)، والبحار: (الأسود، والمتوسط، والأحمر، والبلطيق).

عقيدة الكرملين الحالية، هي حصول روسيا على حصتها التاريخية نتيجة "تضحياتها" الكبرى في الحربين العالميتين، وهضم الغرب لهذه الحقوق (كما تدعي)، وما تبع ذلك من عدم التزام الغرب بتعهُّداته، بعد تفكُّك الاتحاد السوفيتي، بعدم اقتراب الناتو ولو "بوصة واحدة" بعد أراضي ألمانيا الموحدة[48].

لا تزال، قوات «فاغنر» تعمل في إفريقيا، بعد مقتل بريغوجين، على سبيل المثال، وفقًا لمؤسس معهد الإستراتيجية والعلاقات الدولية من بوركينا فاسو، عمر بول كوالاغي، فإن وجود «فاغنر» في مالي، ما زال نشطًا، ويكلف الدولة حوالَيْ 10 ملايين دولار شهرياً[49].

المفارز الرئيسية موجودة في إفريقيا وبيلاروس، وذهبت بعض الوحدات بالتناوب إلى جمهورية إفريقيا الوسطى وليبيا ومالي، وقد أكدت الحكومة الروسية لزعماء الدول الإفريقية، أن عمل فاغنر سيظل مستمراً، لكن تحت مظلة وزارة الدفاع وجهاز المخابرات الخارجية، بينما طالبت بسحب بعض المقاتلين، واستبدالهم بآخرين. على سبيل المثال في ليبيا، ولكن حفتر طلب الإبقاء على عناصر فاغنر، لحين انتهاء التوترات الحدودية مع السودان والنيجر.

في المقابل، يُجري الحرس الوطني الروسي، بالتنسيق مع وزارة الدفاع، والحكومات الإفريقية، اتفاقات جديدة لإرسال "خبراء" عسكريين، وتوفير أسلحة وذخائر، وإعادة تأهيل الجيوش الوطني، بالأسلحة الروسية بديلاً عن وجود مقاتلين روس، بجانب تجنيد مقاتلين من البلدان الإفريقية، ووضعهم داخل هياكل شركات عسكرية روسية خاصة، خاضعة لجهاز المخابرات الخارجية (SVR). كما تزعم بعض المنافذ الإعلامية المعارضة وكذلك الأوكرانية، عن نية روسيا، تشكيل ما يسمى «الفيلق الإفريقي»، والذي سيتم تفعيله (وَفْق الزعم) في صيف عام 2024، وسيعمل في خمس دول إفريقية: (بوركينا فاسو، وليبيا، ومالي، وجمهورية إفريقيا الوسطى، والنيجر)[50].

7. إستراتيجية الهيمنة على سوق الطاقة

في مقدمة إستراتيجية الأمن القومي الروسي، التي شارك في صياغتها عام 2007، الجنرال مخموت أخمدوفيتش غارييف، جاء فيها: "الأمن بالنسبة لروسيا، يعني أولًا وقبل كل شيء، أمن الطاقة وأسواقها المستهدَفة"[51]. تعمل روسيا بشكل منهجي، على وضع (إستراتيجية الطاقة الروسية 2030)[52]، محل التنفيذ، لربط كافة الأسواق المستهدفة روسيًّا بخطوط غاز طبيعي، والسيطرة عَبْر شركاتها على تدفُّقات الغاز القادمة من مصادر أخرى، لتصبح المتحكم الأكبر في هذا السوق.

زاد من أهمية العمل على تطبيق هذه الإستراتيجية، وتطويرها، الإجراءات التي اتخذتها الدول الأوروبية، بعد ما تسمى روسيًا "العملية العسكرية الخاصة" في أوكرانيا. والتي أدت من ضِمن عدة أشياء أخرى، إلى زيادة الطلب على المصادر غير الروسية من النفط والغاز. ونتيجة لذلك من المتوقع أن تحصل أوروبا على حصة أكبر من إمدادات الغاز الطبيعي المسال المستقبلية حتى في ظل تصوُّر مشاريع خطوط الأنابيب الجديدة لتزويد أوروبا الغربية بغاز غرب إفريقيا، وتشمل هذه المشاريع خط أنابيب الغاز عَبْر الصحراء (TSGP)، وخط أنابيب الغاز بين نيجيريا والمغرب (NMGP)[53].

