تداعيات انتخابات الاتحاد الأوروبي 2024: الفائزون والخاسرون والمتضررون

تداعيات انتخابات الاتحاد الأوروبي 2024: الفائزون والخاسرون والمتضررون

2024-06-24
642 مشاهدة


شهدت انتخابات الاتحاد الأوروبي 2024 انتصاراً كبيراً لليمين المتطرف وكابوساً لليبراليين والخضر، مع تأكيد حزب الشعب الأوروبي زعامته. رغم ذلك يواجه البرلمان الجديد تحديات كبرى مع تزايُد الانقسام والمواقف المتشددة تجاه قضايا الهجرة والبيئة. فكيف سيتعامل القادة مع هذه التغيُّرات؟

نصّ الترجمة:

حملت عطلة نهاية الأسبوع الماضية أخباراً جيدة لأحزاب اليمين المتطرف في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي، وشكلت كابوساً لليبراليين والخضر، حيث توجَّه مواطنُو 27 دولة أوروبية إلى صناديق الاقتراع لانتخاب البرلمان الجديد للاتحاد، حيث حافظ حزب الشعب الأوروبي (EPP) European People’s Party المنتمي ليمين الوسط، بقيادة رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين Ursula von der Leyen، على موقعه كأقوى مجموعة في البرلمان الأوروبي، وقالت فون دير لاين لمؤيديها بلهجة المنتصر: "سنُوقفهم بكل تأكيد".

لكن من المتوقَّع أن يؤدي الوجود المتزايد لليمين المتطرف في قلب أوروبا إلى تغيير السياسات في بروكسل، ويقول مراقبون إنه بينما تهدف فون دير لاين إلى فترة ولاية ثانية كرئيسة للمفوضية الأوروبية، فسيتعين عليها التعامل مع برلمان أقل صداقة للبيئة، وأكثر انقساماً، وغير مُرحِّب بالمهاجرين على نحو متزايد.

التحوُّل الكبير

الفائزون

أكد حزب الشعب الأوروبي الذي يمثل يمين الوسط نفسه كأكبر كتلة في المجلس بـ 720 مقعداً، حيث حصل على ثمانية مقاعد إضافية مقارَنةً بانتخابات 2019 بإجمالي 182 مقعداً.

وحصل تحالُف الهُوِيّة والديمقراطية Identity and Democracy (ID) اليميني المتطرف، بقيادة المرشحة الفرنسية مارين لوبان Marine Le Pen، على 58 مقعداً، أي بزيادة تسعة مقاعد مقارَنةً بما كان عليه الحال قبل خمس سنوات.

وفازت أحزاب غير منحازة لأي طرف، تلك التي تضم أحزاباً من اليمين واليسار لا تنتمي إلى الجماعات السياسية المعترَف بها، بـ 99 مقعداً، أي أكثر بـ 37 مقعداً مقارَنةً بعام 2019.

كما حصل تحالُف المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين European Conservatives and Reformists (ECR)، الذي تهيمن عليه رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني Giorgia Meloni، على أربعة مقاعد إضافية لما حصل عليه قبل خمس سنوات.

الخاسرون

وخسر التحالُف التقدُّمي للاشتراكيين والديمقراطيين Progressive Alliance of Socialists and Democrats (S&D)  الذي يمثل يسار الوسط أربعة مقاعد، لكنه يظل ثاني أقوى كتلة في البرلمان بحصولها على 135 مقعداً. ومع ذلك فقد احتلّ المركز الثاني في دول كبيرة مثل إسبانيا، حيث احتل المركز الأول في عام 2019.

وخسر تحالُف تجديد أوروبا الليبرالي Renew Europe (RE) 22 مقعداً فيما يُعتبر ضربة قوية للحزب. كما تلقى حزب الخضر Greens، الذي حقق مكاسب قوية في انتخابات 2019، ضربة قوية بخسارة 19 مقعداً.

جدوال

Source: Results. Elections. Europa eu. 10 June 2024

المصدر:  https://results.elections.europa.eu 

وتشير مثل هذه المكاسب والانتكاسات إلى تحوُّل قوي في الأجواء السياسية في أوروبا مقارَنةً بالجولة السابقة من الانتخابات عام 2019، بحسب محلِّلين.

