حِقبة جديدة من العلاقات الأمريكية التركية

حِقبة جديدة من العلاقات الأمريكية التركية

2025-03-26
151 مشاهدة

كثفت الإدارتان الأمريكية والتركية منذ منتصف مارس 2025 الاتصالات، التي فيما يبدو أنها ستؤسس لحِقبة جديدة من العلاقات والتعاون بين واشنطن وأنقرة. 

يدور الحديث حالياً في أوساط البيت الأبيض عن تسهيل بيع طائرات مقاتلة من طراز F16 التي يحتاجها الجيش التركي لتحديث أسطوله الجوي، وهذه الصفقة عطلتها الإدارة الديمقراطية السابقة على الرغم من موافقة الكونغرس الأمريكي عليها منذ مطلع 2024. 

وبدَا لافتاً امتناع الإدارة الأمريكية الحالية من التعليق على توقيف رئيس بلدية إسطنبول الكبرى أكرم إمام أوغلو المنتمي لأكبر حزب معارض تركي (حزب الشعب الجمهوري) على خلفية تهم فساد وابتزاز لرجال أعمال، حيث أكدت الخارجية الأمريكية أنها لا تتدخل في شؤون الدول الأخرى الداخلية، مما يعكس رغبة واشنطن بفتح مسار إيجابي مع تركيا. 

في الواقع، يوجد الكثير من الملفات التي تجعل من تركيا خياراً رئيسياً لإدارة ترامب من أجل التعاون معها، أولها إتاحة المجال للإدارة الأمريكية بتنفيذ "انسحاب منسق" من سوريا، لا يترك فراغاً أمنياً يمكن لتنظيم داعش استغلاله، بالإضافة إلى التنسيق المشترك لمنع عودة النفوذ الإيراني إلى سوريا، وتقليصه في العراق أيضاً. 

من الممكن أن تساهم تركيا بفعالية في اتفاق وقف إطلاق النار بين أوكرانيا وروسيا، الذي ترغب إدارة ترامب بتحقيقه. 

على الأرجح فإن إدارة ترامب التي تعطي أولوية للمواجهة الاقتصادية مع الصين، تريد أن تفتح صفحة علاقات جديدة مع أنقرة بعد حقبة من التوتر، بهدف ضمان تعاوُنها لتقليص النفوذ الاقتصادي للصين في الشرق الأوسط وأوروبا، باعتبار تركيا ممراً مهماً بين الصين وأوروبا. 

تحسن العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة سيساهم إلى حد كبير بتقليص الدعم الأمريكي لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) ويدفع الأخيرة للاندماج أكثر ضمن الدولة السورية، وإنهاء الحالة العابرة للحدود التي تمثلها بالامتداد إلى جبال قنديل في العراق، خاصة وأن قيادة العمال الكردستاني في قنديل ذاتها ستتعرض للمزيد من التضييق نتيجة الضغوطات الأمريكية على العراق لفصله عن نفوذ إيران. 

عموماً، يمكن القول: إن الأولويات الاقتصادية لإدارة ترامب ستدفعه للتعاون بشكل أكبر مع فاعلين في الشرق الأوسط مفيدين لهذه الرؤية مثل تركيا والمملكة العربية السعودية، وبالتالي لن تكون المصالح الإسرائيلية هي المحدد الوحيد لسياسات واشنطن في المنطقة.