بناءً على ما سبق، الوجود الروسي في المتوسط، سواء في سورية أم ليبيا، له أهمية إستراتيجية لأمن أسواق الطاقة الروسية، وذلك عَبْر سعيها للعب دور أشبه بالدور "البريطاني-الأمريكي"، في بداية القرن الماضي، عَبْر امتلاك شركاتها لأكبر قدر ممكن من عقود امتياز مكامن الغاز والنفط، لإدارة تدفُّق هذه الإمدادات للأسواق العالمية والأوروبية على وجه التحديد، بما لا يضرّ بحصّتها في السوق العالمية وتراجعها، وهو ما يؤدي لخسارة على المستويين الاقتصادي والجيوسياسي، كون إمدادات الغاز تمثل أحد أهم أوراق الضغط بعد الجانب العسكري في علاقتها مع أوروبا، وتسابق الزمن لقطع الطريق على أي مبادرة دولية قد تؤدي لإيجاد مصادر غاز بديلة لأوروبا. بما أن غاز شرق المتوسط، وغرب إفريقيا، هما المرشحان الأكثر احتمالية، والأكثر أفضلية من حيث قرب المسافة والسعر لأوروبا من الغاز المسال القطري و/أو الأمريكي، فالوجود الروسي في منطقة الساحل تحديدًا، يحقق هدف قطع الطريق على تنفيذ هذه المشروعات، أو أن تتم عَبْر شركات روسية، وفي كِلتا الحالتين، سيشكل هذا الأمر – حال حدث – مكسباً اقتصادياً وجيوسياسياً لروسيا.

في مجال الطاقة النووية، تُعَدّ روسيا من بين الدول الخمس التي تمتلك أكبر موارد اليورانيوم في العالم. ويُقدَّر أن لديها نحو 486 ألف طن من اليورانيوم، أي ما يعادل 8% من المعروض العالمي. ومع ذلك تُعتبر البلاد منتجًا صغيرًا نسبيًا لليورانيوم الخام. وفي عام 2021، أنتجت حوالَيْ 5% فقط من اليورانيوم في العالم من المناجم. بينما في عام 2021، أنتجت كازاخستان ما يقرب من نصف اليورانيوم الخام في العالم. تمتلك روسيا في هذا المجال، العديد من نقاط القوة، الذي يجعلها متفوقة على الغرب بأكمله، حيث تُعتبر روسيا أكبر لاعب في مجال إنتاج الوقود النووي، حيث تمتلك ما يقرب من 40% من إجمالي البِنْية التحتية لتحويل اليورانيوم في العالم، وبالتالي أنتجت أكبر حصة من اليورانيوم في الحالة الغازية (يسمى سداسي فلوريد اليورانيوم). وينطبق الشيء نفسه على تخصيب اليورانيوم، الخُطوة التالية في الدورة النووية. ووفقًا لبيانات عام 2018 (أحدث البيانات المتاحة)، لدى روسيا الحصة الأكبر - حوالَيْ 46%[54].

كازاخستان، المنتج الأول عالميًا لليورانيوم، وتملك روسيا نفوذًا عليها، تعاني من صعوبات في الإنتاج نتيجة مشكلات لوجستية[55]، بينما في إفريقيا، يوجد ناميبيا، الدولة الثانية عالميًا من حيث الإنتاج، والنيجر، التي تعاني من اضطرابات أمنية وسياسية، منذ انقلاب 26 تموز/ يوليو 2023، الإستراتيجية الروسية، تهدف للسيطرة على قطاع الطاقة النووية، من حيث نَيْل أكبر حصة عالمية من تشغيل المفاعلات النووية، وإنتاج اليورانيوم، والتحكم في منتجيه، والحفاظ على هيمنتها في مجال تصدير الوقود النووي، المطلوب لتشغيل المفاعلات، وقد باتت قريبة من تحقيق هذا الهدف، بعد الانسحاب الفرنسي من النيجر.