وقالت فيسيلا تشيرنيفا Vessela Tcherneva، نائبة مدير المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية: "إن الحروب في أوكرانيا وغزّة، إلى جانب الأزمة الاقتصادية المستمرة في جميع أنحاء الاتحاد، كل ذلك يساهم في خلق مناخ أكثر قلقاً، مما يجعل الناخبين يبحثون عن مزيد من الأمن، واليمين المتطرف يَعِدُهم بذلك".

لكن تشيرنيفا أشارت إلى أن "انتخابات الاتحاد الأوروبي هي أيضاً بمثابة استفتاءات على القادة في كل دولة من دول الاتحاد." فمَن هم الخاسرون؟ ومَن هم الفائزون الكبار بين القادة في الدول الأوروبية؟

مُنِيَ الحزب الديمقراطي الاجتماعي Social Democratic Party (SPD) بزعامة المستشار الألماني أولاف شولتز Olaf Scholz بهزيمة نكراء، حيث حصل على حوالَيْ 14% من الأصوات، ليحتل المركز الثالث خلف التحالف المحافظ المكوَّن من الاتحاد الديمقراطي المسيحي Christian Democratic Union (CDU)  والاتحاد الاجتماعي المسيحي Christian Social Union (CSU)، الذي حصل على 30% من الأصوات، وكان الرابح الأكبر هو حزب البديل من أجل ألمانيا Alternative for Germany (AfD) اليميني المتطرف، الذي سجل أفضل نتائجه في التاريخ بنسبة 16% من الأصوات.

وقد أدى التصويت إلى زلزال سياسي في فرنسا، حيث فازت لوبان بنسبة 30% من الأصوات مع حزبها التجمُّع الوطني National Rally (RN)، وهو ضِعف ما حصل عليه حزب النهضة Renaissance (RE)  الذي يتزعمه الرئيس إيمانويل ماكرون. ونتيجة لذلك قام ماكرون بحلّ البرلمان، ودعا إلى إجراء انتخابات مبكرة، وليس أمامه سوى ثلاثة أسابيع من أجل إقناع الناخبين الفرنسيين بدعم حزبه.

لم تكن تلك ليلة سعيدة بالنسبة لحزب فيدسز Fidesz الذي يتزعمه الزعيم القومي المجري فيكتور أوربان. فعلى الرغم من حصوله على ما يقرب من 44% من الأصوات، إلا أنها كانت أسوأ نتيجة يحققها الحزب على الإطلاق في انتخابات البرلمان الأوروبي.

أما رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني، فكانت الفائزة البارزة، حيث حصل حزبها "إخوة إيطاليا" Brothers of Italy على ما يقرب من 30% من الأصوات. إنها الخلفية السياسية المثالية بالنسبة لها، في حين تستعدّ لترؤُّس قمة زعماء مجموعة السبع (G7) في وقت لاحق من هذا الأسبوع في فاسانو Fasano.

ماذا يعني كل ذلك؟

على الرغم من مكاسبها الإجمالية، إلا أن أحزاب اليمين المتطرف منقسمة فيما بينها، فعلى سبيل المثال، طرد التحالف من أجل الهُوِيّة والديمقراطية (ID) حزب البديل من أجل ألمانيا (AfD) في أيار/ مايو بعد تعليقات من قادة الحزب أشارت إلى تعاطُف مع النازيين.

وقال أولاف بوهنكي Olaf Bohnke، مدير مؤسسة تحالُف الديمقراطيات في برلين، وهي منظمة غير ربحية، متحدثاً عن الأحزاب اليمينية المتطرفة: "إن التعاون باسم هدف أسمى ليس في الواقع ممارستهم المحبوبة".

ومع ذلك قال بوهنكي: إن هذه الجماعات اليمينية المتطرفة يمكن أن تُبطئ أو تُعرقِل سياسات الاتحاد الأوروبي، وخاصة تلك المتعلقة بتغيُّر المناخ والهجرة والسياسة الخارجية، بما في ذلك المساعدات لأوكرانيا.

ترجمة: عبد الحميد فحام
المصدر:
(الجزيرة الإنجليزية)