بعد عشر سنين.. رسائل داعش في خطاب متحدِّثه الأخير
2024-04-051537 مشاهدة
لم تكد أيام آذار/ مارس 2024 تنتهي حتى أصدر تنظيم الدولة الكلمة الثانية لمتحدِّثه الرسمي أبي حذيفة الأنصاري، وضَّح فيها على مدار 41 دقيقة التوجُّهات العملياتية والدعائية للتنظيم في مرحلته الحالية، إلى جانب استعراض حصاد السنوات العشر وَفْق ما وصفه بمرور عَقْد على "قيام الخلافة الإسلامية".
ركزت الكلمة على العديد من المحاور ووجَّهت رسائل كثيفة لعناصر التنظيم ومختلف فروعه، وأفصحت عن تشكيل فرعٍ جديد لتنظيم داعش، وأبانت عن رغبة التنظيم في استعادة صدارة العمليات "الجهادية" الفردية في أوروبا.
أشار الخطاب بشكل خاص إلى أن أعمال التنظيم "غيّرت مجرى التاريخ"، وقدم المتحدث في هذا السياق العديد من النماذج التي استشهد بها لتأكيد هذا الزعم، مثل الإشارة إلى "تحكيم الشريعة بعد تعطيلها، وإنشاء دواوين الحكم العادل والحسبة والقضاء والتعليم ونشر الفضيلة، وإحياء الولاء والبراء محلّ نُعرات الوطنية والقومية"، وأن السنوات العشر الماضية أغرقت جيوش التحالف ودوله في "أكبر معركة استنزافٍ" عرفها التاريخ، وأنهم باتوا أمام خيارين يخسرون في كليهما، الخروج وخسارة المعركة، والمكوث واستمرار الاستنزاف، من شرق آسيا إلى أفغانستان، ومن روسيا إلى إيران، ومن العراق إلى بلاد الشام، ومن شرق موزمبيق والصومال إلى دول الساحل في إفريقيا.
ركزت الكلمة على طلب السمع والطاعة واستمرار العمل على تحقيق أهداف التنظيم سواء من عناصره الفعليين وقياداتهم في مختلف الفروع، أم من أنصاره الذين يؤيدون خطاب التنظيم ويحرصون على مناصرته إعلامياً، واصفاً مبدأ السمع والطاعة بأنه "الواجب" و"قِوامُ الدولة".
يعكس الخطاب حالة من الزَّهْو والرضا التي ينظر التنظيم بها إلى فروعه البعيدة في موزمبيق ودول الساحل من جهة، وأفغانستان من جهة أخرى، ويؤكد على إنشاء ولاية جديدة بمسمى باكستان، وهو ما لم تُشِر إليه التقسيمات الرسمية من قبل، مما يعني أن التنظيم بصدد مزيد من التطوير لهيكل إداراته وخلاياه في آسيا الوسطى، وذلك بإشراف مباشر من فرع التنظيم في أفغانستان (ولاية خراسان) الذي استطاع حتى الآن زرع عشرات الخلايا في عدة دول أوروبية وتنفيذ عدد من العمليات في الساحة الإقليمية كروسيا وإيران والهند والفلبين.
تشير كلمة المتحدث باسم داعش إلى مساعي التنظيم لشن مزيد من الهجمات ضد "اليهود والمسيحيين" في جميع أنحاء العالم، على شاكلة الهجوم الذي وقع في مركز كروكوس سيتي هول التجاري في كراسنوجورسك بضواحي العاصمة الروسية، موسكو وأدى إلى مقتل أكثر من 140 شخصاً وإصابة 360 آخرين.
كما تشير الكلمة إلى أن الأرض الإفريقية باتت مكاناً لاستقطاب المقاتلين الراغبين بالالتحاق بصفوفه، مما يُعَدّ مؤشراً على سعي التنظيم لتعزيز صفوفه بعناصر جديدة تمكّنه بشكل رئيسي من بناء مساحة سيطرة تتوسع في الدول الإفريقية الضعيفة، وتتحول إلى تهديد عالمي متجدد يمتلك موارد هائلة من الثروات والقدرات على استهداف الدول الغربية والتأثير في مسارات النقل البحري.
شدّد المتحدث باسم التنظيم في الكلمة بشكل خاص على استهداف قسد واستنفار عناصر التنظيم وأنصاره ثأراً "للعفيفات من المسلمات"، وقد نصّت الكلمة على وجوب استهداف "قادةِ ومحققي قسد وسجانِيهم وكلِّ مَن له صلةٌ بملفِّ مخيم الهول"، وحرض أنصاره على التعاقد للبيعة على الموت واستنفار "الاستشهاديين والانغماسيين" لهذه المهمة، وهو ما يُذكِّر بمحاولات التنظيم السابقة لفك أَسْراه من سجون قسد، ويشير بالتالي إلى إمكانية تكرار هذه المحاولات مستقبلاً.
ويُلاحَظ في الخطاب الأخير التركيز على التصعيد ضدّ قسد واستهدافها وتمكين عناصر التنظيم من الهروب من سجونها ومخيماتها، وترسيخ مخيم الهول كرمزية للظلم والاضطهاد.
من المؤكَّد أن خطاب "أبي حذيفة الأنصاري" كان متشعِّباً، وفيه الكثير من الفقرات والرسائل التي تثير الانتباه وتُظهِر توجُّهات التنظيم ومساحات عمله المستقبلية، ويعكس في المجمل محاولة المتحدِّث الحديثَ عن مختلف ساحات عمل التنظيم الجغرافية لإظهار قوته وامتداده عالمياً.