الاستنتاجات

ظهرت تأثيرات الإستراتيجية الروسية على إفريقيا بشكل متزايد، وهو ما ساهم في خلق حالة من التمرُّدات والانقلابات العسكرية في بُلدان الساحل الإفريقي وليبيا والسودان، ومكَّن النُّظُم الجديدة من الثبات، نتيجة وجود ظهير روسي داعم لهذه الحركات، على المستويات العسكرية والاقتصادية والدبلوماسية.

توفر إفريقيا فرصة مثالية لروسيا، لتحقيق طموحاتها بأن تصبح "قوة عظمى مجددًا". وكذلك إعادة تفكيك وتركيب النظام العالمي، بما يوائم مصالحها، وتستخدم لتحقيق هذا الهدف إرثها التاريخي، الذي يبدو للكثيرين في إفريقيا ناصعًا، وأكثر إخلاصًا في دعمه للقارة، مقارنة بالغرب، كما أنه لا يبدو مستغلاً مثل النموذج الصيني، بجانب استخدام القوة الناعمة بما في ذلك الدِّين، لتحقيق أهدافها.

تأمل روسيا بأن تكون إفريقيا، وسيلة لتجنُّب العقوبات الغربية، وتصدير منتجاتها، والتحكم في أسواق الطاقة العالمية من نفط وغاز ويورانيوم خام، وكذلك الثروات التعدينية والمعدنية، لتصبح من خلال ما تمتلكه من ثروات باطنية لا متناهية، وما تسيطر عليه عَبْر شركاتها في مناطق نفوذها داخل إفريقيا، مركز القوة العالمي للطاقة والثروات الطبيعية، وهو ما يمكنها بجانب قوتها العسكرية، وإرثها التاريخي، من تحقيق توازُن مع منافسيها الأكثر قوة منها، مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والصين، وامتلاك أدوات ضغط قادرة على تحقيق مصالحها.

الوجود العسكري الروسي في إفريقيا، لا يزال يقتصر (حتى الآن) على الشركات الخاصة، واتفاقيات تعاوُن "عسكري- تقني"، مع العديد من الدول، وهو ما يفتح الباب أمام زيادة صادرات الأسلحة، وإنشاء قواعد عسكرية في المستقبل القريب، وربما تجنيد مقاتلين يدينون لها بالولاء، ليكونوا وسيلة لتحقيق أهدافها داخل إفريقيا وخارجها، من خلال ما يشاع عن نيتها تأسيس "الفيلق الإفريقي".

على الرغم من كل هذه النجاحات الروسية في إفريقيا، لكنها تظل نجاحات "تكتيكية" لا "إستراتيجية" طويلة الأمد، نظرًا لما تم الإشارة إليه في الدراسة، من افتقاد روسيا لدولة المؤسَّسات، وارتباط كافة سياساتها الخارجية تخطيطًا وتنفيذًا بشخص الرئيس بوتين، وعدم وجود يقين فيمَنْ سيأتي من بعده، ومدى كفاءته، وحفاظه على هذا النهج وتطويره، ووَفْق التجربة التاريخية، تعاني روسيا دومًا من تراجُع وأخطار قد تصل إلى تهديد وحدتها الداخلية بعد رحيل الزعيم القويّ، الذي يستمد قوته من بقاء الأضعف بجانبه، إلا لو احتاط بوتين هذه المرة، ووضع سياسات واضحة لتجنُّب هذا المصير أو ما يمكن تسميته بـ"مكر التاريخ"، وهو ما لا تبدو أيّ مؤشرات تدلّ على وجوده حتى الآن، ويبدو بالصعوبة بمكان تحقيقه بعد كل هذه السنوات الطويلة من حكمه، والتحدِّيَات التي فرضتها حرب أوكرانيا.


