ماذا بعد الانتخابات الرئاسية التونسية؟

ماذا بعد الانتخابات الرئاسية التونسية؟

2024-10-10
236 مشاهدة


شهدت الانتخابات الرئاسية التونسية التي فاز بها الرئيس السابق قيس سعيد بنسبة تفوق  90 % عزوفاً شعبياً عن المشاركة، بشكل غير مسبوق منذ عودة الحياة الديمقراطية إلى تونس عام  2011 . وعلى سبيل المقارنة، فقد شارك  حوالَيْ  60 % في انتخابات الجولة الثانية لعام  2014 التي فاز فيها الباجي قايد السبسي، وشارك  حوالَيْ  55 % من الناخبين في الجولة الثانية من انتخابات عام  2019 التي فاز فيها قيس سعيد.  

وتنسجم النسبة الضعيفة للمشاركة مع نسب المشاركة في  عمليتَي التصويت اللتين  جَرَتَا في تونس بعد إجراءات الرئيس قيس سعيد الاستثنائية في  25 تموز/ يوليو  2021 ، فقد بلغت نسبة المشاركة في التصويت على استفتاء الدستور عام  2022    حوالَيْ  30 %، فيما بلغت في الانتخابات البرلمانية لعام  2022    حوالَيْ  11 % فقط!  

وقد  اتَّسم مسار الانتخابات الرئاسية  بتجاهُل واضح من السلطات التونسية لكل المعايير الدولية للانتخابات النزيهة، وظهر هذا  التوجُّه بشكل واضح في تعديل الإجراءات القانونية الخاصة بالعملية الانتخابية، واستهداف المرشحين، سواء باعتقالهم أو برفض طلبات ترشحهم، إلى غير ذلك من الإجراءات التي تضمن عدم حصول أ يّ شكل من أشكال المنافسة الحرة.   

وتُظهر هذه الإجراءات أن الرئيس سعيّد أراد في هذه الانتخابات تكريس نفسه كزعيم  مطلَق ، وليس متنافساً بين متنافسين آخرين، في استدعاء لنماذج مشابهة في عدد من الدول العربية الأخرى.  

ويستفيد سعيّد من غياب الاهتمام الدولي بالوضع في تونس، إلا في ملفات معينة، وخاصة الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، والتي حوّلها سعيد إلى رافعة للخطاب الشعبوي في تونس، وأداة لابتزاز دول الاتحاد الأوروبي، كما يستفيد من دعم يحصل عليه من بعض الدول، وخاصة الجزائر وإيطاليا، والتي تسعى لتعزيز نفوذها في تونس من خلال دعم سعيّد.   

وعلى ما يبدو، فإن سعيد سيسعى في فترته الثانية إلى تكريس ما بدأه في  25 يوليو  2021 ، من حيث الحكم الشمولي المطلق، وإسكات كل الأصوات المعارضة، والسيطرة الكاملة على السلطة التنفيذية، ومسخ السلطة التشريعية والتحكم بها.   

وتمثل نتائج الانتخابات لحظة فاصلة بالنسبة للمعارضة، والتي تعرّضت خلال السنوات الثلاث الماضية إلى عملية استهداف أمني وقانوني مشابهة لما كان يحصل في عهد زين العابدين بن علي، إذ تدرك المعارضة اليوم أن سعيد باقٍ في موقعه لخمس سنوات قادمة، ما لم تتمكن المعارضة من استخدام أدوات جديدة، ومن توحيد صفوفها،  وتجاوُز خلافاتها  الأيديولوجية والسياسية.