الهجمات التي تشنها الميليشيات المتحالفة مع إيران تضع إدارة بايدن في مأزق

الهجمات التي تشنها الميليشيات المتحالفة مع إيران تضع إدارة بايدن في مأزق

2024-01-30
793 مشاهدة


كتب الصحافي بول إيدون المقيم في أربيل والمتخصص بقضايا منطقة الشرق الأوسط تحليلاً في موقع "بيزنيس إنسايدر" تحدث عن وجهة نظر تختلف عما تورده التقارير الأخيرة من إمكانية انسحاب الولايات المتحدة من التحالف الدولي لقتال تنظيم الدولة، ومن المنطقة ككل، وخاصة سورية والعراق، مؤكداً خلال تحليله أن هنالك خطراً حقيقياً تواجهه إدارة بايدن -إنْ قامت بإيقاف عمل قُواتها في المنطقة- يمسّ أمنها القومي.

نص الترجمة:

إن الميليشيات المدعومة من إيران التابعة لما يُسمى بـ "محور المقاومة" تهدد أكثر من ثلاثة آلاف جندي أمريكي متمركزين في العراق وسورية بشنّ هجمات أكثر خطورة، مما يضع الإدارة الأمريكية في موقف صعب وخيارات صعبة، فإما أن تقوم بِرَدّ شديد بطريقة قد تشعل حرباً أوسع، أو القيام بِرَدّ هزيل جداً مما يُظهرها بمظهر الضعيف في مطلع عام تقوم فيه بالتحضير للانتخابات.

يقول نيكولاس هيراس Nicholas Heras، مدير الإستراتيجية في معهد نيو لاينز، لبيزنس إنسايدر: "إن التناقض الكبير في نهج إدارة بايدن تجاه الأزمة الحالية في الشرق الأوسط هو أن هذه السنة هي سنة الانتخابات في الولايات المتحدة، وتحاول الإدارة في الوقت نفسه أن تُظهر للشعب الأمريكي أنها صارمة تجاه إيران، ولكن الصرامة في الوقت نفسه لا تجرُّ الولايات المتحدة إلى حرب أخرى في الشرق الأوسط".

تستمر الهجمات ضدّ القوات الأمريكية على الرغم من التحذيرات الأمريكية والردود العسكرية في العراق وسورية، ففي سورية، قام الجيش الأمريكي باستهداف منشآت تستخدمها هذه الميليشيات الرديفة والحرس الثوري الإسلامي الإيراني، أما في العراق، فقد ارتفع مستوى الاستهداف في الرابع من كانون الثاني/ يناير باغتيال قائد مجموعة حركة النجباء المدعومة من إيران في بغداد.

ومع ذلك، وفقاً لإحدى الإحصائيات، حتى يوم الثلاثاء، استهدفت الميليشيات القوات الأمريكية 18 مرة في سورية وعشر مرات في العراق منذ الرابع من كانون الثاني/ يناير، كجزء من ردّ إيران على حرب إسرائيل في غزة التي بدأت بعد هجمات 7 تشرين الأول/ أكتوبر من قِبل حليفة طهران، حماس.

في أكبر هجوم لهم حتى الآن، أطلقت الميليشيات عشرة صواريخ وسبعة صواريخ باليستية قصيرة المدى على القوات الأمريكية المتمركزة في قاعدة الأسد الجوية بغرب العراق في 20 كانون الثاني/ يناير. على الرغم من إطلاق ما لا يقل عن 15 صاروخاً من طراز باتريوت على المقذوفات القادمة، إلا أن اثنين على الأقل أصابا القاعدة، وأُصيب أربعة من القوات الأمريكية بإصابات في الدماغ نتيجة الهجوم.

ردت الولايات المتحدة يوم الثلاثاء باستهداف ثلاثة "مقرات، ومواقع تخزين، وتدريب للميليشيات على الصواريخ والطائرات بدون طيار ذات القدرات بتنفيذ هجمات لمرة واحدة (انتحارية) في العراق، وفقاً لبيان من القيادة المركزية الأمريكية.

قال ريان بوهل Ryan Bohl، المحلل البارز في شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في شبكةRANE : "إن الولايات المتحدة تفضل استهداف أهداف الميليشيات العراقية وقادتها بدلاً من الحرس الثوري الإيراني نفسه حفاظاً على تجنُّب التصعيد مع الإيرانيين"، في إشارة إلى القوات الإيرانية شِبه العسكرية التي تسلح وتدرب المقاتلين، مضيفاً: "على الأقل هذا هو الحال داخل العراق".

تابع بوهل بالقول: "أظهرت الولايات المتحدة استعدادها لضرب مواقع مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني في سورية، لكن كل ذلك من شأنه أن يكون مُصمَّماً للردّ بشكل متناسب على هذه المضايقات المتقطعة للقوات الأمريكية".