لقراءة الدراسة كاملة، يمكنكم تحميل النسخة الإلكترونية: (اضغط هنا)

الهوامش:

[1]  كونستانتين فولكوف، كيف أصبحت إفريقيا حرة بفضل الاتحاد السوفيتي - صحيفة "رسيسكايا غازيتا" الروسية، 25 أيار/ مايو 2020، الرابط.

[2] ألكسندر غاسيوك - لماذا فرنسا غير قادرة على التخلي عن النهج الاستعماري تجاه إفريقيا، صحيفة "رسيسكايا غازيتا" الروسية، 30 تشرين الثاني/ نوفمبر، الرابط.

[3]  إيغور فالنتينوفيتش بوتشارنيكوف، المتطوعون الروس في حروب التحرير الوطني في القرن التاسع عشر، مركز أبحاث مشاكل الأمن القومي، 2 آذار/ مارس 2016، الرابط.

[4]  فلاديمير بافلوف، العواصم الروسية، كييف (882 - 1243) - الجمعية التاريخية العسكرية الروسية، الرابط.

[5]  الجمعية التاريخية العسكرية الروسية - معمودية روس (القرن العاشر)، الخلفية والأسباب، الرابط.

[6]  أليكسي فاليريفيتش أنتوشين وديمتري فيكتوروفيتش فوزتشيكوف - روسيا وإفريقيا: مشاكل التاريخ ودراسات المصادر، الفصل الثاني: صورة إفريقيا في ثقافة الكتاب الروسية القديمة في القرنين الحادي عشر والخامس عشر، الصفحة 47، دار نشر جامعة الأورال الفيدرالية، 2022، الرابط.

[7] أليكسي فاليريفيتش أنتوشين وديمتري فيكتوروفيتش فوزتشيكوف - روسيا وإفريقيا: مشاكل التاريخ ودراسات المصادر، الفصل الثاني: صورة إفريقيا في ثقافة الكتاب الروسية القديمة في القرنين الحادي عشر والخامس عشر" - الصفحة 50 - دار نشر جامعة الأورال الفيدرالية، 2022، الرابط.

[8]  أندري ديسنيتسكي - موسكو: روما الثالثة أم بابل الرابعة؟ صحيفة موسكو تايمز، الرابط.

[9]  روبرت يوريفيتش فيبر - تاريخ روسيا والملكية والملوك، عهد إيفان الرابع الرهيب، دبلوماسية إيفان الرهيب - دار النشر التابعة لأكاديمية العلوم في اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية، 1944 - صفحة رقم (160)، (سلسلة العلوم الشعبية)، الطبعة الثالثة المحدثة، الرابط.

[10]  يوري خفوروستوفا - كيف أراد القيصر بيوتر الأول تحويل مدغشقر إلى مستعمرة روسية؟ - مجلة دراسات الثقافة، الرابط.

[11]  ألكسندر كوشيتوف - بطرس الأكبر وأبرام غانيبال، صحيفة كومسومولسكايا برافدا، الرابط.

[12]  يوري سيرغيفيتش سوروكين - أهمية بوشكين في تطور اللغة الأدبية الروسية، تاريخ الأدب الروسي، أكاديمية العلوم في اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية، دار النشر التابعة لأكاديمية العلوم في اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية، 1941-1956، الرابط.

[13]  الموسوعة التاريخية الروسية، الجزء الأول، 2015 - صفحة رقم: 289.

[14]  فلاديمير غيناديفيتش شوبين، المتطوعون الروس في حرب الأنجلو-بوير 1899-1902: (استنادًا إلى مواد من الأرشيف التاريخي العسكري للدولة الروسية)، موسكو: أحداث القرن العشرين، 2000، صفحة رقم (223).

[15]  فلاديمير غيناديفيتش شوبين، أتمنى أن أذهب إلى جنوب إفريقيا، مشاركة الضباط المتطوعين الروس في حرب الأنجلو-بوير 1899-1902، مجلة التاريخ العسكري، 2001، العدد الأول والثاني.

