ماذا يعني اعتماد الصين سفيراً لطالبان لديها؟
2024-02-15666 مشاهدة
أواخر كانون الثاني/ يناير 2024 اعتمدت الصين أوراق سفراء دول عديدة، من بينها سفير "الإمارة الإسلامية" في أفغانستان بلال كريمي، في خُطوة لم يسبق لأي دولة اتخاذها قبل الصين، مما يُعَدّ اعترافاً ضمنيّاً بنظام طالبان الحاكم في أفغانستان، علماً أن بكّين أرسلت سفيرها تشاو شينغ إلى كابول في آب/ أغسطس 2023.
أثارت الخُطوة انتقاد العديد من جهات المعارضة خارج أفغانستان والقوى الدولية، كالولايات المتحدة التي طالبت الصين بتوضيح ما إذا كانت تعترف بحكومة طالبان رسمياً، في حين أن تكتُّل جبهة المقاومة الأفغانية ضدّ طالبان اعتبر قرار الصين "خرقاً للأعراف الدولية والدبلوماسية" مطالباً المجتمع الدولي بتوحيد موقفه من طالبان، والامتناع عن قبول ممثليها جهات رسمية، بدعوى عدم تمثيلها للشعب الأفغاني.
بالرغم من أن الصين لم تعترف رسميّاً بنظام الحكم في أفغانستان، إلا أن مبادلة السفراء والممثلين لكِلا البلدين تُعَدّ خُطوة في سبيل الاعتراف النهائي، وهذا مما تسعى الصين له في نهاية المطاف، نظراً لرغبتها في ملء الفراغ الأمريكي في أفغانستان، وتسهيل أمور السفر والاستثمار فيها، وبالتالي فإن التبادُل الدبلوماسي بين الصين وطالبان سيُعزِّز العلاقات التجارية بين كابول وبكين، حيث باشرت شركات صينية منذ تسلُّم طالبان الحكم في أفغانستان استثمارات بمئات ملايين الدولارات إلى جانب بَدْء شركات أخرى تقديم عروض للتنقيب والتعدين في معادن النحاس والكوبالت والذهب والحديد والليثيوم التي تُقدَّر قيمتها بنحو تريليون دولار في الصين، كما وافقت الصين في أيار/ مايو 2023 على توسيع الممرّ الاقتصادي الصيني الباكستاني، وهو جزء من مبادرة الحزام والطريق وجعل أفغانستان جزءاً أساسيّاً منه.
يبدو أنه ثَمّة العديد من الأسباب التي دفعت الصين لهذا المستوى من الاعتراف الدبلوماسي، كتحقيق الحكومة الأفغانية الحالية الوعود التي قطعتها بعدم السماح بتهديد مصالح الصين انطلاقاً من أراضيها، وهو ما يفسر نقل العائلات التركستانية الأويغورية ومعسكرات الحزب الإسلامي التركستاني التدريبية من ولايات شرق أفغانستان إلى ولايات الوسط والغرب من البلاد. إلى جانب أن التعامل الرسمي مع طالبان يصبّ في مصلحة الطرفين، سواء من حيث الاعتراف بنظام طالبان حكومةً لأفغانستان بواقع الحال، أو من خلال تسهيل التعامل مع الصين في مسائل الأمن والاستثمار والتعاون المشترك بين البلدين.
في الإطار ذاته، فإنه من المحتمل أن تتبع دول أخرى -كروسيا وإيران- خُطى الصين، بالاعتراف بنظام طالبان وتبادُل البعثات الدبلوماسية مع أفغانستان، وذلك في سبيل مواجهة المشاريع الأمريكية في المنطقة، وتحقيق أقصى استفادة ممكنة من واقع الحال الذي فرضته طالبان، وبالتالي قد يشكل ذلك -في حال تحقُّقه- ضغطاً أو دافعاً للعديد من الدول للاعتراف بطالبان، واستخدام ذلك وسيلة للضغط على الأمم المتحدة بهدف تسليمها مقعد أفغانستان فيها، وبالتالي نَيْل الاعتراف الأممي بها أخيراً.