العلاقات "الصينية-الروسية" على وقْع الحرب في أوكرانيا

العلاقات "الصينية-الروسية" على وقْع الحرب في أوكرانيا

2023-03-23
1186 مشاهدة

قام الرئيس الصيني شي جين بينغ بزيارة إلى موسكو، هي الأولى منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، والأولى بعد انتخاب شي رئيساً للصين لولاية ثالثة، وبعد أقل من شهر على إطلاق الصين مبادرة للسلام في أوكرانيا.

ووجه الرئيس الصيني خلال تواجده في موسكو دعوة إلى نظيره الروسي لزيارة بكين هذا العام. كما ينوي شي أن يعقد بعد عودته إلى الصين لقاء افتراضياً مع الرئيس الأوكراني.

ورغم رفض الصين حتى الآن إدانة الغزو الروسي، والاكتفاء بتسميته بـ "العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا"، والتأكيد على تقديرها للمخاوف والمصالح الروسية، إلا أن الصين في الواقع اتخذت حتى الآن موقفاً أقرب للحياد في هذه الحرب، فهي لم تقم بتزويد موسكو بالسلاح حتى الآن، كما التزمت إلى حد كبير بالعقوبات الغربية على روسيا.

وفي سعيها لخلق عالم جديد متعدد الأقطاب دولياً، تدرك الصين أن خروج روسيا منتصرة سيُضعف وضعها في مواجهة حليفتها روسيا، وسيضعها خلف روسيا وليس بموازاتها، وفي ذات الوقت فإن هزيمة روسيا تعني انهيار مشروع العالم متعدد الأقطاب، وفقدان الصين لحليف مهم وحيوي في صراعها مع الولايات المتحدة، وبالتالي وقوف بكين وحدها في مواجهة المنظومة الغربية.

وللخروج من هذا المأزق، تبحث الصين عن طريق جديد يُمكن أن يحمي روسيا من خسائر موجعة، دون أن يعني ذلك تقديم انتصار لها، بحيث تخرج روسيا من الحرب دون انكسار ودون نصر، وأن تتموضع بعد الحرب في موقع تدرك فيه تفوق الصين، دون نزاعات على النفوذ في منطقة آسيا الوسطى أو منطقة شرق آسيا.

ولا يبدو، حتى اللحظة أو في المستقبل المنظور، أن الرغبة الصينية قابلة للتحقق، وعلى الصين منذ الآن بناء مقارباتها على أساس أنها بلا حلفاء حقيقيين في أي أزمة سياسية وعسكرية مع المنظومة الغربية فيما يتعلق بالقضية التايوانية.

كما أن على الصين التأقلم تدريجياً مع فكرة ضرورة تغيير طبيعتها السياسية الدولية، والعمل على تحول سلوكها السياسي الدولي من دولة منطوية إلى دولة منفتحة سياسياً، إذا ما أرادت أن تأخذ مساحة أوسع في اللعبة الدولية، فما تحدثه الصين اليوم من اختراقات على المستوى الدولي لا يمكن أن يستدام ما لم تستخدم أدوات أكثر انفتاحاً، وتغادر حالة اللا موقف من قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان، وهو ما يبدو صعباً تحققه، ويشكل قيداً حقيقياً على رغبة الصين في القيام بأدوار متقدمة على مستوى السياسة الدولية.

ما يمكن قوله أن الصين مقيدة اليوم في قدرتها على الساحة السياسية الدولية بتصورها عن ذاتها، وعدم قدرتها على التعامل مع مخيال جديد، فصلابتها التي تبدو أنها عنصر قوتها، هي ذاتها عنصر ضعفها، لأنها تمنعها من إحداث التغييرات الضرورية التي تساعدها على الانفتاح على العالم ولعب أدوار أكثر حيوية، لشعور منظومة الحكم في بكين أن أية ليونة قد تبديها الصين ستؤدي إلى تقويض النظام نفسه، وهي إشكاليات منظومات حكم كثيرة، ولكن التاريخ يخبرنا أن هذه المنظومات أمامها خياران لا ثالث لهما، إما التحلل من القيود وقيادة الانفتاح ذاتياً أو الانكسار والسقوط، وعلى قادة بكين أن يختاروا بين الخيارين، وأية محاولة لبناء مقاربة أو خيار ثالث ستستهلك الوقت دون أن تحقق أية نتائج فعالة.