متغيّرات إقليمية ودولية مستجدة تُؤثّر على مسار التطبيع العربي مع النظام السوري
2023-10-021484 مشاهدة
ظهر العديد من المؤشرات المستجدّة التي تدلّ على تعثُّر مسار التطبيع العربي مع النظام السوري، إذ عكست التصريحات الأردنية الأخيرة التي تتحدث عن عدم سيطرة النظام السوري على كامل البلاد، والتشكيك بجدوى عودته إلى الجامعة العربية ارتكاسة في مساعي التقارب مع دمشق، والذي هدفت عمان من خلاله بالدرجة الأولى لإيجاد حلول لهواجسها الأمنية الناجمة عن مشاكل الحدود.
تفيد المعلومات التي رشحت عن دبلوماسيين عرب، بأن لجنة الاتصال العربية الخاصة بالملف السوري أوقفت الاتصال مع النظام وأبلغته بذلك رسمياً اعتباراً من 25 أيلول/ سبتمبر 2023، ويوجد توجُّه لدى الجامعة العربية باستبعاد النظام عن لجان الجامعة مع إبقاء عضويته فقط.
مؤخراً انضمت الإمارات إلى الدول العربية التي تطالب النظام السوري بمعالجة القضايا التي تهدد دول جوار سورية، خاصة تسهيل عودة اللاجئين ومكافحة تجارة الكبتاغون.
إن دوافع الدول العربية للتقارب مع النظام السوري لم تكن موحَّدة في الأصل، إذ إن التهديدات التي يعاني منها الأردن نتيجة تصاعُد نشاط الميليشيات الإيرانية قرب الحدود، وارتفاع وتيرة تهريب السلاح والمخدرات إلى الداخل الأردني، ساهمت إلى حد كبير في قرار عمان بالتقارب مع النظام السوري وبوساطة روسية، مقابل ضمانات من الأخيرة بوقف تلك التهديدات، لكن الذي تبين للأردنيين لاحقاً أن روسيا فضلت التراخي مع الإيرانيين في سورية، مقابل تعزيز التحالف بين موسكو وطهران في أعقاب الحرب الأوكرانية.
من جهتها، أبدت السعودية استعدادها للانفتاح على النظام السوري وَفْق مقاربة جديدة تتبنى نهج خفض التوتر مع إيران بما يُنهي التهديد الأمني القادم من اليمن عَبْر أذرع إيران، كما أن الرياض أظهرت توجُّهاً لتعزيز العلاقات مع روسيا والصين في سياق البحث عن بدائل للدور الأمريكي الذي بدا، وكأنه يتقلص في الشرق الأوسط.
تبدو اليوم السياقات التي أتت ضِمنها مسارات التقارُب مع النظام السوري متجهةً للتبدُّل، فمن ناحيةٍ خاب تعويل الأردن على موقف روسي حازم لضبط الحدود "السورية – الأردنية" ووقف نشاط الميليشيات الإيرانية، ومن جهة أخرى أظهرت واشنطن رغبتها بتعزيز حضورها في المنطقة عَبْر إرسال طائرات F35 إلى الأردن وقطر، ودعم وجودها في مياه الخليج، كما دخلت في مفاوضات مع الرياض من أجل حلّ الملفات الخلافية، وأبدت استعدادها لتوقيع اتفاقية دفاع مشترك، بالتزامن مع عودة جماعة الحوثيين إلى التصعيد واستهداف قوات تتبع التحالف العربي على الحدود "اليمنية – السعودية"، مما بات يهدد مسار التهدئة في المنطقة برُمَّته.
عامل آخر أثَّر سلباً على نجاح تقارُب تركيا والدول العربية مع النظام السوري، ويتمثل بإظهار إيران قدرة كبيرة بالتحكم بقرار النظام على الصعيدين السياسي والميداني، ومنعه من تقديم أي تنازُلات سياسية، كما استمر نشاط الميليشيات المدعومة من طهران قرب حدود الأردن وهضبة الجولان دون قدرة النظام أو رغبته على التدخل ومنعها، بالتوازي مع شكوك حول مستقبل الحضور الروسي نظراً لاستنزافها الكبير في أوكرانيا.
ما سبق لا يعني أن الأجواء بين العرب والنظام السوري ستعود إلى ما كانت عليه حتى عام 2018 من قطيعة وتصعيد، لكن الواضح أن الأمور تتجه لتجميد المسار برمته حتى إشعار آخر.