في اليمن نفذت حركة أنصار الله المتحالفة مع إيران، والمعروفة أكثر باسم الحوثيين، حوالَيْ 30 هجوماً على السفن التجارية في البحر الأحمر منذ منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر.

اتخذت الولايات المتحدة في البداية موقفاً دفاعياً، بإسقاط صواريخ وطائرات بدون طيار للحوثيين كانت متجهة إلى إسرائيل، وقامت بإنشاء قوة بحرية متعددة الجنسيات في كانون الأول/ ديسمبر للحفاظ على فتح مضايق الشحن البحرية، ولكن مع استمرار الهجمات على الشحن، استهدفت الولايات المتحدة وبريطانيا مواقع الحوثيين وأسلحتهم داخل اليمن بضربات جوية متكررة في كانون الثاني/ يناير.

في أحدث ضربة، والتي حدثت في الساعات الأولى من صباح يوم الأربعاء بالتوقيت المحلي، تم تدمير صاروخين مضادين للسفن تم اعتبارهما "تهديداً قريباً من السفن التجارية وسفن البحرية الأمريكية في المنطقة"، وفقاً للقيادة المركزية الأمريكية.

كانت الجولة السابقة من الضربات، التي وقعت يوم الاثنين، هي الثامنة خلال فترة أسبوعين فقط، ووفقاً لصحيفة "نيويورك تايمز"، كانت هذه الضربات "أكبر وأوسع نطاقاً" من السبع السابقة، مما يشير إلى نية واشنطن لـ "شن حملة مستمرة، على الأقل في الوقت الحالي، مفتوحة النهاية" ضدّ الجماعة المتمركزة في اليمن.

مع فتح هذه الجبهة الجديدة، يشكّ بوهل في رغبة واشنطن في "تصعيد التوتر بشكل متعمد"، فمن المرجَّح أكثر أن تركز على "تقليل قُدُرات الميليشيات بشكل جراحي" رداً على الاستفزازات مع تجنُّب التدرُّج في التصعيد الذي يمكن أن يؤدي إلى المخاطرة بمواجهة مباشرة مع إيران.

في بيان رسمي بعد ضربات الثلاثاء، أكد وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن Lloyd Austin أن الولايات المتحدة لا ترغب في "تصعيد النزاع في المنطقة" ودعا هذه الميليشيات إلى وقف هجماتها.

وقد قال هيراس، المحلِّل في معهد "نيو لاينز": "في عام 2024، من المرجَّح بشكل كبير أن تضطر القوات الأمريكية إلى الانخراط في حملات عسكرية عديدة في جميع أنحاء الشرق الأوسط بسبب الضغوط المتزايدة من إيران والمنظمات المتحالفة معها".

"لقد طوَّرت إيران إستراتيجية بعناية تضغط من خلالها على الولايات المتحدة وإسرائيل من عدة اتجاهات، كما يتضح من توسيع نطاق الصراع في غزة إلى اليمن والحملة المستمرة التي تدعمها إيران ضد القوات الأمريكية في العراق وسورية".

وفقاً لهيراس فقد أظهر الرئيس جو بايدن أنه "ملتزم شخصياً" بدعم إسرائيل ضدّ حماس في الوقت نفسه الذي يسعى فيه لـ "ترهيب إيران والجماعات المدعومة من إيران" لمنعهم من تقويض جهود الحرب الإسرائيلية من خلال فتح جبهات إقليمية أخرى.

يقول بوهل إنه في الوقت الحالي، يوجد 2500 جندي أمريكي في العراق و900 جندي في سورية، ويشكك في أن تقوم الولايات المتحدة بتغيير توزيع قواتها الإقليمية بشكل كبير في الأجل القريب، ما لم يكن هناك تصعيد كبير بين إسرائيل وإيران أو بين إسرائيل وحزب الله.

ويضيف بوهل أنه حتى الآن، يبدو أن توزيع القوات الحالي قادر على الردّ على الهجمات مع حرمان إيران ووكلائها من بيئة أكثر ثراءً بالأهداف إذا قاموا بنشر المزيد من القوات هناك.

أيضاً يشكّ هيراس في أنه سيكون هناك أيّ انسحاب للقوات الأمريكية في المستقبل القريب فقال: من غير المحتمَل أن يقوم كبار المسؤولين في إدارة بايدن بسحب القوات الأمريكية من العراق وسورية، حتى مع تصاعُد الهجمات من الجماعات المدعومة من إيران؛ لأن سحب القوات الأمريكية سيُعتبر كتنازُل أمريكي لإيران في وقت تكون فيه إسرائيل في حالة حرب، لكن الإبقاء على القوات الأمريكية في مكانها يُشكِّل خطراً كبيراً أيضاً، وأضاف هيراس: هناك خطر كبير على فريق بايدن من أن نهجه في التعامُل مع الحرب في غزة والصراع المتوسّع في الشرق الأوسط سيؤدي إلى ورطة للأمريكيين في المنطقة.

ترجمة: عبد الحميد فحام
المصدر:
(بيزنيس إنسايدر)