الغزو الروسي لأوكرانيا يترك أثره على حجم مبيعات السلاح وتركيبتها

الغزو الروسي لأوكرانيا يترك أثره على حجم مبيعات السلاح وتركيبتها

2022-04-20
2378 مشاهدة


خصصت معظم الدول الغربية معونات ضخمة من السلاح لأوكرانيا ليُوضَع الكثيرُ من هذه الأسلحة فعلياً في الاختبار العملي للمرة الأولى. ويتابع المختصون عن كثب أخبار المعركة، وعلى سبيل المثال تحتل أخبار صاروخ جافلين Javelin الأمريكي وصاروخ نلاو NLAW البريطاني المضاديْنِ للدروع إضافة إلى الطائرات المسيرة أمريكية الصنع وطائرة بيرقدار التركية قائمة مقاطع الفيديو المتداولة حول تدمير الدبابات والآليات الروسية، وقد حملت هذه المقاطع بصمات ترويجية واضحة.

ومع ارتفاع التوترات الأمنية العالمية على خلفية الصراع "الروسي-الأوكراني" بدأت الدول تعيد حساباتها في قضية التسليح.

التغيُّر الأبرز حصل في ألمانيا، والتي أعلنت عن مراجعة شاملة لسياستها الأمنية فخصصت 100 مليار يورو عاجلة للجيش على الفور؛ إضافة إلى تخصيص 2% من الناتج المحلي للبلاد (البالغ حوالَيْ 3.8 تريليون دولار أمريكي) للدفاع سنوياً. ويتوقع أن تتوجه ألمانيا إلى الشركات الأمريكية لشراء طائرات F35 وحاملات طائرات، إضافة إلى طائرات FCAS "الألمانية-الفرنسية"، وكذلك يُتوقَّع أن يتم تزويد الجيش الألماني بطائرات (هيرون تي بي) إسرائيلية الصنع.

الحسابات الأمنية لدى معظم الدول بدأت تشير إلى ضرورة شراء مزيد من السلاح. وكانت دول الشرق الأوسط ودول إفريقيا قد احتلت القائمة في مشتريات السلاح خلال 2021 حيث حلت قطر والسعودية ومصر والكويت بين المراكز السبعة الأولى في قائمة أكبر المشترين للسلاح على مستوى العالم، مع ارتفاع واضح في مشتريات السلاح من قِبل المغرب وتركيا، حيث حصلت دول الشرق الأوسط على 43% من إجمالي مبيعات السلاح الأمريكي الذي ازدهرت مبيعاته خلال الربع الأول من 2022، حيث نجد أن أسهُم الشركات الأمريكية الخمس التي تهيمن على 39% من مبيعات السلاح العالمي قد ارتفعت بشكل غير مسبوق، فقد وصل سهم شركة (Lockheed Martin Corporation) في منتصف نيسان/ إبريل إلى 467 دولاراً، بعد أن كان أقل من 390 دولاراً في مطلع شباط/ فبراير، ووصل سهم شركة (Northrop Grumman Corporation) إلى 470 دولاراً في منتصف نيسان/ إبريل، بزيادة أكثر من 100 دولار مقارنة مع مطلع شهر شباط/ فبراير، وفي تركيا كذلك ارتفع سهم الشركة العسكرية (Aselsan) - الذي وصل إلى 27 ليرة تركية منتصف نيسان/ إبريل، مقارنة مع أقل من 20 ليرة تركية في النصف الثاني من شباط/ فبراير.

التوقعات تشير إلى أنه في السنوات المقبلة سيتركز سوق السلاح الأكبر من حيث الحجم والتقنيات في دول أوروبا؛ على خلفية تداعيات الغزو الروسي.

وهناك مؤشرات تؤكد زيادة المشتريات من قِبل دول الشرق الأوسط والدول الإفريقية، حيث عُقدت صفقات بقيمة 8 مليارات دولار أمريكي خلال أيام انعقاد معرض الصناعات الدفاعية الأول الذي أُقيم في العاصمة السعودية الرياض، وكانت إسرائيل التي صدّرت أسلحة بقيمة 9 مليارات دولار أمريكي في 2021 استضافت في نفس الفترة تقريباً معرضاً للصناعات العسكرية لم يعلن عن حجم صفقاته، حيث يمكن أن تكون إسرائيل من بين أكبر الدول التي ستبيع الطائرات المسيرة وتجهيزات الحرب الإلكترونية لمعظم الدول، بما في ذلك بعض الدول العربية. كذلك يمكن أن تأتي تركيا بين الدول التي ستوقّع عقود مشاريع شراكة لتوريد وتصنيع بعض المعدات العسكرية.

التغيُّرات التي بدأت تحصل في السوق لن تكون فقط في حجم المشتريات وحَسْب، ولكن على مستوى تركيبة السلاح للسنوات العشر المقبلة على أقل تقدير، فقد كانت دول الخليج تعمل على عقد صفقات مع روسيا لتوريد السلاح ونقل التقنيات العسكرية، كما وقّعت مصر عقوداً في سبيل توريد أسلحة روسية، وهناك الكثير من الدول الإفريقية التي اشترت فعلياً السلاح الروسي أو تتطلع لشرائه، ولكن تطوُّرات المعركة وأسلوب إدارتها عسكرياً سيغير من تركيبة السلاح الوارد لهذه الدول، فلن ترغب معظم هذه الدول باقتناء تقنيات قديمة تلقت خسائر كبيرة أمام تقنيات أكثر تقدُّماً، وبالمجمل يمكن أن تصبّ المعركة في صالح السلاح الأمريكي والفرنسي -الذي تقدم إلى المركز الثالث عالمياً في مبيعات السلاح- وكذلك البريطاني، وستزداد المشاريع المشتركة بين الدول لتطوير أسلحة سابقة، إضافة إلى التوجُّه لشراء أسلحة من دول صاعدة عسكرياً كإسرائيل وتركيا.