[16] كونستانتين فولكوف - كيف أصبحت إفريقيا حرة بفضل الاتحاد السوفيتي؟ - صحيفة رسيسكايا غازيتا، 25 أيار/ مايو 2020، الرابط

[17]  يابي جاييليا رولاند وإيلينا بتروفنا مارتينوفا، الاشتراكية السوفيتية مقابل الاشتراكية الإفريقية: الترويج للأفكار الاشتراكية في الدول الإفريقية في الستينيات والسبعينيات" - مكتبة (CyberLeninka) الأكاديمية الروسية، 2022، الرابط

[18]  المرحلة من (1967-1985) إنشاء وتطوير نظام القواعد البحرية لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية في المناطق النائية، مواقع التراث الثقافي والمباني التاريخية الروسية، الرابط

[19]  التعاون الاقتصادي والفني لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية مع الدول الإفريقية (ملف خاص)، وكالة إيتار تاس، 25 نيسان/ إبريل 2016، الرابط

[20]  مشاريع روسيا الاقتصادية الكبرى في إفريقيا، وكالة إيتار تاس، 27 تموز/ يوليو 2023، الرابط

[21] أولغا كولكوفا، الطريق إلى القمة الروسية الإفريقية الثانية: الخلفية الدولية، مجلس الشؤون الدولية الروسي، 2023، الرابط

[22]  فلاديسلاف يوريفيتش سوركوف - تأميم مستقبل روسيا - اللجنة الدائمة لدولة الاتحاد، 27 تشرين الثاني/ نوفمبر 2006، الرابط

[23]  أكثر الشخصيات تميُّزًا في التاريخ الروسي، مركز ليفادا لاستطلاعات الرأي، 21 حزيران/ يونيو 2021، الرابط

[24]  أحمد دهشان - ديسمبر المشؤوم.. كيف أراد بوتين أن يغير قدر روسيا عَبْر أوكرانيا؟ - مركز الدراسات العربية الأوراسية، 2 كانون الثاني/ يناير 2022، الرابط

[25]  تمتلك فرنسا، أكبر عدد من القواعد والمنشآت العسكرية الثابتة المهمة في إفريقيا، بالبلدان: (جيبوتي، والغابون، وكوت ديفوار، وريونيون، وجزيرة مايوت. وتسيطر القواعد الفرنسية على منطقة الساحل بأكملها، وهي المنطقة الرئيسية لإنتاج اليورانيوم لتصديره لاحقًا إلى فرنسا، وفي جيبوتي على البحر الأحمر والاتصالات البحرية، مما يضمن إمدادات نفط الشرق الأوسط إلى أوروبا. والدول التالية لها أيضًا قواعد عسكرية في المنطقة الإفريقية: بريطانيا العظمى في (كينيا، وجزيرة أسنسيون، وأقاليم المحيط الهندي البريطانية). إيطاليا في (جيبوتي). وتمتلك الولايات المتحدة شبكة تضم أكثر من 60 موقعًا للانتشار العسكري في 34 دولة إفريقية، ولا يزال بعضها في الاحتياط. تعمل القيادة الإفريقية للقوات المسلحة الأمريكية (أفريكوم) منذ عام 2008، والتي تغطي منطقة مسؤوليتها القارة الإفريقية بأكملها مع الجزر المجاورة، باستثناء أراضي مصر وسيشيل. ومنذ عام 2009، قام المدربون الأمريكيون بتدريب أكثر من 250 ألف جندي وضابط إفريقي في وحدة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، ووحدة القوات الدائمة للاتحاد الإفريقي.

By: ANDREWS ATTA-ASAMOAH - Will countries heed the AU Peace and Security Council’s concerns about foreign military bases on the continent? - Institute for Security Studies - 27 AUG 2019, link.

