العلاقات الإيرانية الأمريكية وتأثيراتها على المنطقة
2023-12-231433 مشاهدة
أقام مركز أبعاد للدراسات الإستراتيجية ندوة حوارية عَبْر تطبيق "زووم" يوم الخميس 21 كانون الأول/ ديسمبر، ناقش فيها شكل العلاقة بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة تزامُناً مع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
واستضاف المركز الباحث في مركز الجزيرة للدراسات الدكتور شفيق شقير والأكاديمي الدكتور عبد الرحمن الحاج، والمتخصص في الشؤون الإيرانية الدكتور فراس إلياس، ومدير وحدة الدراسات في مركز أبعاد الدكتور محمد سالم وأدار الحوار الباحث في مركز أبعاد أ. فراس فحام.
وتناولت الندوة في محاورها شكل العلاقة بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية والرؤية السياسية الأمريكية للدور الإيراني في منطقة الشرق الأوسط وفرص العودة للاتفاق النووي الإيراني، إضافة إلى السيناريوهات المتوقَّعة لما بعد حرب غزة.
وفي بداية الندوة قال الدكتور عبد الرحمن: إن إيران حققت مكاسب كبيرة من الثورات العربية، ولعب حزب الله دوراً رئيسياً في ذلك لتحقيق مكاسب إستراتيجية كبرى في منطقة الشرق الأوسط، لافتاً إلى أن تدخُّل إيران في الحرب على غزة يؤثر على النظام السياسي الإيراني وعلى نفوذها في المنطقة.
ووصف الحاج الإستراتيجية الإيرانية بـ "إستراتيجية البقاء" التي تحرص على ألّا يحصل أيّ نوع من التهديدات أو المشاكل التي تهدد بقاء النفوذ الإيراني والذي يحكم بدوره كل السياسات الإيرانية إضافة إلى الأيديولوجية الإيرانية التي تعتمد على المكاسب السياسية من نتائج الحرب عموماً.
من جانب آخر رأى الدكتور شفيق شقير أن إستراتيجية إيران قائمة على الإصرار على قائمة من المبادئ الأساسية مثل وجودها كدولة مهمة في المنطقة، وتدفيع الثمن لأي خصم يتجاهل هذه الحقيقة، ليعرف الخصم أنها مسائل غير قابلة للتفاوض، وهو ما يدفع الولايات المتحدة لأخذها على محمل الجِدّ وتعامل الولايات المتحدة معها كدولة حقيقية في المنطقة، وهو ما يعني حفاظ إيران على المكاسب لتثبيت وجودها.
وعن مدى تناقُض هذه السياسة مع القضية الفلسطينية أضاف شقير أنها مرتبطة ببعضها لأنها جزء مهمّ من المكوّن الأيديولوجي الإيراني والسياسي، وله أهمية جيوسياسية لإيران للاستمرار بالمنطقة.
وتتعامل أمريكا مع إيران على أنها منافس، وتعرف الولايات المتحدة أن أيّ تصعيد مع إيران هو مستوى آخر من التصعيد، لذلك تلجأ للتفاوض والمساواة في القضايا المختلفة بحسب ما ذكره شقير.
وفي سياق حرب إسرائيل على غزة أوضح الدكتور فراس إلياس أن إيران تعرف أن الانخراط في الحرب وتوسيع دائرة الصراع لن ينعكس سلباً فقط على مستقبل حماس بعد الحرب، بل على النفوذ الإيراني عموماً؛ لأنها تدرك أن البقاء في معادلة العنف في الشرق الأوسط يحصر نفوذها.
كما أشار إلياس إلى أن سيناريوهات ما بعد حرب إسرائيل على غزة تبقى مفتوحة وربما يتم طرح حلّ سياسي لإنهاء هذه الحرب ويدمج إيران في هذا الإطار، وكان واضحاً في الخطاب الإيراني مؤخراً التلميح بإمكانية انخراط طهران بالحلّ السياسي بعد محادثات عديدة في دول مختلفة أجراها وزير الخارجية الإيراني.
ونوّه إلياس بأن إيران غيّرت من سياستها من الاندفاع إلى الدفاع المتراجع للحفاظ على نفوذها وعدم المغامرة بتدخُّلات إقليمية يمكن أن تنعكس سلباً على النفوذ الإيراني والذي من الممكن أن تستغله الولايات المتحدة الأمريكية مستقبلاً.
وعن الرؤية السياسية الأمريكية للدور الإيراني رأى إلياس أنه لا يوجد إستراتيجية واضحة للتعامل مع الحالة الإيرانية في منطقة الشرق الأوسط، خصوصاً بعد مقتل قاسم سليماني والتحوُّلات في الموقف الأمريكي المقبلة على تغيير سياسي.
وحول الاتفاق النووي الإيراني وفرص عودته، بيَّن إلياس أنه لا تصوُّر واضح للعودة للاتفاق النووي حتى الآن، وربما تتم على شكل تفاهُمات في ملفات أخرى منها ملفّ الأسرى والصواريخ الباليستية والعقوبات وآخِرها العودة للاتفاق النووي.
وتعليقاً على طبيعة العلاقة بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية، نوه الدكتور محمد سالم إلى أن حالة النَّسَق الدولي كانت دائماً عاملاً مؤثراً في العلاقات الإيرانية الأمريكية، حيث أثّر النسق الدولي ثنائي القضية في تمرير صفقة صعود الخميني للسلطة بعد الثورة الإيرانية خوفاً من سقوط إيران في براثن الشيوعية، وهو ما بدأت دينامياته بالعودة على اعتبار أننا نشهد تحوُّلاً طويل الأمد باتجاه عالم متعدد الأقطاب، حيث تحتاج الولايات المتحدة لإيران لضبط المنطقة وخلق التوازُنات، وإبعادها -ولو جزئياً- عن روسيا والصين.
كما يرى سالم أن السياسة الداخلية تلعب دوراً مهماً أيضاً في شكل العلاقة بين البلدين، كوجود الجمهوريين في الولايات المتحدة، والذين يميلون للتشدد مع إيران، خاصة في حال وجود المحافظين في إيران، على عكس وجود الديمقراطيين، الذين يميلون إلى الحلول الدبلوماسية مع إيران، ويتضاعف في عهدهم تأثير اللوبي الإيراني، خاصة في حال وجود الإصلاحيين في سُدّة الحكم في إيران.
وأضاف سالم أنه على مدى سنوات طويلة منذ اندلاع الثورة الإيرانية، لم يكن هناك تصادُم كبير مباشر بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية، وإنما حدث الكثير من المناوشات العسكرية غير المباشرة والتوتُّرات السياسية التي لم تتسع لتشمل صراعاً أو حرباً بين الطرفين، مما يُرجِّح بقاء ذات الديناميات، فلا يُتوقَّع حدوث أيّ تصادُم كبير بين الطرفين.
وحول المكاسب من حرب إسرائيل على غزة أوضح سالم أنه لم تتضح معالم المكاسب من هذه الحرب، ولن تتبلور حتى نهاية المعركة لغاية تحقيق الأهداف المعلنة لأي طرف من أطراف الصراع، لكن من الواضح أن إيران تستثمر بشكل كبير في إعادة ترميم صورتها وقوتها الناعمة من خلال إظهار التأييد والتضامن مع الفلسطينيين، وهو ما يؤثر على عدد من النُّخَب في الشارع العربي.