هجوم وزيرة الداخلية البريطانية على اتفاقية الأمم المتحدة للاجئين: استمرار للمنحى التصاعُدي ضدّ المهاجرين
2023-10-041025 مشاهدة
قامت وزيرة الداخلية البريطانية سويلا برافرمان مؤخراً بالتعبير عن رغبتها في إجراء تغييرات في نظام طلب اللجوء، كما شكّكت الوزيرة بشكل كبير في مدى صلاحية اتفاقية عام 1951 الخاصة باللاجئين والمُتبنّاة من الأمم المتحدة، مُعتبِرة أن تلك الاتفاقية قد عفا عليها الزمن، وأنها صُمِّمت في ذلك الوقت لخدمة مصالح الأوروبيين فيما تغير الوضع الآن، فيما يحتمل أن يكون إشارة إلى شكل من التمييز ضد الأغلبية من المهاجرين الحاليين الذين يأتون من إفريقيا أو الشرق الأوسط، حيث لم تَعُدْ تلك الاتفاقية تخدم مصالح الأوروبيين، بل تخدم مصالح أطراف أخرى وكأنها أقلّ شأناً.
علاوة على ذلك، وفي تصريحات أكثر جدلية، اعتبرت الوزيرة أن التعدُّدية الثقافية فشلت؛ لأنها لا تفرض مطالب كبيرة على الوافدين الجُدُد للاندماج، بل سمحت بوجود حياة موازية داخل المجتمع بحسب رأيها، ويبدو أن وجهة النظر الأخيرة تحديداً تُمثّل انحرافًا ملحوظًا عن واحدة من أكثر القيم تقديرًا وأهمية في بريطانيا، وهي التنوُّع، وهو ما أدى إلى ردود فعل وتصريحات معاكسة من سياسيين وصحافيين ورجال دين.
تجدر الإشارة إلى أن قضية الهجرة باتت تمثل مصدر قلق واهتمام كبيرين بالنسبة للناخب البريطاني، بعدما عمل حزب المحافظين منذ سنوات على تحويل قضية الهجرة إلى مصدر قلق للناخب البريطاني، حيث تم تحميل هذه القضية أعباء كل الإشكالات وتداعياتها التي يواجهها المجتمع البريطاني، وهي الإستراتيجية المتبعة في العديد من الدول حول العالم.
ولا تنفكّ تصريحات وزيرة الداخلية أيضاً عن أزمة القيادة داخل حزب المحافظين والانتخابات القادمة في عام 2024، في ظل تغيُّرات في مزاج الناخبين نحو اعتبار قضايا المهاجرين واللاجئين أزمة مثقلة للبلاد في ظل التضخم والأزمة الاقتصادية، وهو ما يتم التعبير عنه غالبًا من خلال الاحتجاجات والمظاهرات ضد سياسات الحكومة، خاصة عقب إيواء اللاجئين في الفنادق الفاخرة.
ولا يبتعد هذا عن التكتيك المتكرر في عدة دول، وهو تكتيك استخدام قضية اللاجئين والهجرة كورقة سياسية، كما ظهر في الحالة التركية، ويبدو أن هناك مجموعة مشتركة من الديناميات والدوافع السياسية بين مختلف البلدان لاستخدام مثل هذا الخطاب الشعبوي ضد اللاجئين والمهاجرين.
في المقابل فيما يتعلق بحزب المعارضة الرئيسي في بريطانيا -وهو حزب العمال- فمن غير المرجَّح أن يستخدم قضية المهاجرين بنفس الطريقة التي قد يستخدمها بعض المتشددين داخل حزب المحافظين، نظراً لطبيعة الحزب القريبة نحو العالمية واليسارية، وهو ما ينعكس أيضاً على شرائح ناخبي الحزب، من المتوقع بالتالي أن يميل الحزب إلى توخِّي الحذر عندما يتعلق الأمر باستخدام قضية الهجرة كورقة سياسية.
من غير المتوقَّع أن تؤدي مطالب وزير الداخلية بشكل مباشر إلى تغيير فوري لاتفاقية عام 1951 المتعلقة باللاجئين، ومع ذلك على المدى الطويل لا يستبعد تأثير الدومينو، حيث يمكن أن تؤدي هذه المطالب إلى إعادة تقييم الاتفاقية من قِبل العديد من البلدان، خاصة مع قيام دولة ذات تأثير قيادي عالمي مثل بريطانيا بالطعن بالاتفاقية وحقوق المهاجرين عموماً، مما قد يؤدي إلى تراجُع الالتزام بها مع سنّ تشريعات وطنية تتناقض مع جوهر الاتفاقية.