[26] SIPRI Military Expenditure Database - Stockholm International Peace Research Institute (SIPRI) - the military spending of countries for the period 1949–2022, link.

[27]  تحتل إفريقيا المرتبة الأولى في العالم في احتياطيات خامات: "المنغنيز، والكروميت، والبوكسيت، والذهب، والبلاتينويدات، والكوبالت، والفاناديوم، والكولتان، وفوسفوريت الألماس، والبلوريت". والثاني، من حيث احتياطيات خام: "النحاس، والأسبستوس، واليورانيوم، والأنتيمون، والبريليوم، والجرافيت". والثالثة في احتياطيات: "النفط والغاز، والزئبق وخام الحديد". هناك احتياطيات كبيرة من: "التيتانيوم، والنيكل، والبزموت، والليثيوم، والتنتالوم، والنيوبيوم، والقصدير، والتنغستن، والأحجار الكريمة"، وغيرها من الخامات الأخرى.

Our work in Africa - UN Environment Programme: UNEP, link.

[28]  أندري كورتونوف، وأولغا كولكوفا، وناتاليا تسايزر، ولورا تشكونيا، وتاتيانا بوغداساروفا، وغوان غويهاي، وليو هايفانغ، ولي شاوهوا، وشو ليانغ - التعاون الروسي الصيني في إفريقيا - الجزء الثالث. روسيا والصين في إفريقيا: "التعاون الثنائي"، مجلس الشؤون الدولية الروسي، موسكو 2021، الرابط

[29]  أندري موزوخين - العديد من الدول في إفريقيا تم تشكيلها بشكل مصطنع: "لماذا تخسر روسيا أمام الغرب والصين في السباق الجديد نحو القارة السمراء؟" - وكالة (Lenta) للأنباء، 19 آب/ أغسطس 2015، الرابط.

[30] أندري كورتونوف، واختيار أصلانوف، وحسين سولومون، وستانيسلاف ميزنتسيف، وغلين سيغيل، وفاسيلي فيليبوف، ودينيس ديجتريف، وآنا دافيدشوك، وعمر سيديبي، وزكريا مايغا، وتريستان فيرارو، وسفيتلانا بوكيريا وأناستازيا أندرونوفا - نقاط الألم في القارة الإفريقية: الساحل (استعراض الوضع القائم والآفاق المستقبلية)، مجلس الشؤون الدولية الروسي، موسكو 2022، الرابط

[31]  ملخص دعائي لكتاب "إفريقيا: ديون المستعمرين غير المسدَّدة". تم تأليفه من قِبل عدة مؤلفين روس، بمشاركة معهد الدراسات الإفريقية التابع للأكاديمية الروسية للعلوم وشبكة التلفزيون الدولية (RT). تم ترجمته إلى الإنجليزية والفرنسية، وتوزيعه على شعوب القارة، وتعميمه في وسائل الإعلام الموجهة، الرابط.

[32]  فيودور لوكيانوف - العودة إلى التقاليد السوفيتية: ما الذي ستذهب به روسيا إلى إفريقيا؟ مجلس الشؤون الدولية الروسي، الأول من حزيران/ يونيو 2023، الرابط

[33]  أناستاسيا ياكوريفا، الذهب مقابل المرتزقة: كيف يسلم "طباخ بوتين" مفتاح إفريقيا لروسيا؟ منصة (The Bell) الاستقصائية "روسيا"، 4 حزيران/ يونيو 2018، الرابط

[34]  تقرير: أنطون بايف وميخائيل ماغلوف، ما الذي حصلت عليه الشركة المرتبطة ببريغوجين في جمهورية إفريقيا الوسطى، منصة (The Bell) الاستقصائية "روسيا" - 29 كانون الثاني/ يناير 2019، الرابط

[35]  أناستاسيا ماير وإيليا لاكستيغال وإيغور غوبيرناتوروف - ماذا يدرس الطلاب من الدول الإفريقية في روسيا؟ - فيدوموستي - 16 حزيران/ يونيو 2023 الرابط

