القصف الروسي على معسكر "فيلق الشام"
2020-10-273974 مشاهدة
تمهيد
قام الطيران الحربي الروسي يوم 26 أكتوبر بقصف معسكر "فيلق الشام" التابع للجبهة الوطنية. وأدّى القصف إلى مقتل 36 شخصاً، بالإضافة إلى قرابة 100 جريح، ليكون هذا التصعيد هو الأعنف من نوعه منذ توصل الجانبين التركي والروسي إلى وقف إطلاق النار في إدلب مطلع شهر آذار/ مارس 2020.
أولاً: تفاصيل الهجوم
أشارت بعض المراصد المخصصة لمراقبة الأجواء في شمال غرب سوريا إلى أن طائرة روسية من طراز "سوخوي 35" أقلعت في 26 أكتوبر من قاعدة "حميميم" بريف اللاذقية لتنفيذ مهمة قتالية في البادية السورية، قبل أن تتلقى أوامراً بتغيير وجهتها باتجاه شمال غرب سوريا لمهاجمة معسكر يتبع للجبهة الوطنية للتحرير.
وبالفعل فقد استهدفت الطائرة الروسية الاستعراض الختامي لمعسكر يتبع لفيلق الشام، في بلدة "الدويلة" التابعة لمنطقة "كفرتخاريم" التي تبعد عن الحدود التركية فقط 35 كيلومتراً.
وتشير بعض الترجيحات إلى أن ضباطاً من الجيش التركي كانوا حاضرين للعرض الختامي، إلا أنه لا يوجد معلومات قطعية عن تعرض أي ضابط أو جندي تركي للاستهداف خلال الهجوم.
ثانياً: أسباب محتملة للهجوم
1-الضغط على تركيا في إدلب
من المحتمل أن يكون أهداف الهجوم هو الضغط على تركيا في محافظة إدلب بهدف دفعها للقبول ببعض المطالب الروسية من قبيل الموافقة على فكرة الانسحاب من كامل المنطقة الواقعة جنوب طريق m4 (المنطقة الممتدة من أريحا وجبل الزاوية وصولاً إلى منطقة جسر الشغور)، أو بهدف دفع الجانب التركي للقبول بفكرة نشر الجيش الروسي لنقاط مراقبة في المنطقة المذكورة، أو بهدف جعل تركيا تأخذ المطلب الروسي المتعلقة بخفض عدد القوات التركية في شمال غرب سوريا على محمل الجد، وكل هذه البنود تطرقت لها روسيا خلال جولات المفاوضات التي جرت بين الجانبين في منتصف شهر أيلول/ سبتمبر من عام 2020.
2-العمل على زعزعة الثقة بين تركيا والجانب السوري
قد تستهدف روسيا من خلال هذا الاستهداف لفصيل يعتبر مقرب كثيراً إلى أنقرة العمل على خلخلة الثقة بين الفصائل السورية والجانب التركي، حيث إن الغارة على معسكر الشام وجهت رسالة مفادها بأنه لا يمكن الاعتماد بالمطلق على العلاقة مع أنقرة من أجل توفير الحماية، بالتالي دفع الفصائل السورية إلى مراجعة الموقف من الاندفاع السريع لمرافقة الجيش التركي في المهمات الخارجية، خاصة المهام المتعلقة بالسفر إلى أذربيجان.
ومما يرجح هذه الفرضية أن النسخة العربية من وكالة "سبوتنيك" الروسية نشرت تقريراً فورياً عقب الهجوم حمل العوان التالي: "الحربي السوري يحيد 75 مسلحاً من أبرز التنظيمات المُصدّرة للمرتزقة نحو ليبيا وأذربيجان"، وكأنها تريد إيصال رسالة روسية مفادها أنه "ستتم معاقبة الفصائل التي تساند الجيش التركي في حروب ليبيا وأذربيجان".
كما أن حدث من هذا النوع من شأنه أن يجعل الدور التركي محل شك دائماً بالنسبة للحاضنة الشعبية.
3-الضغط على تركيا في الملف السوري لتحصيل مكاسب في ملف أذربيجان
قد تسعى روسيا للضغط على تركيا في الملف السوري من أجل دفع أنقرة لمراجعة موقفها من العمليات العسكرية التي يشنها الجيش الأذربيجاني في إقليم "قره باغ"، خاصة وأن موسكو كثفت نشاطها في الآونة الأخيرة بهدف وضع حد للعمليات العسكرية المدعومة تركيا.
ثالثاً: تداعيات محتملة للهجوم
قد يدفع الهجوم أنقرة لإعادة النظر في سحب نقاط مراقبتها من المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري الممتدة من شمال حماة حتى جنوب شرق إدلب، بعد أن قامت بسحب نقطة المراقبة من "مورك" في 18 أكتوبر.
من الممكن أن تفكر أنقرة بإظهار صلابة أكبر في المواقف كرد عملي سياسي على الاستهداف المباشر لفصيل منخرط في المسار السياسي، ومقرب من تركيا.
أما على الناحية العسكرية فستراوح رد الفعل بين إعطاء الضوء الأخضر لفصائل المعارضة بالرد المدروس على مواقع قوات النظام السوري، أو قد يتطور الرد إلى تزويد تركيا لفصائل المعارضة السورية بمعلومات عن مواقع حساسة تتبع لروسيا أو قيادات في النظام السوري تمتاز بارتباط وثيق مع روسيا بهدف استهدافها.
ومن غير المرجح أن تؤدي الضربة الجوية التي نفذتها روسيا إلى الانزلاق نحو عمليات عسكرية موسعة، إذ أن أنقرة لا تزال تفضل الحفاظ على حالة الهدوء والاستقرار في إدلب، حتى وإن تم اللجوء إلى الميدان للرد على عملية الاستهداف.