تركيا تواجه التضخُّم بتعزيز الطلب على الليرة
2022-09-161762 مشاهدة
وضع رئيس مصرف تركيا المركزي "شهاب قهوجي أوغلو" في 12 سبتمبر/ أيلول 2022 مجموعة من الملاحظات حول سياسة تعزيز طلب الليرة التي تتبنّاها الحكومة، تمثلت بتحديد هدف المرحلة المقبلة بإنهاء حالة "الدولرة" السائدة في البلاد، وبالتالي اعتماد أصول مُقيَّمة بالليرة التركية وليس بالعملات الأجنبية، وجعل الليرة التركية عملة وحيدة في التعامُلات الداخلية التجارية، وكذلك زيادة وزن الليرة التركية في موازنات الشركات، وتعزيز اعتماد الأُسَر عليها، وهو ما عدَّه رئيس البنك المركزي حلولاً هيكلية صعبة مقابل عدم تبنِّي حلول سهلة ذات تأثير قصير الأمد ولكن ذات آثار مؤقتة.
جاءت تصريحات رئيس البنك المركزي في ظلّ ضغوطات كبيرة يتعرض لها الاقتصاد التركي؛ تتمثل بارتفاع مستوى التضخم إلى 80%، وتراجُع قيمة الليرة التركية، وعجز في ميزان الحساب الجاري.
تقوم سياسة الحكومة التركية على تبنِّي نموذج يعتمد على سعر فائدة منخفض يقلِّل من كلفة القروض التي يتم تشجيع تقديمها للاستثمارات المحلية التي ستعزز قيمة التكوين الرأسمالي في البلاد من جهة، وتُقلِّل من نِسَب البطالة من جهة أخرى، كما تقوم على استخدام الكتل النقدية المتاحة في عمليات استثمار تتيح للعاملين تقوية القوة الشرائية وبالتالي انخفاض مستوى التضخم على المدى البعيد.
خفض البنك المركزي في منتصف آب/ أغسطس 2022 سعر الفائدة بمعدل 100 نقطة أساس، بعد أن أجرى عدة تخفيضات سابقة، في اتجاه معاكس لِمَا تقوم به الدول الكبرى لتخفيض التضخم، وهو ما تسبَّب من جديد بضغوطات على سعر الليرة التركية.
مع تخفيض معدل الفائدة في منتصف آب/ أغسطس 2022، دافع البنك المركزي عن استقرار عملته عَبْر شراء كميات كبيرة من الليرة التركية. ويتوقع أن المركزي التركي دفع ما يزيد على ثلاثة مليارات دولار أمريكي لشراء كميات من الليرة، في سبيل الحفاظ على استقرار الليرة، كما قام بضخّ مبالغ أقلّ مع مطلع أيلول/ سبتمبر 2022 لدعم هذا الاستقرار.
ورغم الجهود الحكومية في إطار استخدام سياسات مالية وأخرى نقدية لمواجهة التضخم واستقرار سعر الليرة، فإن معدل التضخُّم لا يُتوقَّع أن ينخفض كثيراً مع نهاية 2022، حيث يمكن أن يبقى أعلى من 60%، كما أن اتجاه سعر صرف الليرة التركية سيبقى صاعداً، وبالتالي لا يُتوقَّع أن تُثمر جهود الحكومة القائمة على تبنِّي نموذج متكامل يُعدِّل في بِنْية الاقتصاد التركي قبل نهاية 2023، على الرغم من أن بعضاً من ثمار هذا النموذج آخِذة بالتشكُّل؛ كما هو الحال في ارتفاع كتلة المدّخرات بالليرة التركية إلى 3.4 تريليون ليرة، وتدفُّق كميات كبيرة من الاستثمارات الحقيقية إلى داخل تركيا.