قراءة في نتائج الانتخابات النيابية في العراق
2025-11-1683 مشاهدة
أسفرت الانتخابات النيابية العراقية التي أُجريت في 11 نوفمبر 2025 عن تقدُّم كبير لائتلاف الإعمار والتنمية الذي يتزعمه رئيس الحكومة العراقي الحالي محمد شياع السوداني، ونجح في التفوق منافس له من الشخصيات السياسية الشيعية بفارق 15 مقعداً نيابياً، حيث حصد السوداني 45 مقعداً، مقابل 30 لنوري المالكي.
على مستوى القُوى السُّنية تفوق تحالُف تقدُّم بزعامة محمد الحلبوسي على جميع التحالفات والأحزاب السُّنية الأخرى بمَن فيهم تحالُف السيادة الذي يتزعمه خميس الخنجر، وحقق قُرابة 36 مقعداً، ليحلّ في المرتبة الثانية بعد القائمة التي يتزعمها السوداني.
أظهرت النتائج ارتفاع رصيد الأحزاب والتيارات التي تبنَّت في السنوات الأخيرة خطاباً أقرب للمصالح الوطنية العراقية سواء ضِمن الأوساط الشيعية أم السُّنية، فقد قدم السوداني نفسه منذ عام 2023 حتى تاريخ إجراء الانتخابات أنه قائد توجُّه تحييد العراق عن المواجهة بين إيران وإسرائيل، وأعطى مؤشرات عديدة للداخل العراقي أنه يبحث عن توسيع هوامش العراق بعيداً عن ارتباط قوى الإطار التنسيقي التي ينتمي لها، والمعروفة بقربها الكبير من سياسات طهران.
من جهة أخرى، فإن الحلبوسي ورغم نبرته المرتفعة بالدفاع عن حقوق المكوِّن السُّني العراقي، بقي ملتزماً بالخطّ الوطني، كما أن منافسه الخنجر مهدَّد بإمكانية إقصائه عن الحياة السياسية بذريعة تطبيق قانون اجتثاث حزب البعث، حيث يواجه الخنجر اتهامات بانتمائه للبعث، وهذا ما دفع المكوِّن السُّني فيما يبدو للمراهنة أكثر على الحلبوسي.
وكما كان متوقَّعاً، فقد تفوق الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمه مسعود البارزاني على باقي الأحزاب والقُوى السياسية الكردية العراقية، وحقق 26 مقعداً نيابياً بفارق الضِّعْف عن منافسه الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة بافل طالباني.
تعكس نتائج الانتخابات العراقية أيضاً تراجُع شعبية القُوى السياسية التي ارتبطت في الحقبة الماضية بإيران، والحديث هنا عن المالكي والكتل السياسية المنبثقة عن فصائل عسكرية، بالإضافة إلى الوطني الكردستاني، مما يوحي بأن الناخب العراقي يبحث عن أحزاب وقيادات قادرة على النَّأْيِ بالعراق عن الارتباط بإيران، في ظلّ ما تعانيه الأخيرة من تراجُع بالنفوذ الإقليمي، واحتمالية تجدُّد المواجهات بينها وبين إسرائيل.
ينتظر العراق في المرحلة المقبلة جولات من المباحثات والنقاشات بين القوى السياسية من أجل تشكيل الحكومة الجديدة، وعلى الرغم من امتلاك السوداني لفرص كبيرة لكي يبقى في منصبه رئيساً للحكومة لفترة جديدة، لكن قد لا تكون هذه المرحلة سهلة في ظلّ توجُّس الفصائل المسلحة المنضوية ضِمن الحشد الشعبي من هذه النتائج، والمؤشرات التي ظهرت قبل الانتخابات على التباعد بينها وبين رئيس الحكومة السوداني الذي أكد مراراً حرصه على حصر السلاح بيد الدولة العراقية فيما بدَا وكأنه استجابة لسياسات إدارة ترامب الأمريكية.
بناءً على ما سبق، قد نشهد محاولات لعرقلة جهود تشكيل الحكومة من قِبل السوداني، من جهة أخرى فإن المشهد العراقي مُنفتِح بشكل كبير على التدخلات الخارجية.




