كيف يسخر التحالف الإفريقي الجديد من السياسة الأمريكية؟

كيف يسخر التحالف الإفريقي الجديد من السياسة الأمريكية؟

2024-07-25
569 مشاهدة



تناول تحليلٌ لمجلة  Responsible Statecraft بعنوان "المجالس العسكرية الإفريقية المتحالفة تهزأ بالسياسة الأمريكية" إعلانَ تأسيس تحالف دول الساحل ( AES ) بين مالي، والنيجر، وبوركينا فاسو بهدف تحسين التكامل الأمني وتطوير العلاقات الاقتصادية بين الدول الثلاث، كبديل عن المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس). فهل يسعى التحالف الجديد إلى تقليل تأثير القوى الأجنبية عموماً؟ أم أنه موجَّه ضدّ فرنسا والولايات المتحدة تحديداً، وليس ضدّ روسيا؟  

أدناه قراءةٌ في التحليل وأبرز النقاط التي أشار إليها:  

نشرت المجلة الأمريكية  Rresponsible Statecraft تحليلاً تناولت فيه الإعلان عن تأسيس  تحالف دول الساحل      ( AES Alliance of Sahel States ، وهو  تحالف أمني يجمع      الدول الثلاث  التي تسيطر فيها حكومات عسكرية على السلطة في  منطقة الساحل وغرب إفريقيا ؛    مالي، والنيجر، وبوركينا فاسو، حيث جرى توقيع معاهدة التأسيس في السادس من تموز/ يوليو الحالي، وتضم المنطقة التي يمثلها هذا التحالف إجمالي سكان يبلغ  72 مليون نسمة.  

كانت الحكومات الثلاث قد قالت في إعلان أصدرته في آذار/ مارس بأنها ستنشئ بشكل مشترك فريق عمل بهدف تحسين تكامل العمليات الأمنية رداً على التهديدات المحتملة.  

وقد أنشأ الحُكّام العسكريون لتلك الدول هذا التحالف من أجل إضفاء الطابع الرسمي عليه واعتماده كهيئة حكومية دولية جديدة يعتزمون أن تكون بمثابة بديل للمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا ( إيكواس )، وهي المجموعة الإقليمية الأكبر حجماً والتي تركز على تعزيز التكامل الاقتصادي وتسهيل العلاقات والجهود الدبلوماسية بين الدول الأعضاء فيها.  

وعن التحالف الذي تم التوقيع على معاهدة إنشائه في السادس من تموز/ يوليو، قالت المجلة إنه يُشكّل  " اتحاداً كونفيدرالياً " مترابطاً بشكل عميق بين الدول الثلاث، ويهدف إلى تسهيل الحوار بشأن المسائل المتعلقة بالأمن، فضلاً عن تعميق الروابط الاقتصادية فيما بين هذه الدول.  

وفي إشارة واضحة إلى وجهة نظره بشأن الدور الذي لعبته الحكومات الأجنبية والهيئات المتعددة الأطراف في الشؤون النيجرية، قال القائد العسكري في النيجر،  عبد الرحمن تياني ، في مقابلة أُجريت معه خلال القمة الثلاثية: "لقد أدار شعبنا ظهره بشكل لا رجعة فيه لإيكواس، والأمر متروك لنا اليوم لجعل اتحاد دول الساحل  AES بديلاً لأي مجموعة إقليمية مصطنعة من خلال بناء مجتمع خالٍ من سيطرة القُوى الأجنبية".  

كما أضافت المجلة خلال تحليلها، أن للحكومات الثلاث المعلِنة عن تشكيل التحالف تاريخاً في استدعاء الدول الأجنبية، وخاصة فرنسا، والهيئات الخارجية للتدخُّل في شؤونها الداخلية وفرض شروط صارمة على حكمها في مقابل العلاقات الجيدة والمساعدات، وقد تم توجيه جزء من هذا الغضب نحو  إيكواس ، التي فرضت عقوبات على الدول الأعضاء التي فشلت في الحفاظ على الحكم الديمقراطي.  

في أعقاب الانقلاب الذي وقع العام الماضي في  النيجر ، هددت  إيكواس بالتدخل بالقوة العسكرية إذا لم يتم استعادة الحكم الديمقراطي، وقد كشف المجلس العسكري النيجري عن أسلوب  المجموعة الاقتصادية المخادِع، مما اضطر الأخيرة للتراجع عن تهديدها في نهاية المطاف.  

