البرنامج النووي الإيراني.. هل وصل إلى نقطة اللاعودة؟
2023-03-131314 مشاهدة
اكتشف مفتشون من الوكالة الدولية للطاقة الذرية بقايا يورانيوم مخصب بنسبة 84% في أجهزة الطرد المركزي الإيرانية، وهو ما يُخالف التزامات إيران بضرورة إبلاغ الوكالة عن أيّ تجاوُز لتخصيب يزيد عن 60%.
وتقترب نسبة 84% من النسبة اللازمة لصناعة قنبلة ذرية، وهي 90%، وإنْ كان التخصيب بنسبة 80% كافياً في الواقع لتصنيع هذه القنبلة. ورغم أن الوصول إلى نسبة التخصيب العالية لا يعني أن إيران قد امتلكت القنبلة النووية، وإنما يعني أنها امتلكت العنصر الأهم لصناعة قنبلة.
ويظهر الكشف الأخير لنسبة التخصيب المرتفعة -بالإضافة إلى الخطوات الإيرانية السابقة- أن طهران اعتمدت إستراتيجية مزدوجة في التعامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية والدول الأطراف في خطة العمل الشاملة المشتركة.
تقوم هذه الإستراتيجية في محورها الأول على إبداء التجاوب والمرونة العالية في التعاطي مع مباحثات فينا، وفي نفس الوقت تقوم في المحور الثاني من الإستراتيجية بتعزيز وتكثيف خطواتها للوصول إلى مرحلة التخصيب الكامل. فعلى مدار السنوات السابقة، وخاصة منذ وصول إدارة بايدن للبيت الأبيض، عززت طهران من كفاءة أجهزة الطرد المركزي، ووسعت مخزونها من اليورانيوم المخصب، وشغلت المزيد من أجهزة الطرد المركزي، وزادت عدد مواقع التخصيب، واتخذت كل الخطوات الممكنة لعرقلة عمل المفتشين الدوليين، ولكن بالحدود التي لا تقطع العلاقة مع الوكالة الدولية.
ورغم إنكار إيران أن وصولها إلى نسبة التخصيب المرتفعة هو أمر مقصود، إلا أن ذلك مُستبعَد سياسياً وفنياً. وعلى ما يبدو فإنّ إيران أرادت من هذا التخصيب توجيه رسالة واضحة لأطراف خطة العمل الشاملة المشتركة، مفادها أنها ماضية في "الخطة ب"، وأن الوقت ليس في صالح هذه الأطراف، ولذا فإن عليها الاختيار بين الوصول إلى اتفاق يُرضي طهران، بما يشمل رفع العقوبات الاقتصادية عنها، أو القبول بعضوية إيران "الجبرية" في النادي النووي العالمي.
كما أن إيران ترغب من خلال الكشف عن هذه النسبة من التخصيب باختبار الخطوط الحمراء الدولية، ومحاولة توسيع هوامشها التفاوُضية، وهي إستراتيجية إيرانية معتمَدة في كل علاقاتها مع الفاعلين.
قيام طهران بتسريع برنامجها للتخصيب يأتي ضِمن معطيات توفر لها هامشاً مريحاً من التحرك، فالولايات المتحدة مشغولة بالحرب في أوكرانيا، والاستعدادات الغربية للتعاطي مع معركة الربيع هناك، بينما إسرائيل منشغلة في مشاكلها الداخلية، والتي تحدّ من قدرتها على التحرك عسكرياً وسياسياً.
وعلى ما يبدو فإنّ جولة وزير الدفاع الأمريكي ورئيس هيئة الأركان الأمريكية في المنطقة تهدف بشكل أساسي لتوجيه رسالة إلى طهران تحديداً، مفادها أن الولايات المتحدة تعني تماماً مقولتها بأن "كل الخيارات مطروحة"، وأن إبداء الرغبة في التعاطي السياسي مع برنامج إيران النووي لا يعني أن الخيارات العسكرية غير مطروحة.
الأسابيع القليلة المقبلة ستكون حاسمة لخيارات الطرفين، الأمريكي والإيراني، فإما أن تقوم الولايات المتحدة ومعها إسرائيل وبقية الحلفاء باتخاذ خطوات فعلية لردع البرنامج النووي، أو أن تصل إيران إلى نقطة اللاعودة في مشروعها النووي، بكل ما يحمله ذلك من انعكاسات على مشروعها التوسعي في المنطقة.