ما وراء طرد الدبلوماسيين الإماراتيين من السودان؟

ما وراء طرد الدبلوماسيين الإماراتيين من السودان؟

2023-12-12
1053 مشاهدة


في يوم الأحد الماضي، 10 كانون الأول/ ديسمبر 2023، وفي تطوُّر لافت، طلب السودان من 15 دبلوماسياً إماراتياً مغادرة السودان بعد صدور اتهامات مباشرة وصريحة من مستويات عُليا في الجيش السوداني بدعم الإمارات لقوات الدعم السريع التي تقاتل ضد الجيش السوداني. حيث اتهم عضو مجلس السيادة، الفريق ياسر عطا، في 28 من الشهر الماضي، أبو ظبي بمساعدة قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (الملقب بحميدتي) في حربها ضد الجيش السوداني. وعلى الرغم من أن هذا الدعم لم يكن خفياً سابقاً، إلا أنه يبدو أنه وصل إلى مستوى عالٍ، خاصة بعد أن كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية في شهر آب/ أغسطس الماضي أن الإمارات أرسلت طائرة شحن محملة بالأسلحة والذخيرة إلى قوات الدعم السريع، في الوقت الذي كانت تُظهر الوثائق الرسمية أن الطائرة تحمل مساعدات إنسانية إماراتية إلى اللاجئين السودانيين، ويبدو أن الخُطوة السودانية تمثل تصعيداً محدوداً ومحسوباً، ويهدف إلى إظهار مدى انزعاج الحكومة السودانية واحتجاجها على زيادة نشاط الإمارات في دعم قوات الدعم السريع.

وتمتلك الإمارات علاقات خاصة مع قوات الدعم السريع بقيادة حميدتي، بما في ذلك العلاقات الاقتصادية، حيث تقوم قوات الدعم السريع بالسيطرة على مناجم الذهب في دارفور وتصدير نسبة كبيرة منها إلى الإمارات، تبلغ قيمتها حوالي 16 مليار دولار سنوياً.

كما تحرص الإمارات على نفوذ لها في السودان وعموم إفريقيا، خاصة في موضوع النقل والموانئ، حيث تسعى الإمارات إلى إيجاد بدائل اقتصادية والتحضير للتعامل مع التغيُّرات التي ستنتج عن التحوُّل نحو موارد الطاقة البديلة كبديل عن النفط بشكل تدريجي. يُضاف إلى ذلك اهتمام الإمارات بالسودان فيما يتعلق بقضايا الأمن الغذائي، وباعتباره أيضاً مُطِلّاً على البحر الأحمر ذي الأهمية الإستراتيجية للتجارة الدولية.

وقد ردت الإمارات بطرد ثلاثة دبلوماسيين سودانيين في خُطوة بدت محاولة للردّ على الخطوة السودانية، لكن دون تصعيد كبير، ومن المرجَّح ألا يتصاعد التوتُّر بشكل كبير أو ينتهي للقطيعة بين الطرفين على الرغم من توقُّع استمرار دعم الإمارات لقوات الدعم السريع، نظراً لوجود علاقة بين الحكومة السودانية ومصر، حيث تميل الحكومة المصرية إلى دعم الحكومة السودانية، وبدورها تحاول مصر المحافظة على العلاقة مع الإمارات وضبط إيقاع التوتُّر ضِمن حدود معينة تمهيداً لإيجاد حلول تحافظ على مصالح مختلف القُوى المحلية والإقليمية، والذي يقتضي غالباً الاعتراف بالمصالح الإماراتية ووكلائها المحليين من قوات الدعم السريع، واحتوائها ضِمن مؤسسات الدولة السودانية، وهو ما كان عليه الوضع قبل اندلاع الاشتباكات الأخيرة، خاصةً في ظلّ استمرار الحرب طويلاً دون قدرة أيّ من الطرفين على حسمها.