أعلنت الحكومات الثلاث التي يحكمها العسكريون انسحابها من  إيكواس في كانون الثاني/ يناير 2024، مما أثار تساؤُلات حول مستقبل التجمع الاقتصادي الإقليمي وقدرته على حلّ النزاعات الإقليمية، وفي محاولة فاشلة لثَنْي الحكومات عن ترك هذا التجمع، أعلن في شباط/ فبراير أنه سيرفع  العقوبات المفروضة على النيجر بعد الانقلاب.  

ولكن إلى جانب عدم الرضا عن المجموعة، أعرب المجلس العسكري لدول التحالف الجديد أيضاً عن عدم رضاه عن القوى الأجنبية في الدول الإفريقية، ففي يوم الاثنين  8 تموز/ يوليو، أعلنت الولايات المتحدة أنها أكملت سحبها لألف جندي أمريكي كانوا متمركزين في  قاعدة عسكرية بالقرب من العاصمة النيجرية نيامي، وأنها ستواصل سحب قواتها من منشأة عسكرية ثانية في البلاد، ويأتي هذا رداً على أمر المجلس العسكري الحاكم في النيجر للولايات المتحدة بإنهاء وجودها العسكري في البلاد، من وجهة نظر المجلس العسكري، فشلت الولايات المتحدة في الحدّ من انعدام الأمن، ولم تتمكن من تحسين اقتصاد النيجر، وعلى الرغم من الملايين التي أنفقتها على البلاد، حيث خصصت الولايات المتحدة 223 مليون دولار كمساعدات للنيجر في عام 2023 وحده، لا تزال الجماعات المتمردة موجودة في النيجر بينما تظل الحالة الاقتصادية للبلاد مُزرِية.  

كذلك سردت المجلة الأمريكية تفاصيل تتعلق بفترة ما قبل الانقلاب الذي وقع في الصيف الماضي في النيجر، حيث قالت إن "واشنطن عملت مع الحكومة النيجرية التي يقودها مدنيون في قضايا أمنية، بما في ذلك تبادُل المعلومات الاستخباراتية الأمنية، وإجراء برامج التدريب العسكري، وبناء قواعد عسكرية متعددة في البلاد واستخدامها. ولكن منذ استيلائه على السلطة، أنهى المجلس العسكري التحالف القوي مع الولايات المتحدة، معرِباً عن استيائه من الطريقة التي يحاضر بها المسؤولون الأمريكيون حول أهمية الديمقراطية، وهو أمر من الواضح أنه لا يثير اهتمام المجلس العسكري الحاكم الذي اكتسب السلطة من خلال انقلاب. كما زعمت الولايات المتحدة أن المخاطر الجيوسياسية المترتبة على تشكيل شراكات أمنية جديدة مع روسيا تشكل خطراً على حقوق الإنسان، وهي قضية أخرى من المرجَّح أن تفشل في إيجاد صَدًى لدى حكومة عسكرية تتمثل أولويتها القُصوى في الحفاظ على السلطة، وليس مساعدة الولايات المتحدة في التنافُس ضدّ روسيا أو تعزيز النظام القائم على القواعد التي أرستها الولايات المتحدة.   

أخيراً أشار التحليل إلى أن إنشاء هذا التحالف الجديد والأخبار الأخيرة عن إنشاء اتحاد كونفيدرالي يمثل في نهاية المطاف علامة أخرى على مدى ابتعاد هذه البُلدان الثلاثة عن الغرب، لقد ولّت الأيام التي كانت فيها الولايات المتحدة وفرنسا تحافظان على علاقات وثيقة مع هذه الدول الثلاث على أساس أنها تعمل على تعزيز المصالح الأمنية المتبادَلة في معركة إقليمية ضدّ الإرهاب، والآن أصبحت هذه الدول عدائية بشكل علني للقُوى الغربية بينما تعمل بشكل وثيق مع القوات الروسية التي تساعد المجالسَ العسكريةَ.    



ترجمة:عبد الحميد فحام   
المصدر:  (Rresponsible Statecraft)