عامان على الاتفاقيات الإبراهيمية مسار توقُّف ونتائج محدودة

عامان على الاتفاقيات الإبراهيمية مسار توقُّف ونتائج محدودة

2022-09-15
1502 مشاهدة

 

في 15 أيلول/ سبتمبر 2020 تم في البيت الأبيض توقيع معاهدة سلام بين الإمارات وإسرائيل، وإعلان السلام مع البحرين، في حفل رعاه الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب، وبحضور رئيس الوزراء الإسرائيلي وقتئذ بنيامين نتنياهو.

وبعد أقل من ثلاثة أشهر، وقّع المغرب وإسرائيل اتفاقية سلام، وتضمنت الاتفاقية اعترافاً أمريكياً بمغربية الصحراء الغربية.

جاءت تلك الاتفاقات في ذلك الوقت بشكل مفاجئ، إذ لم تُسبق بالكثير من التمهيد، وتلاها الكثير من التوقُّعات والتصريحات التي تُشير إلى أن قطار الاتفاقات الإبراهيمية، كما سُمِّيت، سيستمر بصورة سريعة ليشمل دولاً عربية عديدة، وكانت أبرز التوقعات تُشير إلى السعودية والسودان وعُمان.

إلا أن أيّاً من ذلك لم يحصل، إذ لم تنضم أي دولة أخرى، رغم حصول لقاءات علنية أو غير علنية في ذلك الوقت بين مسؤولين إسرائيليين وآخرين من السعودية والسودان.

جاء توقيع الاتفاقيات في الشهور الأخيرة من ولاية ترامب، حيث كان يبحث آنذاك عن إنجازات قابلة للاستخدام في حملته الانتخابية، وكان مستعدّاً مقابل ذلك لتقديم تنازُلات كبيرة، كما حصل في حالة الاعتراف بمغربية الصحراء الغربية.

وبالمقابل، كانت الدول المُطبِّعة، وتحديداً الإمارات، تبحث عن بوليصة تأمينها الخاصة في حالة خسارة ترامب للانتخابات، وهو ما حصل بالفعل، حيث تجنّبت الإمارات إلى حدٍّ ما الإجراءات العقابية التي نفذتها إدارة بايدن بحقّ حلفاء ترامب في المنطقة. كما أن الإمارات كانت تسعى لبناء تحالُفاتها الخاصة، في الوقت الذي أدركت فيه أن السعودية قد بدأت بالاستعداد لتغيير تموضعاتها وتحالُفاتها، وهو ما حصل أيضاً.

وقد اختارت السعودية فيما يتعلق بالاتفاقات الإبراهيمية تموضعاً رماديّاً، إذ لم تنضمّ إليها، ولكنها دعمتها سياسياً وإعلامياً، وقدّمت إشارات إيجابية لأطرافها، كان أبرزها بشكل مُعلَن فتح الأجواء السعودية أمام الطائرة التي أقلَّت وفداً أمريكياً برئاسة صهر الرئيس ترامب ومسؤولين إسرائيليين من تل أبيب إلى أبو ظبي، ثم قرارها في تموز/ يوليو 2022 فتح الأجواء السعودية بشكل كامل أمام الطيران الإسرائيلي.

ورغم أن الاتفاقات الإبراهيمية لم تنعكس في المستويات التجارية والسياسية بالشكل الذي صورته توقُّعات السياسيين والمحللين من الأطراف المعنيَّة، إلا أن إسرائيل استفادت بشكل كبير من هذه الاتفاقيات في توسيع حضورها في المنطقة العربية، وفي فرض خطابها السياسي، وتمكين تحالُفها الإقليمي أمنياً وسياسياً.

وقد انعكس النجاح الإسرائيلي خلال الصدامات المسلحة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية خلال عامَيْ 2021 و2022، حيث اتَّسم الخطاب الإعلامي والسياسي للدول المُشارِكة في هذه الاتفاقيات والداعمة لها بالتعاطي مع الأحداث بشكل حيادي في أفضل الأحوال، بما حدّ من المواقف الشعبية المعتادة في مثل هذه الظروف.

كما تمكّنت إسرائيل من توسيع حضورها الأمني والعسكري في الخليج العربي، بما عزّز من تفوُّقها في هذا المجال.

وبطبيعة الحال فإنّ الدول المطبِّعة لن تحصل على حضور أمني مقابل في إسرائيل. ولكنها رفعت من مستوى استفادتها من الدعم التقني واللوجستي الأمني الإسرائيلي، بما ساعدها على تعظيم قدراتها الأمنية في مواجهة خصوم الداخل والخارج.

ويمكن القول بأن الاتفاقات الإبراهيمية هي اتفاقات بطابع "أمني-سياسي" لا اتفاقيات سلام، فهي لم تَجرِ ستشهد بين أطراف متحاربة أو خاضت أي نوع من الحروب فيما بينها أصلاً، ولا هي حتى أطراف متجاورة جغرافياً، كما هو الحال في اتفاقيات السلام المصرية والأردنية مع إسرائيل.

ولا يُعتقد على المدى المتوسط، أي حتى عام 2025 على الأقل، أن تتوسع خارطة الدول المطبِّعة مع إسرائيل. ويعتمد هذا المسار إلى حدّ كبير على نتائج الانتخابات الأمريكية القادمة، وما إذا كانت واشنطن عودة إدارة مستعدة لمكافأة المطبِّعين، أو تدفعهم للتطبيع سعياً لحماية مصالحهم.