حجب البرلمان الليبي الثقة عن باشاغا..نهاية لانقسام الغرب أم بداية لتصدُّع الشرق؟
2023-05-181476 مشاهدة
أعلن البرلمان الليبي في 16 أيار/ مايو 2023 حجب الثقة عن فتحي باشاغا رئيس الحكومة المُشكّلة من قِبله، وتكليف وزير المالية أسامة الحماد، والذي يمتلك علاقة وطيدة مع المشير خليفة حفتر وأبنائه، بتسيير مهام رئيس مجلس الوزراء.
قرار الإقالة جاء بعد قُرابة 15 شهراً على إعلان حكومة باشاغا في شرق ليبيا. وبرّر البرلمان قراره بعدم وفاء الحكومة بالتزاماتها، وغياب الشفافية المالية.
ومن اللافت عدم حضور كافة أعضاء البرلمان (البالغ عددهم 174 عضواً) لجلسة حجب الثقة. وعلى الأرجح؛ فإن القرار الذي اتخذه جزء من البرلمان الليبي ومقره في بنغازي شرق البلاد، يعكس وجود خلافات بين قادة الشرق بخصوص شكل ومضامين المرحلة المستقبلية في البلاد، إذ يعتبر صدام خليفة حفتر الداعم الأبرز لفكرة إقالة باشاغا، مقابل رفض عقيلة صالح الذي تغيب عن الجلسة، وأدارها بدلاً منه نائب الرئيس الأول فوزي النويري، في مشهد أظهر تصدُّعاً على مستوى البرلمان ذاته.
ومن غير المُستبعَد أن يكون صدام خليفة حفتر قد مارس ضغوطاً من أجل دفع كتلة بالبرلمان لإصدار قرار حجب الثقة عن باشاغا، في سياق تفاهُمات غير معلنة مع حكومة الوحدة الوطنية بقيادة عبد الحميد دبيبة. وقد رشحت معلومات مؤخراً عن لقاء حصل في شهر أيار/ مايو 2023 جمع صدام خليفة حفتر مع ممثلين عن حكومة الوحدة الوطنية لنقاش المرحلة الانتقالية في ليبيا.
شكَّل اختيار باشاغا لرئاسة الحكومة في شباط/ فبراير 2022 تعبيراً عن الدهاء السياسي لحفتر، باعتبار أن باشاغا كان رأس الحربة في إفشال عملية الكرامة التي قادها حفتر نفسه للسيطرة على طرابلس، قبل أن يعمل حفتر مرة أخرى على إسقاطه بعد أن انتهى دوره في تقسيم معسكر الغرب.
قد تفتح عملية استبعاد باشاغا الذي كان ينافس حكومة عبد الحميد الدبيبة البابَ أمام تشكيل حكومة مصغَّرة وموحَّدة في البلاد، تُشرف على إدارة الانتخابات برعاية دولية وإقليمية.
ومن غير المتوقَّع أن يؤدّي قرار حجب الثقة عن فتحي باشاغا إلى الإضرار بمصالح الفاعلين الإقليميين، فكل من شرق ليبيا وغربها يحتاجان إلى دعم مصر وتركيا.
ويُعتبر رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة المستفيد الأكبر من هذا القرار، على اعتبار أن حكومة باشاغا تأسست بهدف تقويض سلطة الدبيبة على غرب ليبيا، لكن ما حصل في نهاية المطاف هو حجب الثقة عن باشاغا بدواعي الفساد المالي والتقصير.
كما يمثل هذا القرار مؤشراً آخر على انتهاء باشاغا، باعتباره فاعلاً مؤثراً في المشهد، حيث لم يَعُدْ قادراً حتى على كسب الفاعلين في مدينته مصراتة، ناهيك عن الغرب ككل.