مرجعية النجف ما بعد السيستاني
2022-05-142518 مشاهدة
تتداخل العوامل الفقهية والسياسية في تحديد معالم العلاقة بين إيران والعراق، وبشكل خاصّ بين القيادة الإيرانية التي تتبع مبدأ ولاية الفقيه، وبين مرجعية النجف التي تتبع مبدأ الولاية الخاصة للفقهاء وعدم التدخل في الشأن السياسي، كما تختلف عن مرجعية قم في العديد من المبادئ الفقهية. إلا أن العوامل المؤثرة في هذه العلاقة تتخطى الاختلافات الفقهية والسياسية، لتدخل منعطفاً مهماً في ظل الحديث عن مرحلة ما بعد المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني.
فالسيستاني يُعَدّ أحد أبرز الشخصيات المؤثرة في الشأن السياسي العراقي، وقد استطاع عَبْر دوره المؤثِّر، أن يخلق مسافة واضحة بين مرجعية النجف وإيران، إذ تمكن من خلال دعوته المتكررة للدولة الدستورية وسيادة الدولة والانتخابات الديمقراطية، إلى جانب موقفه الواضح من نظرية ولاية الفقيه، أن يؤسس لمكانة مؤثرة في العراق، وأن يكبح مساعي طهران في تحقيق سيطرة أكبر على البلاد.
إلا أن طهران تسعى، من خلال العديد من السيناريوهات، إلى بسط سيطرتها على مرجعية النجف، وبالتالي السيطرة على القرار الفقهي الشيعي في العالم، من خلال قم والنجف. وقد حاولت خلال الفترة الماضية، تهيئة العديد من الأسماء والمراجع لخلافة السيستاني، إلا أنه حتى هذه اللحظة لا يوجد اسم واضح يمكن أن تراهن عليه في المرحلة المقبلة، وذلك بسبب تداخُل العديد من المتغيِّرات الداخلية والخارجية المؤثِّرة في عملية اختيار المرجع القادم.
على أي حال، فإن مرحلة ما بعد السيستاني ستشهد فراغاً كبيراً ليس على مستوى مرجعية النجف فحَسْبُ، وإنما على مستوى الوضع العامّ في العراق أيضاً، لما لعبه هذا المرجع من دور مؤثر فيه، خصوصاً أنه لا توجد آلية واضحة لخلافتهِ، ولا حتى إجماع على الشخصية التي من الممكن أن تخلفهُ. وستكون إيران -وتحديداً المرشد الأعلى علي خامنئي- أكثر الأطراف تأثيراً في عملية تنظيم خلافة السيستاني، ودعم مرشح متعاطف أو على الأقل لا ينتقد أو يقف في وجه السلوكيات الإيرانية في العراق والمنطقة، لما لذلك من أهمية على مستوى النفوذ الإيراني، أو حتى على مستوى مستقبل الفصائل المسلحة الموالية لطهران، التي ستكون الرابح الأكبر من أي فراغ ينشأ في النجف، ومجيء مرجع أعلى مقرَّب منها.
يمكنكم تحميل النسخة الإلكترونية PDF اضغط هنا