[36] فيدوموستي، توقيع أكثر من 70 اتفاقية بشأن الاعتراف المتبادل بالدبلومات مع الدول الإفريقية، 27 تموز/ يوليو 2023، الرابط

[37]  ماريا ميلنيكوفا، لقاء مع يكاترينا نوموفا: السينما الروسية مطلوبة في كل من إفريقيا وآسيا، وكالة (Spbdnevnik) - 27 تموز/ يوليو 2023، الرابط

[38]  خطة عمل منتدى الشراكة الروسية الإفريقية للأعوام 2023-2026، موقع الكرملين الرسمي، 28 تموز/ يوليو 2023، الرابط

[39] ميلينا فاوستوفا، شبهات حول "استحواذ" الكنيسة الأرثوذكسية الروسية على إفريقيا، صحيفة نيزافيسيمايا غازيتا، 18 كانون الثاني/ يناير 2024، الرابط

[40]  وكالة إنترفاكس، بَدْء إرسال شحنات الحبوب الروسية إلى إفريقيا خلال شهر ونصف، 6 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، الرابط

[41]  ماريا نيكولايفيتش، يمكن لجنوب إفريقيا استبدال الموردين من ألمانيا - مجلة (Logirus) للأعمال، 11 أيار/ مايو 2022، الرابط

[42]  بولينا خيمشياشفيلي - رأس الجسر في شمال إفريقيا: "لماذا تحتاج روسيا إلى المطارات العسكرية المصرية" - وكالة (RBC) - تشرين الأول/ نوفمبر 2017، الرابط

[43]  ديمتري فرولوفسكي، ما الذي تعول عليه روسيا في ليبيا؟ مركز كارنيغي بموسكو، 15 شباط / فبراير 2018، الرابط

[44] Mikhail Monakov‏ and Jurgen Rohwer, Stalin's Ocean-going Fleet: Soviet Naval Strategy and Shipbuilding Programs, 1935-1953 – 2001, Page 179, link.

[45] Robert W. Love - History of the U.S. Navy: 1942-1991 – 1992, Page 279, link.

[46]  ألكسندر شابونت - بربرة: "روسيا قد تحصل على قاعدة عسكرية في إفريقيا" - وكالة الأنباء الروسية (ريجنوم)، 11 شباط/ فبراير 2020، الرابط

[47]  أندري ماسلوف وبولينا سليوسارتشوك - لماذا تحتاج روسيا إلى قاعدة عسكرية في السودان؟ مركز كارنيغي بموسكو، 11 كانون الأول/ ديسمبر 2020، الرابط

[48] Mary Elise Sarotte - How to Enlarge NATO: The Debate inside the Clinton Administration, 1993–95 - International Security - Volume 44, Issue 1, Summer 2019, link.

[49]  تاتيانا كاتريشينكو - إرث "فاغنر"، فوكس - 23 تشرين الأول/ أكتوبر2023، الرابط

[50]  وكالة (Guildhall) الأوكرانية - الاتحاد الروسي يخطط لنشر "الفيلق الإفريقي" في خمس دول – 12 كانون الثاني/ يناير 2024، الرابط

[51]  الجنرال غاريف - روسيا تغير عقيدتها العسكرية - وكالة ريا نوفوستي – 16 كانون الثاني/ يناير2007، الرابط

[52] Ministry of Energy of the Russian Federation - ENERGY STRATEGY of RUSSIA FOR THE PERIOD UP TO 2030 - Moscow, 2010, link.

[53] Baba Freeman, PROPOSED WEST AFRICA-EUROPE GAS PIPELINES WILL FAIL WITHOUT A RADICAL SHIFT IN THINKING - Colorado School of Mines - August 29, 2023, link.

[54] Cat Clifford - Russia dominates nuclear power supply chains and the West needs to prepare now to be independent in the future, CNBC,MAY 23 2022, link.

[55] Lee Ying Shan - Uranium prices could rally past 16-year highs as the world’s largest producer runs short - CNBC - JAN 24, 2024, link.